أرشيف صحيفة البلاد

ولينصرن الله القدس ولو بعد حين

د. هاشم بن عبدالله النمر

“إن الدنيا دول , ويوم علينا ويوم لنا ويوم نُساءُ ويوماً نُسرّ” , هذا ما قاله سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما بكى بطريك القدس عند تسليمه مفاتيح القدس, فكان يوم عظيم تاريخي فتح فيه المسلمون القدس الشريف وقد أعطاهم سيدنا عمر الأمان لأنفسهم وأموالهم ولنسائهم. وقد دارت الأيام وجاء الصليبون الغزاة واستحلوا بيت المقدس, فأغرقوا أهلها بالدماء والسلب والنهب. وهاهو صلاح الدين الأيوبي يأتي لتحرير القدس و معظم الأراضي التي احتلها الصليبيون في معركة حطين المشهورة وقد عامل صلاح الدين القدس وسكانها معاملة حسنة كريمة بعكس معاملة الصليبيين الذين قتلوا حوالي 70000 من أهالي القدس من رجال وكهول ونساء وأطفال في ساحة المسجد الأقصى. وقد حافظ المسلمون على قدسية القدس عقود من الزمن. وقد بدأ اليهود الغربيون في ثمانينيات القرن التاسع عشر، بتبني نظريات جديدة في استعمار الأراضي الفلسطينية. ومنهم المفكر اليهودي الشهير “ثيودر هرتزل” الذي كتب بضرورة وجود وطن جامع لليهود ولابد أن يكون هذا الوطن في ارض الله الموعودة فلسطين, وقد قام بعقد الخطط الصهيونية والبدء باجتماعات سرية في بعض من الدول الأوربية والروسية من أجل تأسيس دولة يهودية تجمعهم وتجمع تراثهم وثقافتهم ودينهم ولغتهم في فلسطين. وقد عقد عدة اجتماعات ومؤتمرات لهذا الغرض من أجل قيام دولة يهودية داخل فلسطين وكان من أهم تلك الاجتماعات, اجتماع بال بسويسرا وقد تم تبني عدة نظريات ومنها استبدال محاولات السيطرة المدنية أو السلمية بالسيطرة المسلحة , وقد قال الصهاينة “إن اليوم الذي نبني فيه كتيبة يهودية واحدة هو اليوم الذي ستقوم فيه دولتنا”. وفي كل مرة يدحض الله الصهيونية ويسخر الله لدينه رجال يعلوا كلمة الإسلام. فقد حاول هرتزل لقاء السلطان عبد الحميد الثاني عدة مرات لإقناعه بالسماح لليهود الهجرة إلى فلسطين وبيع الأراضي الفلسطينية لليهود مقابل سداد ديون الدولة العثمانية بشكل كامل, لكن جاء الرفض القاطع من السلطان عبدالحميد وتم تجهيز شرطة خاصة لمتابع هذا ألأمر, ومن أقوال السلطان عبدالحميد المشهورة ردا على هرتزل ” لان قطعتم جسدي قطعة قطعة لن أتخلى عن شبرٍ واحد من فلسطين”. وبالرغم من هذه الجهود إلى أن بعض الأراضي الفلسطينية قد بيعت بشكل غير مباشر لليهود, مما قرب اليهود إلى هدفهم المنشود وهو إقامة دولة يهودية في فلسطين وعاصمتها القدس الشريف. وكانت معركة عام 1967م التي سقطت فيها القدس وبسط فيها اليهود سيطرتهم على كامل التراب الفلسطيني الطاهر والجولان وسيناء خلال ستة أيام فقط. وأصبح مصطلح “القضية الفلسطينية” جزءاً جوهرياً من الصراع العربي الإسرائيلي، وقد ارتبط هذا المصطلح بشكل جذري بنشوء الصهيونية والهجرة اليهودية إلى فلسطين وما نتج عنه من مجازر و حروب في منطقة الشرق الأوسط وهجرة للشعب الفلسطيني خارج فلسطين وما صاحبه من قضية للاجئين الفلسطينيين ومن تدخل للدول العظمى في أحداث تقسيم المنطقة لصالح الصهيونية. وقد عاد التاريخ مرة أخرى وعادت مأساة فلسطين إلى الطاولة بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى هناك. ويأتي هذا التصرف تماشيا مع اتفاقية ووعد بلفور 1 و 2 لولادة كيان صهيوني في فلسطين. وبالرغم من تكالب هذه الجهود لإقامة الكيان الصهيوني إلا أن فرج قريب وان الله سبحانه وتعالى سينصر القدس , ولن تقوم لليهود دولة وسيبقون مشردون, الم يقل الله سبحانه وتعالى في كتابه (وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا) وقد وعد الله بأنهم سيبقون دائما أذلاء مهانين, قال الله تعالى (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا(. وينبغي علينا الدعاء والاستغفار لنصرة القدس فالعزة قادمة كيوم نصر خيبر حين انتصر رسولنا الكريم نصرا مبيناً قضى على الوجود اليهودي قضاءً مبرماً‏. واختم بمقولة سيدنا عمر ابن الخطاب عند دخوله القدس وقد قال قولته الشهيرة ” لقد كنا أذلة فأعزنا الله بالإسلام، فإذا ابتغينا عزاً بغير الإسلام أذلنا الله”.