أرشيف صحيفة البلاد

130 مليار ريال ووثيقة استراتيجية لمستقبل طموح.. (جودة الحياة).. وطن يحقق أحلامه

جدة – البلاد

عنوان مضيء لرؤية طموحة يتجلى في برنامج (جودة الحياة 2020) الذي أطلقه مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، برئاسة سمو ولي العهد – حفظه الله- بإنفاق 130مليار ريال لتطوير جميع جوانب الحياة، تأكيدا لحرص حكومة خادم الحرمين الشريفين، على توفير بيئات ومدن سكنية مثالية وتعزيز المشاركة في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية، وصولاً إلى مجتمع حيوي، يحظى بخيارات واسعة، تلبي مختلف احتياجاته، وهذه الرسالة الأولى . وتعكس وثيقة وخطة التنفيذ لبرنامج (جودة الحياة 2020 ) رؤية حكومة خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده – حفظهما الله- وتوجيهاتها في تهيئة البيئة اللازمة لتحسين نمط حياة الفرد والأسرة، ولدعم واستحداث خيارات جديدة تعزز المشاركة في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية والأنماط الأخرى الملائمة، التي تسهم في تعزيز جودة الحياة، وخلق الوظائف، وتعزيز الفرص الاستثمارية، وتنويع النشاط الاقتصادي، وتعزيز مكانة المدن السعودية في ترتيب أفضل المدن العالمية.

كما يأتي إطلاق البرنامج بمتابعة من ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، وبحرص من سموّه على جعل اقتصاد المملكة أكثر ازدهارًا والمجتمع السعودي أكثر حيوية.

حول ذلك، يؤكد معالي محافظ الهيئة العامة للاستثمار المهندس ابراهيم بن عبدالرحمن العمر، أن البرنامج يستهدف تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 20% وفي مساهمة المحتوى المحلي بنسبة 67 % من خلال القطاعات ذات الصلة في البرنامج، هو أحد ثمار رؤية المملكة 2030، ومكتسباتها المتعددة بمحاورها الثلاث: “اقتصاد مزدهر .. ومجتمع حيوي ..ووطن طموح” .
ونوه معاليه, بالأثر الإيجابي للبرنامج في ترسيخ دور القطاع الخاص، ليكون شريكا أساسياً لا ثانوياً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفي توسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد السعودي وتعزيز قدراته التنافسية بشكل عام.

وعن دور الهيئة، وإسهاماتها في تحقيق أهداف البرنامج، أوضح المهندس العمر، أن دور الهيئة يتمثل في توفير بيئة أعمال آمنة ومحفزة لاستثمارات القطاع الخاص بشقيه المحلي والأجنبي، والعمل عن قرب مع الجهات الحكومية المعنية للتعريف بالفرص والمجالات الاستثمارية المتاحة في برنامج جودة الحياة وتقديم الخدمات والتسهيلات اللازمة للشركات والمؤسسات الراغبة في إقامة مشروعاتها الاستثمارية في المملكة في مختلف القطاعات والمجالات، ومنها قطاع الترفيه الذي يعد أحد القطاعات الاستثمارية المستهدفة في استراتيجية الهيئة العامة للاستثمار .

* شراكة القطاع الخاص
يعد القطاع الخاص ركيزة أساسية في تنفيذ برنامج جودة الحياة ، من خلال شراكة استثمارية حقيقية تضع بصمات مضيئة على حياة المجتمع السعودي ويحقق للمستثمرين عائدات مجزية ، وامتدادا لعوائد وفوائد البرنامج نجده يوفر فرص عمل كثيرة في تخصصات عديدة تتناسب وطبيعة المرحة والتطورات المستقبلية لسوق العمل، كما أن البرنامج يأتي استكمالاً للبرامج التنفيذية التي سبق إطلاقها لدعم تحقيق محاور رؤية المملكة وتعزيز ركائز قوتها الاقتصادية ورفاه الشعب السعودي الطموح.

وأوضح خبراء اقتصاديون، أن اعتماد البرنامج الجديد على 220 مبادرة مختلفة التوجهات والأهداف، يؤكد احترافية العمل، وشمولية الخطط الموضوعة، لتحقيق كل التطلعات المرجوة من البرنامج الجديد، الذي لم يغفل الجوانب الاقتصادية والاستثمارية، ومنحها الكثير من الاهتمام ، حيث مزج بين الأهداف الاقتصادية والاستثمارية والاجتماعية والرياضية والثقافية، لتحقيق الهدف الأسمى النهائي وهو تحسين نمط حياة الفرد والأسرة، ودعم واستحداث خيارات جديدة ، وابتكار المزيد من الأنماط المعيشية الملائمة، التي تسهم في تعزيز جودة الحياة وتعزيز مكانة المدن السعودية في ترتيب أفضل المدن العالمية.

* الأرقام تتحدث
تعكس الإحصاءات حجم البرنامج والتحول المنشود لجودة الحياة ضمن الأهداف الطموحة لـ (رؤية المملكة 2030 ) فسقف الإنفاق المستهدف وهو 130 مليار، يلبي الطموح الكبير ويؤكد إرادة الوطن العالية في تحقيق أحلامه، في ظل القيادة الرشيدة – حفظها الله – حيث يتضمن هذا الانفاق مبلغ 74.5 مليار ريال إجمالي الاستثمارات المباشرة في البرنامج، وتشكل النفقات الحكومية الرأسمالية منها مبلغاً يزيد على 50.9 مليار ريال حتى عام 2020، واستثمارات متاحة للقطاع الخاص بمبلغ يصل إلى 23.7 مليار ريال للفترة نفسها، إضافة إلى جميع المشروعات ذات الصلة التابعة للقطاع الخاص، التي يصل إجمالي الاستثمارات فيها إلى أكثر من 86 مليار ريال.

لقد أكدت لوثيقة البرنامج على تكامل مرتكزاته لرسم ملامح نمط المعيشة داخل المدن السعودية؛ الأمر الذي ينعكس على رفاهية حياة المواطن والمقيم.وتنصبّ هذه المرتكزات على:
– تطوير بنى تحتية قوية في مدن المملكة .
– تأمين خدمات شاملة للسكان لتلبية احتياجاتهم المعيشية.

– توفير إطار اجتماعي يمكّن تفاعل المواطنين والمقيمين.
– تطوير بنية تحتية شاملة تخدم نمط الحياة.

– توفير خيارات ذات جودة عالية ومتنوعة لنمط الحياة.
وبقراءة متعمقة للمرتكزات يتأكد تركيز برنامج (جودة الحياة) على تحفيز المجتمع وضمان تفاعله مع أنشطة وفعاليات خاصّة بنمط الحياة ، وتحديد الإطار التنظيمي المطلوب لتمكين الجودة المنشودة في مختلف الفئات.

واللافت أيضا في منظومة البرنامج أنها تضمن آلية التنفيذ في إطار تحقيق أهدافه التي تُعنى بجودة الحياة ورفاهية المواطنين والمقيمين، ولعل من أبرز هذه الأهداف: تحقيق التميز في رياضات عدة إقليمياً وعالمياً، وتطوير وتنويع فرص الترفيه، وتنمية إسهام المملكة في الفنون والثقافة، من خلال العمل على إدراج 3 مدن سعودية على قائمة أفضل 100 مدينة للعيش في العالم، وإنشاء مرافق عدة للترفيه والثقافة والفنون، وتعزيز البنية التحتية المتاحة لممارسة الأنشطة الرياضية.

* الجودة الشاملة
ارتكز البرنامج في بادئ الامر على مفهوم نمط الحياة؛ باعتباره المفهوم الجوهري لتطوير استراتيجيته وخطة تنفيذه. ولكن استناداً الى توجيهات اللجنة الاستراتيجية، فقد تقرر توسيع النطاق ليشمل جميع جوانب جودة الحياة، وذلك من أجل تحقيق رؤية البرنامج الشاملة.
وعلى إثر ذلك، اعتمد البرنامج مفهوم جودة الحياة كمفهوم رئيس للبرنامج، وتغير مسماه إلى برنامج جودة الحياة 2020 بدلا من برنامج تحسين نمط الحياة. وقد كان لهذا الأمر تبعات على جميع أبعاد البرنامج: النطاق والتطلعات والاستراتيجية ومحفظة المبادرات وحتى المنهجية المتبعة والتي تغيرت من الآلية التصاعدية إلى الآلية التنازلية

* المؤشرات الستة للجودة
اعتمد البرنامج على ستة من أهم المؤشرات الشاملة المعروفة عالمياً، كمراجع أساسية:
1 – التصنيف العالمي لقابلية العيش، وهو مؤشر سنوي صادر عن ” ذا إيكونيميست إنتلجنس يونت” ويصنف المدن في 140 دولة حسب جودة الحياة الحضرية فيها، بناء على تقييم الاستقرار والرعاية الصحية والثقافة والبيئة والتعليم والرياضة والبنية التحتية.

-2 مسح (مريرس) لجودة الحياة، والذي يصنف 231 مدينة بناء على الجوانب الآتية: النقل والبيئة السياسية والاجتماعية والثقافية والخدمات العامة والصحة والبيئة الاقتصادية والمدارس والتعليم والبيئة الطبيعية والسكن، وتوفر الوسائل الإعلامية والمسارح ودور السينما والرياضات والسلع الاستهلاكية والمطاعم والاستجمام.

3 – قائمة مجلة (مونوكل) لنمط الحياة، وهي قائمة سنوية تضم 25 من أفضل المدن للمعيشة في العالم، ويكون التقييم بناء على الجوانب الآتية: الاتصال العالمي والقضايا البيئية وإمكانية الوصول للاماكن الطبيعية والجودة المعمارية والتصميم الحضري والرعاية الصحية وبيئة الأعمال والجريمة والأمن والثقافة والمطاعم والتسامح وتطوير السياسات المبادرة.

4 – مؤشر السعادة العالمي 2017، والذي يصنف 155 دولة، وفقاً لمستويات السعادة .
5 – مؤشر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لجودة الحياة، وهو مؤشر يقارن جودة الحياة بين البلدان، بناء على 11 جانباً أساسياً في نظر المنظمة: الأمن والصحة والدخل والوظائف والتوازن بين الحياة والعمل والتعليم ومستوى الرضا والسكن والبيئة والمجتمع والمشاركة المدنية.

6 – مؤشرARRP لجودة المعيشة، وهي مبادرة متميزة من معهد السياسات العامة لقياس جودة الحياة في المجتمعات الأمريكية بناء على الجوانب الآتية: النقل والصحة والاقتصاد والتعليم والإسكان والأحياء السكنية والبيئة والمشاركة المجتمعية والتساوي في الفرص.

وبناء على هذا التحليل للمؤشرات الستة يمكن تحديد مفهومين مرتبطين بشكل مباشر بجودة الحياة :
1- قابلية العيش: وهي تهيئة ظروف العيش من أجل حياة مرضية.
2- نمط الحياة: وهي توفير خيارات للناس لتكون لديهم حياة ممتعة ورغيدة.

في هذا الاطار تم تحديد خمس فئات ضمن مفهوم ”قابلية العيش“ تغطي الجوانب الرئيسية للحياة، وهي الجوانب الضرورية لتحقيق مستوى مرض من العيش:
– البنية التحتية والنقل: وهما عنصران أساسيان لزيادة التكافؤ الاجتماعي، وذلك لأنها ضرورية للوصول إلى أماكن العمل والسكن والخدمات، كما تساعد على تواصل كل المناطق بما فيها المناطق الطرفية.

– الاسكان والتصميم الحضري والبيئة: توفر أفضل المجتمعات فرص السكن للأفراد على اختلاف أعمارهم ومستويات دخلهم وقدراتهم، بحيث يكون بوسع الجميع العيش في أحياء عالية الجودة.
– الرعاية الصحية: تعد الصحة جزءاً أساسياً لضمان جودة حياة السكان. وتقاس الظروف الصحية إجمالا بالاعتماد على مؤشرات النتائج الصحية، مثل متوسط عمر الفرد، وأعداد أسرة المستشفيات، ومدى انتشار مرض السكري والبدانة، وتكاليف الانفاق الصحي على الأسر.

– الفرص الاقتصادية والتعليمية: يتم قياس معايير المعيشة المادية بناء على جوانب فرعية مثل التوظيف والتعليم والوصول العام للفرص الاقتصادية.
– الأمن والبيئة الاجتماعية: يعد الأمن إلى جانب البيئة الاجتماعية جانباً بالغ الأهمية في حياة المواطنين والمقيمين، حيث يسمح لهم بالتفاعل في المجتمع دون عوائق، ويقاس الأمن بشكل أساسي من خلال مستوى انخفاض معدلات الجريمة والتقيد بتطبيق النظام والمساواة.

وكان مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، قد أطلق برنامج «جودة الحياة 2020»، بإجمالي إنفاق يصل إلى 130 مليار ريال، ويستهدف تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بالقطاعات ذات الصلة بالبرنامج بنسبة 20%
وقد أُنشئ عدد من الأجهزة المتخصصة على مستوى الحكومة، وداخل مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وهي المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة، و مكتب الإدارة الاستراتيجية، و مكتب ترشيد الإنفاق التشغيلي والرأسمالي، ووحدة تنمية الإيرادات غير النفطية، ووحدة المحتوى المحلي وتنمية القطاع الخاص، وذلك بهدف رسم الاستراتيجيات وتحديد الأهداف، وتكوين البرامج ومتابعة الإنجاز وإدارة المشروعات، وأسهم ذلك في دعم صناعة القرار التنموي والاقتصادي، من خلال الربط الوثيق بين جميع الجهات المعنية بالشأن الاقتصادي، والمالي، والاجتماعي، والتنموي.

وسبق أن أقرّ مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الأهداف الاستراتيجية لـ «رؤية المملكة العربية السعودية 2030» لوضع أُطر وأُسس قابلة للقياس والتقويم والتنفيذ، حيث تمكّن تلك الأهداف الاستراتيجية، متابعة تقدم الخطط والبرامج التنفيذية بشكل مستمر وفعّال.

كما تم تحديد آلية واضحة للمساءلة، ومتابعة البرنامج والأهداف الاستراتيجية المباشرة وغير المباشرة المرتبطة به، وفهم العلاقة بين مختلف الأهداف وإدارتها من خلال لجان للبرامج يرأسها وزراء وأعضاء مختصون من مختلف الجهات ذات العلاقة بالبرنامج، ويخضع أداؤهم لمراقبة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وتجري مساءلتهم وفق آليات الرقابة والتقويم المستمر، والتصعيد إلى الجهات المختصة؛ متى ما تطلب الأمر ذلك.