[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد الله فراج الشريف[/COLOR][/ALIGN]

الابداع في طبيعته يتنافى مع ما هو سائد ومألوف، بدءاً من الابداع في الماديات، فكل المخترعات كانت ولا تزال مخالفة لما هو سائد ومألوف عند الناس، من أساليب العيش الممكن مادياً حين ظهورها، والإبداع في المعنويات أشد مخالفة لما هو سائد ومألوف وإلا لما لفت الأنظار إليه، ولما اعترف له الأذكياء بالتميز، وحتى في مجال العلوم النظرية المنسوبة للدين حينما ظهرت كانت مخالفة لما هو سائد – حينئذ من العلم المألوف، لهذا تعددت وتنوعت، ومن أعظم ما أصاب العلم الديني بضرر هو دعوى قفل باب الاجتهاد، الذي ادى الى الا يظهر مبدع فيه على مرِّ قرون، والمبدع في أي مجال يحمل من الأفكار ما لا يتناسب مع السائد المألوف عند الخاصة والعامة معاً، فإذا كان تيار السائد والمألوف قوياً لدى الخاصة، ويحركون به العامة، أدى ذلك ان يعيش المبدع في ما يشبه العزلة، لأن الهجوم – آنئذٍ – سيتوالى عليه، فيعيش في مكانه وبين أهله منفى مفروضاً عليه، قد لا يحسن معه التواصل مع محيطه، خاصة إذا كان مؤيدو السائد المألوف يقدسونه، ويرون كل مخالفة له خروجاً عن الدين، وكم نال العلماء المبدعون على مرِّ العصور الأذى من أجل هذا، وكثير من الناس يظن أن الابداع إنما يقتله سلطان جائر، وينسى أن السلطة الاجتماعية احياناً عبر العادات والتقاليد البالية تكون اكثر جوراً وعنفواناً في الظلم، من السلطة الجائرة الظالمة، وقد عملت السلطة الاجتماعية بجور اكبر مدى طويلاً في زمن الركود العربي والإسلامي، والذي ادى الى ان يرحل المبدعون عن عالمنا، ويجدون المناخ الملائم لابداعاتهم خارج اسوارنا، فإذا تعاونت السلطتان وكانتا جائرتين فإن الابداع يختفي تماماً من المجتمع الذي مني بهما، فالسلطة السياسية قد تفرض على المبدع ان يعيش في المنفى الخارجي، اما السلطة الاجتماعية فتفرض عليه ان يعيش في منفى داخلي، هو عليه اقسى وأمر، لأنه سيميت في نفسه الرغبة في الابداع، لهذا كان لا بد للمبدع من حراك مستمر حتى يتفادى كل منفى يفرض عليه، بمواجهة تكون احياناً مؤلمة قد يفقد فيها حياته، وما أكثر الحوادث التي تشير الى هذا في عالمنا العربي والمسلم عبر التاريخ، وهي في عصرنا الحاضر سمة بارزة، فمن لم يقتل من المبدعين حساً اغتيل بالتكفير، الذي يظهره زوراً عدواً لا للمجتمع ذي السلطة الاجتماعية القاهرة، بل عدواً للاله، ولا عزاء للابداع في عصر فقد اهله الطريق الى المستقبل، فأدعوا معي ان يرشد الله قومنا فيطلقوا الابداع من عقاله ليلحقوا بركب الحضارة المتفوقة فهو ما نرجو والله ولي
التوفيق .
[ALIGN=LEFT]ص . ب : ٣٥٤٨٥ جدة ٢١٤٨٨ فاكس ٦٤٠٧٠٤٣
[email protected][/ALIGN]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *