كتب :حسام عامر
إذا كانت محافظة الطائف تعرف بـ \"عروس المصايف\"، فإن \"الشفا\" ذلك المركز التابع لها، والواقع إلى الجنوب الغربي منها، هو درة تلك العروس الجميلة، وتتربع الشفا على قائمة مطالب زوار المدينة، ويبعد موقعها السياحي الهام لأهالي المحافظة وزوارها عن الطائف قرابة 25 كيلومترا، كما أنها ترتفع عن سطح البحر بارتفاعات متفاوتة ما بين ألفي متر إلى أعلى نقطة التي تدعى \"شفا هذيل\" والبالغ ارتفاعه قرب الـ3 آلاف متر، والموجود في منطقة الفرع ومساحتها عشرة كيلومترات مربعة وهي إحدى المنتجعات الرئيسة في الطائف.
وتتميز المنطقة بطبيعة جبلية وزراعية خاصة، حيث يشعر زائرها ببرودة الأجواء في فصل الصيف مع زخات من المطر، وتشكل لوحة فنية لا تتوفر في الكثير من المصايف.
وتمتلك المنطقة الكثير من الآثار والمواقع القديمة التي تدل على عراقة هذه المنطقة وحضارتها التاريخية ومنها القلاع والحصون الأثرية المنتشرة في كل قرية وهي تتوسط قرى قديمة حصينة جداً مبنية من الحجر ويصل عرض جدرانها (المدماك) إلى مترين وتسقف بأخشاب العرعر المنتشرة في المنطقة و«هذه الأشجار تعمر مئات السنين» وعادة تبنى الحصون في أعلى موقع يشرف على القرية وهي عبارة عن بناء مرتفع جدا يشبه أبراج المراقبة في المطارات والموانئ في وقتنا هذا، وكان الغرض منها لمراقبة المنطقة المحيطة بكل قرية لحمايتها، وفي كل حصن مكان مخصص لحفظ السلاح وعدة القتال، ويوجد فتحات صغيرة في أماكن مختلفة للمراقبة وإطلاق النار من خلالها عند الحاجة وأكثرها تكون مزينة بحجر المرو (حجر أبيض يكثر في المنطقة شديد الصلابة) في علوها ومثل ذلك حصن وادي السيل المحرق وحصن وادي دحضة وحصون وادي تنقد وفي كل قرية حصن أو أكثر .
ويوجد في منطقة الشفا بعض السدود ومن أشهرها سد وادي عرضه (سد قريقير)، وسد اللصب ويقع شمال شرقي سد عرضة كما توجد سدود صغيرة منتشرة بين الوديان مثل سد ماسل وتكثر المشارب وهي قريبة من السدود إلا أنها تختلف في أن عملها مقصور على توجيه سيول الأمطار إلى المزارع والأودية عند الحاجة.
وتنتشر أيضاً بشفا القنوات المائية وهي ممر مائي من تحت المزارع يشبه العبارات في أيامنا هذه إلا أنها خاصة بالمياه الزائدة عن الحاجة تعمل على تصريفها إلى الخارج وهي عجيبة جداً وللناظر إليها أن يرى مدى عراقة هذه المنطقة وتبنى القنوات من الأحجار الصلبة والملساء التي تتميز بها جبال المنطقة وتمر من تحت المزارع إلى موقع المسيال، وتبنى بطريقة فنية بديعة تسمح للماء بالتسرب إلى داخلها ثم تصريفه للخارج وأشهرها يوجد في وادي القر بني عمر وبها الآبار السطحية في منطقة الشفا التي قد يصل عمقها إلى 35 متراً إلا أنه يوجد بها بصمة الفن المعمارية القديمة فهي مبنية من الأحجار وبطريقة عجيبة لا يتخيل الناظر إليها، كيف أنها بنيت في ذلك الوقت وبتلك الطريقة وما هي الأدوات التي استخدمت ويوجد بالشفا جبال بها حفريات قديمة تنبئ باستخراج مواد أو معادن معينة ويقال إنها مادة تسمى بالنورة قديماً، وهذا المعلم يتوسط وادي الحدبان ووادي الشعبة، تكتس المنطقة في هذا الوقت بالثوب الأبيض بسبب الثلوج، الأمر الذي يؤدي إلى ازدياد توافد المُتنزهين للاستمتاع بتلك المناظر الربانية، واخضرار الجبال التي تنهمر منها مياه الأمطار كالشلالات، وسط فرح وبهجة زائري المنطقة.