[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]صالح بن عواد المغامسي[/COLOR][/ALIGN]
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى له الملك كله وله الحمد كله وإليه يرجع الأمر كله \” إِلَيْهِ يُر َدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْر ُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تحَْمِلُ مِنْ أُنثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَي َوْمَ ي ُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ \” وأشهد أن لا إله إلا الله لارب غيره ولا إله سواه لواء وشعار ودثار أهل التقوى وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله بلغ عن الله رسالاته ونصح له في برياته رفع الله له ذكره وشرح الله له صدره ووضع الله عنه إزره وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره اللهم صلي وسلم وبارك وأنعم عليه اللهم وعلى آله الأخيار وأصحابه الأبرار وعلى من سلك مسلكهم واقتفى آثارهم إلى يوم تتقلب فيه القلوب والأبصار ، أما بعد أيها المؤمنون فهذه بشائره قد أطلت وهذه أنواره قد حلت شهر ولات الشهور شهر أوجب الله صيامه وشرع الله قيامه نصر الله فيه جنده وأنزل الله فيه كتابه وأعز الله فيه الإسلام وأهله .
إن رمضان شهركم أهل الإسلام وفخركم يا أمة القرآن قدمتم اليوم تتساءلون عن حال المسلم فيه وتتساءلون ماينبغي أن يكون عليه المؤمن في نهار رمضان ولياليه .
وهل حال المسلمين في رمضان إلا قلوب مشتاقة ودموع مُهراقَه وأعين إلى لقيا ربها جل جلاله مشتاقة حال المسلمين في رمضان دعاء وصلاة صدقات وزكاة حال المؤمنين فيه توبة واستغفار وتهليل وذكر للواحد القهار وسير على منهج وهدي سيد الأخيار صلوات الله وسلامه عليه .
لقد شرع الله لكم صيام رمضان وقيامه وللمؤمنين مع هذا الشهر أحوال خاصة ينجيهم الله بها ويرشدهم الله إليها ويجزيهم تبارك وتعالى عليها فأول ماينبغي علمه أن يعلم المؤمن أن أعظم أحوال المؤمنين مع رمضان التدبر والتفكر في عظمة الخالق جل جلاله فكم مر على من كان قبلنا من الناس رمضانات عديدة وأزمنة مديدة منذ أن خلق الله آدم إلى اليوم وسيبقى الأمر كذلك إلى قيام الساعة سنن لا تتبدل وصبغة لا تتغير تنبئ عن عظمة الجبار وعن عظمة وملكوت الواحد القهار إِنَّ رَب َّكُمُ اللهُّ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ ي َطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الخَْلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُّ ر َبُّ الْعَالمَِينَ \” فسبحان مصرف الليالي والأيام ومكور الليل والنهار اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه .
ألا وإن من أحوال المسلم في رمضان أن يعلم يقينا أن هذا الشهر الكريم مظهر من مظاهر رحمة الله تبارك وتعالى بعباده ففيه ترفع الدرجات وتكفر السيئات وتضاعف الحسنات وتفتح أبواب الجنات ففي المسند من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \” أعطيت أمتي في رمضان خمس خصال لم تعطهن أمة من الأمم قبلها خلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا ويزين الله لهم كل يوم جنته يقول يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المئونة والأذى ويصلوا إليك وتصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصون في رمضان إلى ماكانوا يخلصون إليه في غيره ويغفر لهم في آخر ليلة قيل يارسول الله أهي ليلة القدر ؟ قال : لا إنما يوفى الأجير أجره إذا قضى عمله \” ففي رمضان تتجلى رحمات رب العالمين جل جلاله أيام معدودات كم فيها من النفحات الربانية وكم فيها من الرحمات الإلهية فقل للمعرضين عن الله ورحمته من سيُآنس غدا في القبور وحشتكم ومن سيرحم غدا تحت الثرى غربتكم اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه .
وكما شرع الله لكم صيام رمضان ندبكم ربكم جل وعلا إلى جملة من الأعمال الصالحة من نوافل الطاعات التي هي في رمضان أوكد وأعظم أجرا ولعل أظهر ذلك أن الله تبارك وتعالى جعل لليل مزية على النهار فأسرى الله جل وعلا بنبينا إلى المسجد الأقصى ليلا ونجى الله موسى وقومه ليلا ونجى الله لوطا وبنتيهما مع فلق السحر وقيام الليل أمر مندوب إليه في رمضان وفي غيره وَالَّذِينَ ي َبِيتُونَ لِرَب ِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً وَالَّذِينَ ي َقُولُونَ رَب َّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً إِنَّهَا سَاءتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً \” أما قيام رمضان فقد قال صلى الله عليه وسلم :\”من قام رمضان إيمانا وإحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه \” ولقد سن لكم نبيكم صلى الله عليه وسلم أنه خرج في أول ليلة من رمضان فصلى فصلى وراءه جمع من الصحابة فلما كان في اليوم الثاني اجتمعوا عليه أكثر ثلاث ليال أو أربع وكان من حدبه وشفقته صلى الله عليه وسلم على الأمة خاف أن يفرض عليها قيام ليل رمضان فامتنع عن الخروج وقال لهم علمت الذي صنعتم ولكني خفت أن تفرض عليكم ثم مكث الناس بقية عهد النبوة وفي عهد الصديق يصلون أرسالا وفرادا وجماعات حتى كانت في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فأمر أبي بن كعب وتميم بن أوس الداري رضي الله تعالى عنهما أمرهما أن يصليا بالناس إحدى عشر ركعة ثم مضت صلاة التراويح سنة مرضية منذ ذلك العصر الراشد إلى يومنا هذا فقيام رمضان أيها المؤمنون تراويح و غيرها من أعظم القربات وأجل الطاعات كما أن قيام العشر الأواخر منه أعظم أجرا وأكثر فضلا لأن فيها ليلة توازي عبادتها عبادة ألف شهر قال جل جلاله إِنَّا أَنز َلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ \” اللهم بلغنا رمضان وأعنا على صيامه وقيامه .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *