اشتعال الأسعار ..في شهر الخيرات
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]فهد بن محمد علي الغزاوي[/COLOR][/ALIGN]
يحل علينا شهر الصوم والغفران والرحمة بعاداته وبهرجته وروحانيته في أسواقنا وبيوتنا ومساجدنا يدخل الشهر القرآن علينا وقد افتقدنا أعزاءً علينا لم يدركوا هلال شهر الرحمة والغفران .فقد سبقتهم المنية الإلهية وتركوا عادات لهم حسنة وصدقات جارية .وأبناء يطبقون وصية أوصوا بها أو صدقة جارية على أرواح موتاهم نعيش لنترحم اليوم على أولئك الآباء والأمهات والأجداد .
في الشهر الكريم تفتح أبوا ب البيوت وتعمل الموائد الرمضانية وتفرش السفر في ساحات المساجد ففي كل مسجد تقف عنده تجد ما يغنيك عن الذهاب لأفضل المطاعم .فهذه البيوت العامرة بأهلها ونسائها تعمل مطابخها في سرية تامة لإطعام الفقراء والعمال الذين ليس لهم عائل أو معين أو نساء أو بيوت لعمل ما لذ وطاب من المأكولات الرمضانية الشهيرة التي تتميز بها كل منطقة من مناطق مملكتنا العزيزة وكذلك الحلوة الرمضانية التي تعوض الجسم ما فقده من السكريات طيلة صيام اليوم ..وقد عرفت بعض البيوت بهذه المنطقة بشراء الأرزاق المتنوعة مثل الأرز والسكر والدقيق والحب والبقوليات ..إلخ .يجمعونها ويشكلون منها باقة متنوعة من الأرزاق لتهدى للعوائل والأسر القريبة الفقيرة والمحتاجة لعدم إمكانية توفيرها من قبل تلك الأسر المحتاجة وتتنوع وسائل العطاء وتقديم المساعدات للمحتاجين وتوصيلها لتلك البيوت دون أن يعرف ممن أرسلت دون منه أو فخر أو تعالٍ هذا ما عشناه وعرفناه في أسرنا وأسر مكة المكرمة .وتتبع هذه الأيام العشرة \” الوسطى \” من شهر رمضان شهر القرآن لتقدم الأسر الميسورة أنواعاً من القماش وأشكالاً من الملابس الجاهزة أو بعضاً من المال للبيوت المحتاجة حيث لم تكن هناك جمعيات خيرية .ولكن هناك قلوب رحيمة توجس الواجب عليها وتتوخ وتحتسب الأجر من الله تعالى .
فالإيمان بإخراج الزكاة والصدقات كانت صفة مميزة بمجتمعنا المكي وهذا ما نسميه اليوم \” بالتكافل الاجتماعي \” فقد عرفته الأسر منذ القدم ولكن ما يؤسف له اليوم وفي هذا العام بالتحديد ارتفاع الأسعار الذي اشتعل منذ حلول هذا الشهر الكريم حيث يقف ارتفاع الاسعار حائلا دون استمرار أعمال البر والاحسان ..لأن الأسعار ارتفعت ارتفاعاً ملحوظاً تلمسه في البقالات والسوبرماركت وعند اصحاب الجملة من التجار وأصبحت الأسر تنفق أكثر من ٪١٠٠ من دخلها لشراء احتياجات شهر رمضان المبارك أما الموظفون والمتقاعدون خصوصاً وأصحاب الدخل المحدود فينفقون أكثر من رواتبهم ويزيدون عليها بالقروض أكثر من رواتبهم لسد احتياجات هذا الشهر الكريم ، فاشتعال الأسعار جعل كثيرا من الأسر عاجزة عن توفير احتياجات الشهر .
إننا نتمنى الحد من الجشع ولو بصورة استثنائية أيضا في هذا الشهر الكريم .حتى يأنس المواطن ويدرك احساس المسئولين به للتعاون والتكافل وفضل هذا الشهر الكريم على الأمة الإسلامية .فشهر الرحمة يقتضي من الجميع التعاون على الخير والبر وتقديم المساعدات للمحتاجين من فقراء هذا البلد الكريم .
فما أن تطل تباشير الشهر الكريم حتى تنطلق التحضيرات في أسواقنا وكذلك \” السوبرماركت \” على قدم وساق .في حين تبدأ محلات الجملة في عرض المزيد من المواد الغذائية وبعضاً من المشروبات التي يكثر الطلب عليها في رمضان وهذا بالطبع يؤدي إلى ارتفاع جنوني في اشتعالها .في حين يباشر الناس حملات التسويق والشراء استعداداً للقاء الضيف الكبير القادم ..ومما يزيد الطين بلة ..إرهاق ميزانية المواطن بندرة الماء وغلاء اسعاره وشراء الصهاريج من السوق السوداء بأسعار باهظة التكلفة فضيق اليد جعل المواطن العادي يقف موقف المتفرج أمام هذه الزيادات الباهضة التكلفة والجهد ولم يعد شهر الخيرات يقدم علينا كما كان بالأمس .فاليوم يعيش المواطن مقولة مأثورة نرددها دائما \” يايدي فكي حلقي \” وذلك من كثرة الاختناقات والأعباء والمسئوليات التي يعيشها من خلال تكلفة الحياة التي اصبحت تشكل أعباءً كثيرة في حياتنا المعيشية .
وفي منتصف شهر الخيرات تتحول اهتمامات الناس وعاداتهم للاستعداد لقدوم عيد الفطر المبارك وتوفير احتياجاته من كسوة جديدة ونزهة ودعوات عائلية ..ولكن هذا العام لا أعلم كيف يصل المواطن لتحقيق مسئولياته وواجباته الأولية في ظل هذا المستوى من ارتفاع الأسعار ؟ !
إلى جانب أن هناك مصاريف رمضانية إضافية في شهر رمضان شهر التواصل العائلي فدائماً ما تجتمع الأسر على سفر رمضانية تحلو فيها الاجتماعات الأسرية والعالية والسهرات الرمضانية والزيارات المتبادلة .وهناك أيضا مقولات مأثورة قديمة عرفها القدماء منا وهي أن العشر الأولى من شهر رمضان للجزارين .والعشر الثانية الوسطى للقماشة .والعشرة الأخيرة كما يقولون للخياطة .وفعلاً نعيش هذا الشهر الكريم ثلاث مراحل من أحلى مراحل شهور السنة لأنها تتجدد فيها اللقاءات والتغيرات وتتجلى الروحانية والعبادة والزيارات والتواصل فتحقيق المساعدة في هذا الشهر إما بالزيارة وإما بالمساعدة الذاتية أو من خلال بذل المال .فجمعة سفرة رمضان لا يحلو ولا يعلو لا عليها شيء فهي جمعة الأحباء والأبناء والأقارب لتناول طعام الافطار مع بعضهم البعض .ومن هذا المنبر نرفع التهاني والتبريكات إلى خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وفقهم الله راجين الله عز وجل أن يعيده على وطننا وأمتنا بالعزة والسؤدد .ويديمنعمه علينا نعمة الأمن والرخاء والازدهار .
التصنيف: