دولية

3700 معتقل ومقتل 3 تحت التعذيب.. شرعية كاذبة .. نظام الملالي يدفع بالسجناء والطلاب للتظاهر

طهران ــ وكالات

رغم الصورة المغلوطة التي يحاول النظام الإيراني تسويقها حول حقيقة الوضع في خضم الاحتجاجات ضده، إلا أن محللين يجزمون بأن النظام يسير بخطى حثيثة نحو الانهيار، على غرار الاتحاد السوفيتي.

وفي أقوى إشارة على خلخلة انتفاضة الغضب لأركان نظام ولاية الفقيه في طهران، سارعت أذرع إيران في المنطقة بعرض نجدة النظام المتهاوي بعد نحو أسبوعين من المظاهرات التي طالبت برحيله. وبينما عرض الأمين العام لمليشيا حزب الله، حسن نصرالله، في رسالة إلى المرشد علي خامنئي مد يد العون للنظام المستبد، قالت المعارضة الإيرانية، إن سلطات النظام أقامت معسكراً خاصاً بفصائل الحشد الشعبي العراقية الموالية لطهران بهدف إشراك عناصرها في عمليات قمع الاحتجاجات الشعبية.

وكشفت صحيفة “السياسة” الكويتية عن رسالة وجهها نصرالله إلى خامنئي، على خلفية الانتفاضة التي تشهدها المدن الإيرانية منذ أسبوعين ضد نظام الملالي.

وقالت الصحيفة، نقلاً عن مصادر وصفتها بـ”شديدة الخصوصية”، إن نصر الله أعرب في رسالته عن دعمه ودعم مليشياته لإيران في مواجهة ما وصفه “بالمؤامرات الخارجية الهادفة لتقويض دعائم النظام الإيراني”.

وفي رسالته تبرع نصرالله بأرواح عناصره للحفاظ على نظام الولي الفقيه، قائلاً إنه وكما وقفت إيران وما زالت تقف إلى جانب حزب الله بكل ما يحتاجه من مال وعتاد، ودعم مادي ومعنوي لا حدود له، فإن الحزب يقف بكل قدراته البشرية وخبرته إلى جانب طهران.

وأضاف أنه نفسه (نصرالله) وحتى أصغر منتسبي الحزب مستعدون لتقديم أرواحهم لحماية النظام وخامنئي.

قتل وتعذيب :
فيما أفادت مواقع إيرانية أن 3 من المتظاهرين المعتقلين بسبب الاحتجاجات الأخيرة في قضوا تحت التعذيب، بينما أعلن النائب الإيراني محمود صادقي أن عدد المعتقلين بلغ نحو 3700 معتقل، وفق إحصائية رسمية.

وأكد موقع “سحام نيوز” المقرَّب من مهدي كروبي، أحد زعماء الحركة الخضراء الخاضع للإقامة الجبرية، أن “كلا من سينا قنبري في سجن “ايفين” بطهران، ووحيد حيدري في سجن “أراك” المركزي، ومحسن عادلي في سجن “دزفول”، ماتوا خلال فترة اعتقالهم في المعتقلات السرية، بينما تدعي السلطات بأنهم انتحروا”.

بدورها أكدت المحامية نسرين ستودة، من “مركز المدافعين عن حقوق الإنسان” المحظور في طهران، في تصريحات لتلفزيون “إيران انترناشيونال” الذي يبث من لندن، أن القتلى الشبان تم قتلهم ولم ينتحروا.

يأتي هذا بينما قال محمود صادقي، النائب في البرلمان عن التيار الإصلاحي إن إحصائيات المعتقلين تشير إلى وجود نحو 3700 معتقل في جميع أنحاء البلاد، عند مختلف الأجهزة الأمنية.

هذا وحذرت “منظمة حقوق الإنسان الإيرانية” من حدوث مجزرة جديدة في السجون كما حدثت عقب الانتفاضة الخضراء عام 2009 في سجن “كهريزك” والتي قُتل خلالها متظاهرون تحت التعذيب بينما تعرض آخرون للاغتصاب.

واتهم الحزب الديمقراطي الإيراني الكردستاني سلطات طهران باللجوء إلى السجناء وطلاب المدارس والموظفين والدفع بهم في مظاهرات تأييد مصطنعة للتمويه على أعنف موجة غضب تواجه نظام ولاية الفقيه منذ عام 2009.

وقال الحزب في بيان إن النظام استخدم مسجونين للقيام بمظاهرات للحصول على شرعية كاذبة.

وأشار الحزب إلى أنه تحصل على معلومات مؤكدة بشأن قيام الأجهزة الأمنية التابعة للنظام الإيراني في مناطق عديدة بينها المدن الكردية بإيران بإفراغ السجون من المحكومين والنزلاء، والدفع بهم إلى الشوارع للقيام بمظاهرات مضادة للاحتجاجات الشعبية.

وأوضح أنه “في مدينة سنة (شمال غربي ايران) تم إخراج جميع نزلاء السجون وإشراكهم في مظاهرة مؤيدة للنظام، كذلك في بلدة بانه، قام جهاز الأمن والحرس الثوري بتوزيع مبالغ مالية بسيطة على بعض السكان لإقناعهم بالمشاركة في تظاهرات مؤيدة للنظام”.

وتابع بيان المعارضة الإيرانية، أن “النظام وجه في كتب (خطابات) رسمية أوامر للدوائر الحكومية والمدارس لخروج الموظفين والتلاميذ في المظاهرات المؤيدة للنظام، وقد تلقينا معلومات من مصادرنا في مدينة مهاباد بقيام محافظ المدينة ويدعى ايرج صادقي بإرسال رسائل قصيرة بالهاتف للمسؤولين الإداريين للبلدات والقرى التابعة للمحافظة لحشد السكان وإشراكهم في مظاهرات داعمة للنظام”، بحسب بيان الحزب.

وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” خلال تحليل بعنوان “احتجاجات إيران تظهر خطر الأزمات الاقتصادية”، أنه يبدو أن التظاهرات الجديدة في طريقها للانحسار، لكن الغضب بسبب انفاق ايران اموال الايرانية على المليشيات الطائفية في سوريا والعراق واليمن لا يزال قائمًا.

وأضافت “واشنطن بوست” أن التظاهرات في عشرات المدن والبلدات أظهرت أيضًا أن قطاعًا من العامة كان على استعداد للدعوة علنًا إلى إزالة النظام الإيراني الذي يحكمه نظام الملالي وذلك مع خيبة أملهم ليس فقط بسبب الاقتصاد، لكن أيضًا بسبب قلقهم بشأن الحروب التى يخوضها النظام في الخارج

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه بدون تغيير جذري في موارد رزق الإيرانيين، ستزداد حدة الاضطرابات بشأن الاقتصاد، وربما تتحول لتصبح التحدي الأكبر لنظام الملالي الذي يقترب من عقده الرابع، مع عهد جديد من القيادة يلوح في الأفق.

وأظهر انهيار مركز قزوين الائتماني العام الماضي، اليأس الاقتصادي الذي يواجهه الكثيرون في إيران.

وذكرت الصحيفة ” أن المتقاعدين غير القادرين على تدبر أمور نفقاتهم عبر معاشاتهم، يعملون كسائقي سيارات أجرة في شوارع طهران، حتى إن الجامعات تعيد الطلاب بلا أمل في التعيين بمجالات دراستهم، رغم أن آخرين “محظيين” يعملون بوظيفة واثنتين وثلاث.

وأشارت الصحيفة إلى أن البنوك لا تزال تعاني بسبب القروض، وهو التحذير الذي أطلقه صندوق النقد الدولي مرارًا وتكرارًا، بعضها يمتد إلى فترة العقوبات النووية، في حين يجد الآخرون أنفسهم غارقين في الشؤون المالية للحرس الثوري، الذي يُقدّر أنه يسيطر على ثلث الاقتصاد الكلي.

وتحدثت الصحيفة عن التضخم، الذي تراجع إلى تضخم ثنائي الرقم، طبقًا لأرقام حديثة، مشيرة إلى أنه جرى قطع بعض الإعانات، التي استفاد منها الريفيون والفقراء، الأشخاص الذين اجتاحوا الشوارع خلال التظاهرات الأخيرة،

وأشارت الصحيفة إلى أن الاستياء الاقتصادي الذي حدث خلال الأيام الأخيرة قد يؤدي إلى ظهور شعبوي متشدد آخر على غرار أحمدي نجاد، حال سمحت القيادة الدينية بمثل هذا الترشيح.

وأوضحت الصحيفة أنه من الصعب الآن القول من بدا أكثر قوة بعد التظاهرات، روحاني أم معارضوه المتشددون، فكل منهما حاول إلقاء أمر الغضب بسبب الاقتصاد على الآخر.
مقارنة :
واجهت إيران العديد من الثورات بداية من الثورة الدستورية في 1905 مروراً بثورة 1979 والحركة الخضراء في 2009، وحتى الانتفاضة الحالية التي تختلف عن جميع الثورات السابقة.

وفي تقرير لها ذكرت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية، أن انتفاضة 2017 لن تهزم بسهولة، مدللة على ذلك بالقول إن الانتفاضة الاخيرة تختلف عما سبقها من ثورات شهدتها إيران في الماضي، كون الطريقة التي تحرك بها الشعب الإيراني هذه المرة غير مسبوقة.

وبشهادة العديد من الإيرانيين المشاركين بالانتفاضة من مختلف الأعمار، فهي تمثل تحدياً يرقى لمستوى الصراع على البقاء للنظام الإيراني الحاكم، حسب “بوليتيكو”.

كما تختلف الانتفاضة الحالية عن الحركات الثورية السابقة في إيران، في طريقة تعبير الشعب الإيراني عن غضبه الكامن، وكسر حاجز الخوف من مواجهة عناصر الأمن واختفاء الطبيعة الانهزامية التي حاول نظام الملالي تغليف الشعب الإيراني بها لسنوات طويلة تحت حكم المرشد وأتباعه.

هذا بالإضافة إلى ارتفاع سقف الطموحات لدى المتظاهرين الإيرانيين وتجرئهم على الهتاف ضد خامنئي وحرقهم لصوره وصور الرئيس الإيراني حسن روحاني، وهي سابقة تدل على اجتياز الشعب الإيراني للعديد من الحواجز من الخوف دامت لسنوات طويلة، وسط تهديدات بالاعتقال والإعدام. وقالت صحيفة “بوليتيكو” إن رفض المتظاهرين للنظام الإيراني الحاكم القائم ما كان لأحد أن يتوقعه، خاصة أن هذه الانتفاضة اندلعت في البداية بدافع رفض الغلاء والسياسات الاقتصادية الفاسدة للنظام الإيراني، وهي الآن تطالب بنزع جذور الفساد في الحكومة الإيرانية من الأساس.

وأكدت الصحيفة الأمريكية أن هذه الشعلة التي فتحت طريقاً للإيرانيين للعودة للحياة من جديد لن تنطفئ بسهولة، بعد أن أدرك الشعب الإيراني قوته في مواجهة الظلم، ولن يتراجع حتى يحقق ما يسعى إليه.

مسار الانهيار:
المظاهرات المندلعة في إيران منذ أكثر من 12 أيام، تحمل مؤشرات أخطر بكثير مما تبدو عليه في الظاهر، وتنبئ بأن النظام دخل في حالة “موت سريري”، رغم جميع محاولاته تصدير صورة “المتماسك” والقادر على صنع بداية جديدة قائمة على إعادة هيكلة بعض القطاعات الاقتصادية، أو ما يعرف بـ”البيريسترويكا”.

إحداثيات تبدو شبيهة إلى حد كبير بمسار الانهيار الذي شهده الاتحاد السوفيتي سابقا، والذي بدأ يسقط مع “البيريسترويكا” في 1987، ما يبدو شبيها إلى حد كبير مع ما يحدث اليوم في إيران.

و”البيريسترويكا” أو “إعادة البناء” هي برنامج للإصلاحات الاقتصادية أطلقه رئيس الاتحاد السوفيتي ميخائيل جورباتشوف، لإعادة بناء الاقتصاد المحلي، وأرفقه باستراتيجية “جلاسنوست” أو الشفافية، وهو ما قاد نحو انهيار الاتحاد وتفككه عام 1991.

مسار انهيار يقول مراقبون إن ملامحه اكتملت في إيران، في وقت أدى فيه التوسع الإيراني المباشر بكل من سوريا واليمن والعراق واليمن إلى صدام بين المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، مع محيطه الإقليمي المباشر. كما أدى إلى إنفاق مليارات الدولارات من أجل افتعال النزاعات وتأجيج النعرات الطائفية، وجعل النظام يصطدم في مرحلة تالية بشعبه.

أضرار بالغة لحقت الاقتصاد الإيراني جراء مغامرات غير محسوبة للنظام، كان لابد وأن تفجر خلافات داخلية حادة، دفعت رئيس مجلس الشورى الإيراني علي لاريجاني، للقول: “لا ينبغي أن ندفع البلاد إلى الهاوية بأنفسنا، ونتسبب في دمارها وتفككها”.

وفي الواقع، فإن النهج التوسعي لطهران على حساب إهمال الداخل، يفرض بديهة الارتدادات التي تشهدها البلاد حاليا على مختلف الأصعدة، وهو الأمر الذي سبق وأن حذّر منه القائد العام الأسبق لقوات الحرس الثوري، محسن رضائي.

وكالة الأنباء الإيرانية “مهرا”، نقلت عن رضائي قوله إن صورة النظام الخارجية “قد تكون قوية جدا، لكن النظام قد يتآكل ويتجه نحو التفكك والانهيار والتقسيم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *