تقرير- فريق التحرير
بدات قطر منذ أمد بعيد سياسة تجنيس لاعبين في شتى الرياضات ؛ بسبب معاناتها من قلة عدد سكانها الذين، بلغ تعدادهم 2.576.181 وفق آخر إحصاءات صادرة عن وزارة التخطيط التنموي والإحصاء القطرية، وكذلك للظهور بمظهر المنافس في الألعاب الرياضية المختلفة ؛ سواء إقليميا أو آسيويا أو دوليا.
ووفق هذه السياسة التي تعني منح الجنسية القطرية لأبناء الجنسيات الأخرى، وصل عدد الجنسيات التي تلعب في المنتخب الوطني القطري لكرة القدم، 12 جنسية بين المصرية والكويتية والفرنسية وغيرها؛ وبذا أصبح عدد المجنسين في المنتخب القطري يزيد عن نصف قائمة المنتخب، والذين بدورهم لم يجدوا فرصة كبيرة مع منتخبات بلادهم، وباتت المشاركة مع قطر هي فرصتهم من أجل اللعب دولياً.
وأصبح المنتخب القطري محطَّ أنظار الجميع في بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم “خليجي 23” كعادته في كل البطولات التي يشارك فيها، ليس بسبب قوة المنتخب أو ضعفه، أو بسبب حظوظه في الفوز بالألقاب، بل بسبب التشكيلة الغريبة التي اعتاد القطريون، أن ينافسوا بها على حصد الألقاب.
وَجْهُ الغرابة هو أن المسؤولين القطريين اعتادوا أن يلجأوا إلى التجنيس؛ بهدف منح منتخبات بلدهم قوة إضافية على أمل أن يفوزوا بلقب هنا أو هناك، إلا أنَّ المنتخب القطري المشارك في البطولة الخليجية هذه المرة قدَّم صورة حقيقية للواقع الذي تعيشه الرياضة القطرية بشكل عام.
فالمنتخب القطري يضم عددًا كبيرًا من اللاعبين المُجَنَّسين، الذي فضلوا ترك جنسيات بلدانهم والانتقال للعب باسم قطر؛ من أجل الفوز بشرف التمثيل الدولي لأي بلد، حتى ولم يكن بلدهم الأصلي، وفي الوقت نفسه الفوز ببضعة آلاف من الدولارات، حتى وإن كان هؤلاء اللاعبون لا يجيدون العربية، ولا يعرفون من النشيد الوطني الأميري شيئًا.
أجهزة ترجمة للتواصل بين اللاعبين
المنتخب القطري يتحدث لاعبوه خمس لغات مختلفة هي: العربية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية والبرتغالية، ما جعل التفاهم فيما بينهم شبه مستحيل.
وبدلًا من أن يسعى المسؤولون عن الرياضة القطرية لحلّ هذه المشكلة بالاعتماد على أبناء البلد في تمثيل المنتخب القطري، تفتق ذهنهم عن الاستعانة بأجهزة حديثة للترجمة الفورية، بهدف تسهيل التواصل فيما بين اللاعبين.
الجدير بالذكر أنَّ التشكيلة التي تمثل قطر في “خليجي 23” تضمّ لاعبين مُجَنّسين مثل:خليفة أبو بكر من السنغال، وبيدرو ميجويل كوريا من البرتغال، وعمر باري من غينيا، وسباستيان سوريا من أوروجواي، والثنائي أحمد علاء الدين، وأحمد عبد المقصود من مصر، والثنائي أيمن ليكومنت، وكريم بوضياف من فرنسا، والثنائي لويز مارتن ورودريجو تاباتا من البرازيل، وعلي أسد الله من البحرين، وماجد محمد من السودان، ومحمد مونتاري من غانا، وبوعلام خوخي من الجزائر، وإبراهيم ماجد من الكويت. وأحمد ياسر المحمدي ذو الأصل المصري، وزميله بسام الراوي من أصل مصري أيضًا.
وتأتي عروض التجنيس القطري عن طريق ضم اللاعبين إلى الفرق القطرية، ومن ثم منحهم الجنسية ، ويعد فريقا لخويا والسد هما الأكثر تعاقداً مع اللاعبين حاملي الجنسية القطرية من الدول الأخرى، حيث يضم كلا الفريقين 5 لاعبين (مجنسين).
رفع الأثقال
من جهة أخرى، فوجئ العالم، بفوز الرباع المصري الأصل “فارس إبراهيم حسونة” بفضية بطولة العالم للكبار لرفع الأثقال، لصالح دولة قطر، عن وزن 94كجم.
واللاعب “حسونة” هو نجل الكابتن إبراهيم حسونة لاعب المنتخب المصري السابق، والذي تَوَجّه للعمل بمجال التدريب في عدد من الدول العربية، وشجّع “فارس” على اللعب باسم قطر، بعد عدة خلافات مع رئيس الاتحاد المصري السابق لرفع الأثقال. ولكن العارف بالأمور لم يُفاجأ؛ لسابق معرفته بأن النظام القطري اتخذ من الرياضة وسيلة للترويج لنفسه، وادعاء إحداث نهضة رياضية في البلاد بأيادي مجنسين، أغلبهم لا يعرفون شيئاً عن قطر، وثقافتها ولغتها، ودينها، وأهلها، وفي سعيه لذلك، قام بتجنيس مئات الألوف من الأجانب؛ وهو ما أضرّ بالتركيبة السكانية، والاجتماعية، والسياسية؛ حتى أصبح أكثر من 70% من سكان الإمارة يحملون أسماء قبائل لا ينتمون لها، ولا يعرفون جذورها التاريخية، في منطقة الخليج، وصارت أسماء الذين يتم تجنيسهم مثار تندّر، وسخرية الكثيرين.
“الجنسية مقابل المال” هو الشعار الذي رفعه النظام القطري، والذي يبدو أنه يتخذ من المال مطية في كل شيء؛ فبعد أن أثار الجدل باستخدامه المال بشكل غير قانوني للفوز بتنظيم بطولة كأس العالم 2022؛ استخدمه أيضاً لإغراء أبناء الدول الأخرى لتجنيسهم، واستخدامهم في البطولات الدولية؛ ليلعبوا تحت العلم القطري، ويحصدوا الميداليات والإنجازات لصالحهم؛ بدلاً من تحفيز الشباب القطري أبناء البلد لممارسة الرياضة، والتفوق فيها؛ وحتى يكون للإنجاز معنىً وطعم؛ ولكن يبدو أنهم اتخذوا الطريق الأسهل بتجنيس المتفوقين بدلاً من صناعة الأبطال.
وللتجنيس مع قطر حكايات؛ فهذه ليست الحالة الأولى ولا الوحيدة؛ فمنتخب كرة القدم مثلاً ينشط فيه بعض المجنسين مثل: الأوروجوياني سبيستيان سوريا، وقبله المصري حسين ياسر المحمدي، وهناك اتجاه داخل الاتحاد القطري لكرة القدم لتكوين منتخب قوي من المجنسين بالكامل للمشاركة في مونديال 2022 في الدوحة.
وفي كرة السلة، منحت قطر الجنسيةَ لأكثر من لاعب مصري شاب، للدفاع عن ألوان منتخبهم، وقبلها في كرة اليد -وهي أكثر رياضة شاركت فيها قطر بمجنسين- لدرجة أن المنتخب الذي أحرز فضية بطولة العالم للرجال في 2015 ، لم تشتمل قائمته التي ضمت 17 لاعباً سوى على 6 لاعبين قطريين فقط، ويرجع أصول بعضهم أيضاً إلى دول أخرى!
واعتادت قطر في السنوات الأخيرة، الاستعانة بخدمات مجنّسين ومواهب من مصر بالذات، لاقوْا تعنتاً من المسؤولين الرياضيين، أو لم يجدوا الدعم المادي المناسب ليواصلوا تألقهم أو صقل مواهبهم.
فكثيرا ما يجد الإعلاميون والمذيعون – حتى في القنوات القطرية نفسها- عندما يعلقون على مباريات كرة القدم أو حتى الرياضات الأخرى، صعوبات في نطق أسماء لاعبي قطر المجنسين.
فشين زهو هي لاعبة قطرية في الشطرنج، وشادان وهدان بطلة قطر في الجمباز، أما المنتخب الكروي النسائي فتم تكوينه من اللاعبات المجنسات، والتجنيس امتد إلى أبطال الألعاب البارالمبية.
وسبق أن أبدى القطريون أنفسهم امتعاضهم من عدم وجود لاعب قطري في المنتخب، مقابل اعتماد الحكومة على تجنيس الغرباء.
والمنتخب القطري لكرة اليد يضم أكثر من عشر جنسيات، تتوزع بين قارات العالم، فعلى سبيل المثال، هناك اللاعب زاركو ماركوفيتش، والإسباني بوريا فيدال، والكوبي رفاييل كابوتو.