رؤية .. السعوديات ..ومرض العربيات !
٭٭في كل مرة أزور فيها مركزاً تجارياً، اصاب بذعر شديد من ضخامة اعداد المتسوقين، وما يحملونه من مشتريات ، بعضها ينوء بحملها أشداء الرجال، عندما تكون كل أسرة تدفع أمامها \” عربة \” ممتلئة عن آخرها ..وهو المشهد الذي لم أره في أي بلد عربي أو غير عربي من التي زرتها ..فهناك لا أكاد أصدق انني في مركز تجاري، وأشك في ذاكرتي ان كانت اللحظة ساعة نوم للناس هناك أم لا ..لكن عندما يأتي الجواب بأنها ساعة الذروة، أصاب بدهشة كبيرة، وأنا أقارن واسترجع الصورتين معاً، صورة ضخامة المشترين هنا ..وصورة ندرة الاعداد هناك؟ !!
٭ ٭السؤال الآن، ما الذي يدفع عددا كبيرا من بني جلدتنا هنا إلى الدخول في هذا الهوس الشرائي، الذي يفوق كل الأطر المتعارف عليها، ويخرج – بالتالي – عن حدود المعقول، وقد لا أبالغ إذا قلت إنه يصل إلى درجة السفه، نتيجة اهدار كل هذه الأموال على مشتروات، أظن أن أكثر من نصفها ليس من الأولويات المهمة في حياة كل أسرة !!
٭ ٭والواقع ان بعض التجار وكبار المراكز التجارية هنا قد فطن منذ وقت مبكر لهذه الشهوة في الشراء عند عدد كبير من الزبائن، فحاول أن يعزف على هذا الوتر حتى أقصى درجة، عندما صار يعرض لافتات تقول على سبيل المثال :\”حرصاً على سعادة زبائننا فقد قررنا تخفيض عدد من المعروضات في الايام من ٣٠ – ٢٥ من كل شهر هجري \”!!
وهذا الوقت بالذات – كما هو معروف – هو وقت صرف رواتب عدد كبير من الموظفين ، ومن خلال مثل هذه الاعلانات تحولت الحالة إلى ما يقترب من المثل الشعبي الدارج \” زاد الطين بلة \” وعندها تزيد جحافل المشترين، ممن ينقضون على رواتبهم التي للتو دخلت جيوبهم، فيصرفونها عن بكرة أبيها في هذه الايام الخمسة، ثم يظل بقية الشهر \” طفراناً \” ليس في جيبه سوى دراهم معدودة بالكاد \” تبل ريقه \”!!
٭٭أحد الذين أعرفهم من اصحاب المطاعم ذكر لي أن ذروة الازدحام لديه بالمطعم تكون مع قرب نهاية كل شهر، واوائل الآخر، بينما تتراجع الجموع المتدفقة على المطعم بقية الأيام، وهذه اشارة إلى أن هناك خللاً كبيرا عندنا في ثقافة الاستهلاك، بحيث أن أحدنا ما إن تكون محفظته عامرة بالمال، حتى يبادر من فوره إلى تبديدها خلال أيام قليلة، في أسلوب غير بعيد عما يفعله الصبيان إذا أخذوا بعض ريالات من آبائهم .. وهذا في الواقع اتجاه خطير، وخلل حتى في التفكير والتدبير وترتيب الأمور الشخصية للانسان، الأمر الذي يحتاج إلى جرعات توعوية تقدمها لهؤلاء مؤسسات المجتمع، وأولها المساجد، ومنابر الدعوة، وهيئات المجتمع المدني الأخرى .
٭٭هناك في الواقع أناس بيننا شارف العديد منهم على الوصول إلى مرحلة التقاعد، ولكنه ما زال يسكن بالايجار، وسياراته التي اشتراها تكون بالتقسيط، وفواتير الكهرباء والهاتف لا يتم تسديدها إلا عندما يصله الانذار النهائي، بل كم هي المرات التي قطعت عنه الكهرباء والهاتف نتيجة عجزه عن تسديدها، مع أن رواتب بعض هؤلاء جيدة، ولكنه عدم القدرة على \” ادارتها \” بحكمة، ونتيجة لضعف \” ثقافة الاستهلاك \” عنده .. ولأنه من النوع الذي \” يصرف ما في الجيب وربك هو العليم بالغيب \” وليس من النوع الآخر الذي يوفر الريال الأبيض لليوم الأسود !!
٭٭ويظن أمثال هؤلاء الغارقين في سفه الاستهلاك، أن غيرهم ممن امتلك قطعة أرض أو بيتاً صغيراً، أن ثروة من السماء هبطت عليه، فاشترى بها كل ما يملكه الآن .. وما درى ذلك العاجز البائس عديم التفكير أن اخوانه اولئك وفروا القرش فوق القرش، والريال فوق الريال، سنوات وسنوات، كانوا خلالها لا يعرفون سكة المطاعم ، ولا المراكز التجارية الفخمة، ولا فستان بالشيء الفلاني للمدام في كل عرس من الأعراس، ولا تبديل للفرش كل رمضان .. حتى أسسوا انفسهم بأنفسهم، ورتبوا أولوياتهم، وعرفوا المهم من الأهم ..
ثم بعد ذلك أقاموا ما يعرف بـ \” البنية التحتية \” لأنفسهم ، ثم بدأوا بعد ذلك رويداً رويداً في الفشخرة ، والفخفخة، والتجوال في المراكز المكيفة، والانعطاف للمطاعم الزاهية، فحققوا بذلك ما يمكن أن يُقال أنه الخطوة اخطوة إلى حيث بناء الذات، و \” تكوين النفس \”.
٭ ٭ولعلي هنا أذكر بشيء اراه في الواقع، وهو أن ترتيب وادارة ميزانية البيت لا بد وأن تكون في يد الرجل، لا في يد المرأة، لأن النساء في الغالب مفطورات على العاطفة، وحب المظاهر، والمباهاة والرغبة في التجمل، ما عدا عدد من النساء الحصيفات ..ولذلك فإن الرجل متى ادار ميزانية بيته بنفسه، فإنه قادر على ترتيب اولوياته بالشكل الصحيح ..أماإن تركها للزوجة فإن عليه أن يستعيض بالله، الا ما رحم ربك؟ !!
[email protected]
التصنيف: