الرس- البلاد
قلعة “جدعية” بمحافظة الرس بنيت بما يزيد عن 13 ألف لبنة من الطين الخالص قبل أكثر من 10 أعوام، مع مجموعة كبيرة من الصخور الصلبة لتكون أساسًا في قواعد البناء، وتتجمل بالروازن والمصابيح. وتحتوي على مجموعة من المرافق والمباني والغرف التراثية؛ منها بيت الجدّة، والسوق الشعبية، والدور السكنية التراثية، إضافة إلى القلعة الرئيسة التي يصل فيها ارتفاع قهوة الرجال إلى أكثر من 10 أمتار، والمسجد الذي يمثّل نموذجًا للمساجد التاريخية في القصيم، وتضم قطعًا وآثارًا تحكي عادات وحياة أهل القصيم عامةً والرس خاصةً قبل عقود من الزمن، لا سيما ما يتعلق بالمهن والمعيشة والملابس وغيرها، ووثقت أركانها تاريخ المملكة وما مر بها من حروب ومواقف بطولية سطَّرها أبناء المملكة على مراحل تكوين الدولة السعودية من الأولى وحتى الثالثة.
تبلغ مساحة قلعة جدعية التراثية 6 آلاف و250 مترًا مربعًا، وتحتوي على أكثر من 30 ألف قطعة تراثية جمعها خالد بن محمد الجدعي أحد أبناء الرس في متحف خاص شغل فكره منذ صغره كحلم راوده حتى حققه على أرض الواقع.
وتضم القلعة عددًا من المرافق المتنوعة والجميلة مثل القلعة الرئيسة التي تحوي مجلس صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبد الله بن عبد العزيز، ويرتفع إلى الأعلى لعشرة أمتار، تزينها المصابيح المحيطة بها من كافة جهاتها الأربع، وتملأ جنباتها العديد من القطع التراثية والأسلحة من بنادق نادرة.
كما تضم متحفًا رئيسًا يقع وسط إطلالة على المجلس، ويحوي قطعة تراثية متنوعة ونادرة، تضم أركانًا متعددة لقطع وأدوات قديمة؛ منها المصحف وعلومه، والمخطوطات النادرة ، والصور، والنحاسيات والعملات ، وأدوات التعليم، والصناعات والمشغولات الحديدية، والخشبيات، والأسلحة والبنادق، والأبواب الخشبية، والملابس والمقتنيات الشخصية والجلديات، والزراعة، والألعاب، والملابس التراثية، وتقنيات وسائل الاتصال في الماضي، وأدوات المطبخ، ولوحات ومقتنيات السيارات التراثية، والهدايا، بالإضافة إلى قسم نسائي متكامل خاص بالضيافة النسائية، وغرفة العروس “الروشن” تحوي ملابس ومستلزمات وأدوات التجميل العروس قديمًا، وبيت الجدة المطرز بنقوش ذات طابع نجدي جميل، وهو مكان التدفئة بالنار واستقبال الضيوف.
وتحتوي على المجلس الكبير الذي يتميز بأعمدة صخرية مميزة يرتكز عليها فناؤه، وتملأ جوانبه القطع الأثرية، وتكسو أرضه عدد من القطائف الصوفية النادرة ذات الرسومات والتشكيلات الرائعة المصنوعة يدويًّا منذ عشرات السنين. وطبقا لـ (واس) يلفت نظر الزائر للقاعة، الموقد “المسوى” الذي يسمّى في وقتنا الحاضر “المطبخ”، وهو نموذج لمكان الطبخ في الماضي، ويحوي العديد من الأدوات والقدور والقطع القديمة، فيما خُصص مكان يمثل السوق الشعبية، ويضم مجموعة من المحلات الشعبية التي كانت عليها حياة الآباء والأجداد بمتاجرهم اللافتة ذات المباسط الصغيرة، كما يوجد العديد من المهن والحرف التي كان يمارسها الناس بالماضي؛ منها محل الخباز الذي شُيِّد محاكيًا لخباز الزاهرية قديمًا، الذي افتتح عام 1374هـ عند افتتاح المدرسة العسكرية في محافظة الرس لتلبية احتياج المدرسة وأفرادها.
ومحل النجار الذي يشتمل على لوازم النجارة، ومحل الصانع، وهو مكان إصلاح وصناعة وتدوير ما يخص المعادن من نحاس وحديد وغيرهما، ومحل الخصاف، وهي مهنة تقوم على الاستفادة من مخلفات النخيل، و بقالة المفرق نسبة إلى أول بقالة افتتحت في الرس بداية السبعينيات الهجرية، وكانت نقلة نوعية بالمعيشة في تلك الحقبة الزمنية؛ لتنوع وجودة المعروضات، كما تحوي القلعة عددًا من الدور الرائعة التي تحاكي بساطة ذلك الزمن، علاوةً على ”القبو” الذي يقع تحت الأرض أسفل بيت الجدة نورة الشايع.
وعُدَّت القلعة معلمًا وطنيًّا مهمًّا لإقامة الفعاليات في محافظة الرس التي تتواكب مع المناسبات الوطنية والاجتماعية والإنسانية، وأتاحها مالكها لاستفادة الجمعيات الخيرية، وزيارة إخوتنا من ذوي الإعاقة، ودور الأيتام.
وتدعم الهيئة العامة السياحة والتراث الوطني أصحاب المتاحف، من خلال عدة وسائل؛ منها إيجاد برامج تدريبية، واستضافتهم في ملتقيات دورية؛ للاستماع إلى ما يواجههم من صعوبات، والعمل على حلها من خلال التنسيق مع الشركاء في مناطق المتاحف. وشهد متحف قلعة جدعية التراثية زيارة أصحاب المتاحف من مختلف مناطق المملكة، ويقع في مركز متقدم بين متاحف المملكة من حيث عدد الوفود التي تزور المنطقة من أجل الاطلاع على تراثه القديم العريق الذي يُقدم في تكامل تام أسهم في جذب العديد من الزوار.