وعادت لماربيا ابتسامتها « ٣ »

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد بشير علي كردي[/COLOR][/ALIGN]

وتتوالى لقاءات الجيران في مدريد والصحب القادمين من المملكة على تراس البيت في ماربيا، وتسأل رشا عن منتدى اصيلة الثقافي الذي استضاف الأمير العاشق لماربيا فحرمت من أخذ صورة تذكارية مع سموه .أجابهاأبو أنس بأنه منتدى أدبي يعود الفضل في تأسيسه ومواصلة نشاطه إلى ابن أصيلة السياسي الأديب محمد بن عيسى، الذي نقل قريته الساحلية القريبة من طنجة، من قرية مغمورة تفتقر إلى أدنى متطلبات الحياة العصرية، إلى عاصمة للثقافة والحوار، تختال بطرقاتها المعبدة، ومساكنها الأنيقة، عندما دعا إليها العديد من الأدباء العرب والافارقة وحتى الأمريكيين ليلتقوا ويتعارفوا ويقدموا ما أنتجه يراعهم من نثر وشعر يعالج قضايا شعوبهم، وبهذا انتقلت أصيلة من قرية يتوقف في عششها المطلة على المحيط المسافرون للتمتع بوجبة طعام من خيرات البحر مع فنجان شاي أخضر بالنعناع إلى قرية يتحدث أبناؤها عن الأدباء الذين شاركوا في المنتديات السابقة وعن إبداعاتهم والقضايا التي كانت محور نثرهم وشعرهم، يعرفون الشخصيات التي زارتهم ويقيمون انتاجهم الفكري، ويعلقون الكثير من الآمال على تقارب أهل الشمال من أهل الجنوب لتوفير حياة كريمة للمحرومين، وتفهم أفضل لقضايا أهل الجنوب عند أهل الشمال .
وتساءلت رشا عما إذا كانت هذه التظاهرة الأدبية في عالمنا العربي مقتصرة على أصيلة؟ فجاء الرد بأن مهرجان الجنادرية في المملكة العربية السعودية يقابل منتدى أصيلة بعطائه الفكري ويزيد عنه في عرضه للتراث، وللفنون الشعبية، وللمهارات اليدوية للسلع التقليدية التي تصنع خلال ايام المهرجان .واستمرت في التساؤلات إلى أن أجيبت بأن سوق عكاظ قبل ظهور الاسلام في جزيرة العرب هو أقدم هذه المنتديات، ولا تزال أعمال أدباء الجاهلية من رواد سوق عكاظ حية إلى اليوم تدرس في المدارس والمعاهد والجامعات .
وفي الأمسية السابقة نقلت رشا للحضور حديث مجتمع ماربيا من أسبان وسواح أجانب عن حفل عرس عربي أعاد للذاكرة ما تنقله القصص عن ليالي ألف ليلة وليلة .تقول إن البعض يقدر الحضور بألف وخمسمائة مدعو ومدعوة قدموا من المملكة والدول المجاورة لها، والبعض الآخر يرفع العدد إلى ثلاثة آلاف، وأنهم أقاموا أكثر من حفل، وحجزوا بالكامل واحدا من أرقى وأكبر النوادي الليلية علاوة على المطعم المطل على البحر والمعروف بجمال حديقته وسعتها الذي أقيم فيه حفل الزواج، وتساءلت رشا عن تكلفة حفل كهذا، فقد سمعت من البعض أن معدل ما تحمله أصحاب الدعوة عن المدعو الواحد خلال أسبوع الفرح لا يقل عن ألف يورو، وأن ما صرفه المدعو عن الاقامة في الفندق ووجبات الطعام والشراب لا تقل عن خمسة آلاف يورو، واننا لو أخذنا بالاعتبار قيمة الهدايا المتبادلة ومصاريف الخدم والمرافقين وتذاكر السفر لوجدنا أن التقدير الأدنى لتكاليف هذا الحفل قد تجاوز السبعة ملايين يورو، وهو مبلغ لا يستهان به في زمن الغلاء الذي يعم العالم وشكوى أغلبية مواطني بلدانهم من ضيق ذات اليد .لم يجد صاحبي من المملكة أي تبرير لهذا البذخ على حفل زواج يعلم الله إن كان سيستمر ويأتي بالبنين والبنات، أو يكون كسابقيه من حفلات الزواج الفخمة التي لم تعمر طويلا .
وسمعت أحد الحضور يدندن بأغنية \” عالبساطة البساطة \” للصبوحة، عميدة مطربات لبنان والعالم العربي صباح، ونقل أحدنا ـ وهو عائد لتوه من بيروت حيث حضر حفل عرس لصديق ـ بأن صالات بيروت والجبل للحفلات محجوزة بالكامل خلال هذا الشهر لحفلات زواج، العدد الأكبر منها لعرب من دول مجلس التعاون الخليجي الذين رغبوا بأن يعبروا في هذا الاختيار للمكان عن فرحتهم بخروج لبنان من أزمته السياسية، وعن ثقتهم بأن لبنان في طريقه لاستعادة ما سلبته الحروب والفتن الطائفية، ويستدل صاحبنا على رؤيته بإقبال الخليجين والمغتربين اللبنانيين على تملك العقارات في لبنان بحيث تضاعفت الأسعار في أقل من سنتين في حين تشهد تراجعا في اسبانيا والعديد من الدول الأوروبية، يقول لنا ذلك وهو يعض على اصبعه كتعبير عن الندم لتراجعه عن مشترى شقة على شاطئ بيروت الجنوبي كانت معروضة بأقل من اربعمائة ألف دولار وهي اليوم فوق المليون، وخفف أحد الحضور عليه بالقول : نصيبكم يصيبكم .وللحديث بقية بعون الله .
[ALIGN=LEFT]ماربيا في ١١ اغسطس ٢٠٠٨م[/ALIGN]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *