جدة – البلاد
تطل ذكرى اليوم الوطني الثامنة والثمانون وقد رسمت المملكة العربية السعودية بتوجيهات قيادتها الرشيدة خارطة طريق نحو تنمية وطنية مستقبلية شاملة ومتكاملة ، واختطت لها مساراً نهضوياً طموحاً تمثل في المشروع الوطني ” رؤية المملكة 2030 ” الذي أقر من مجلس الوزراء في الثامن عشر من شهر رجب عام 1437 هـ .
فقد قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – في كلمته عقب إقرار هذه الرؤية الوطنية مخاطباً أبناء الوطن : ” أيها الإخوة والأخوات .. لقد وضعت نصب عيني منذ أن تشرفت بتولي مقاليد الحكم السعي نحو التنمية الشاملة من منطلق ثوابتنا الشرعية وتوظيف إمكانات بلادنا وطاقاتها والاستفادة من موقع بلادنا وما تتميز به من ثروات وميزات لتحقيق مستقبل أفضل للوطن وأبنائه مع التمسك بعقيدتنا الصافية والمحافظة على أصالة مجتمعنا وثوابته ومن هذا المنطلق؛ وجهنا مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برسم الرؤية الاقتصادية والتنموية للمملكة لتحقيق ما نأمله بأن تكون بلادنا – بعون من الله وتوفيقه – أنموذجاً للعالم على جميع المستويات.
وأضاف الملك المفدى :” اطلعنا على ” رؤية ” المملكة العربية السعودية التي قدمها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ووافق عليها مجلس الوزراء, شاكرين للمجلس ما بذله من جهد بهذا الخصوص ، آملين من أبنائنا وبناتنا المواطنين والمواطنات العمل معاً لتحقيق هذه الرؤية الطموحة, سائلين الله العون والتوفيق والسداد، وأن تكون رؤية خير وبركة تحقق التقدم والازدهار لوطننا الغالي.
ويحظى هذا المشروع التنموي الطموح بإشراف مباشر ومتابعة دائمة ومستمرة من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ، حيث قال سموه في كلمة بمناسبة إطلاق الرؤية :” إننا لنحمد الله سبحانه وتعالى أولاً على ما وفقنا إليه في هذا الوطن من التمسك بالكتاب الكريم والسنة المطهرة، ثم نحمده على أن مكننا من إعداد ( رؤية المملكة العربية السعودية للعام 2030 ) .
وأكد سموه أن قصص النجاح دائماً ما تبدأ برؤية، وقال : إن أنجح الرؤى هي تلك التي تبنى على مكامن القوة .. ولقد حبانا الله سبحانه وطناً مباركاً، فيه الحرمان الشريفان، أطهر بقاع الأرض، وقبلة أكثر من مليار مسلم، وهذا هو عمقنا العربي والإسلامي وهو عامل نجاحنا الأول ،مشيراً سموه إلى أن بلادنا تمتلك قدرات استثمارية ضخمة، وسنسعى إلى أن تكون محركاً لاقتصادنا ومورداً إضافياً لبلادنا وهذا هو عامل نجاحنا الثاني.
وركز سموه في تصريحه على ما يمتاز به الموقع الجغرافي للمملكة العربية السعودية فهي أهم بوابة للعالم بصفتها مركز ربط للقارات الثلاث، وتحيط بها أكثر المعابر المائية أهمية، عاداً سموه ذلك عامل نجاح ثالث.
وقال سمو ولي العهد :” هذه العوامل الثلاثة هي مرتكزات رؤيتنا التي نستشرف آفاقها، ونرسم ملامحها معاً “.
وتطرق سمو الأمير محمد بن سلمان إلى أهمية مايمتلكه وطننا من وفرة في بدائل الطاقة المتجددة، ومايزخر به من ثروات سخية من الذهب والفوسفات واليورانيوم وغيرها، مشدداً – رعاه الله – على ما هو أهم من الثروات الطبيعية وهي ثروتنا الأولى التي لا تعادلها ثروة مهما بلغت: شعبٌ طموحٌ، معظمُه من الشباب، هو فخر بلادنا وضمانُ مستقبلها بعون الله .
وتعتمد الرؤية (1452هـ ـ 2030م)على ثلاثة محاور هي المجتمع الحيوي والاقتصاد المزدهر والوطن الطموح، وهذه المحاور تتكامل وتتّسق مع بعضها في سبيل تحقيق الأهداف وتعظيم الاستفادة من مرتكزات هذه الرؤية.
تبدأ الرؤية من ” المجتمع “، وإليه تنتهي، ويمثّل المحور الأول أساساً لتحقيقها وتأسيس قاعدة صلبة لازدهارنا الاقتصادي. ينبثق هذا المحور من إيماننا بأهمية بناء مجتمع حيوي، ويعيش أفراده وفق المبادئ الإسلامية ومنهج الوسطية والاعتدال، معتزّين بهويتهم الوطنية وفخورين بإرثهم الثقافي العريق، في بيئة إيجابية وجاذبة، تتوافر فيها مقوّمات جودة الحياة للمواطنين والمقيمين، ويسندهم بنيان أسري متين ومنظومتي رعاية صحية واجتماعية ممكّنة.
وفي المحور الثاني ” الاقتصاد المزدهر “، ويركز على توفير الفرص للجميع، عبر بناء منظومة تعليمية مرتبطة باحتياجات سوق العمل، وتنمية الفرص للجميع من روّاد الأعمال والمنشآت الصغيرة إلى الشركات الكبرى. تؤمن بتطوير أدواتنا الاستثمارية، لإطلاق إمكانات قطاعاتنا الاقتصادية الواعدة وتنويع الاقتصاد وتوليد فرص العمل للمواطنين. وإدراك دور التنافسية في رفع جودة الخدمات والتنمية الاقتصادية، إذ تركز الجهود على تخصيص الخدمات الحكومية وتحسين بيئة الأعمال، بما يسهم في استقطاب أفضل الكفاءات العالميّة والاستثمارات النوعيّة، وصولاً إلى استغلال موقع المملكة الاستراتيجي الفريد.
** وطن طموح وحكومة فاعلة
ولأن الفاعلية والمسؤولية مفهومان جوهريان تسعى الرؤية إلى تطبيقهما على جميع المستويات لنكون وطناً طموحاً بإنتاجه ومنجزاته. ولذلك، ركز المحور الثالث من الرؤية على القطاع العام، عبر رسم ملامح الحكومة الفاعلة من خلال تعزيز الكفاءة والشفافية والمساءلة وتشجيع ثقافة الأداء لتمكين مواردنا وطاقاتنا البشرية، وتهيئة البيئة اللازمة للمواطنين وقطاع الأعمال والقطاع غير الربحي لتحمل مسؤولياتهم وأخذ زمام المبادرة في مواجهة التحديّات واقتناص الفرص.
وتتطلع المملكة في ظل هذا المشروع الواعد إلى مستقبل أكثر إشراقاً – بعون الله – بثرواتها البشرية والطبيعية والمكتسبة التي أنعم الله بها عليها ويتجلى ذلك بمضاعفة دورها وزيادة إسهامها في صناعة هذا المستقبل .
ومن ملامح هذه الرؤية المستقبلية بذل المملكة أقصى جهودها لمنح معظم المسلمين في أنحاء العالم فرصة زيارة قبلتهم ومهوى أفئدتهم. حيث تسعى المملكة العربية السعودية التي شرفها الله بخدمة الحرمين الشريفين وحجاج بيت الله الحرام والمعتمرين والزوار إلى تسخّير كافة طاقاتها وإمكاناتها لخدمة ضيوف الرّحمن .. وقد تبوأت هذه البلاد مكانةً مرموقةً في العالم، وأصبحت عنواناً لكرم الضيافة وحسن الوفادة، واستطاعت أن تحقق مكانةً مميزةً في قلوب ضيوف الرحمن والمسلمين في كلّ مكان .
وفي هذا السياق، قامت الحكومة الرشيدة مؤخراً بتنفيذ توسعة ثالثة للحرمين الشريفين، وتطوير المطارات وزيادة طاقتها الاستيعابية، كما أطلقت مشروع “مترو مكة المكرمة”، استكمالاً لمشروع قطار المشاعر المقدسة وقطار الحرمين. بالإضافة إلى ذلك، تعزيز منظومة شبكة النقل من أجل تسهيل الوصول إلى الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وتمكين ضيوف الرحمن من أداء فريضة الحج والعمرة والزيارة بكل يسر وسهولة، وبفضل الله تضاعف عدد المعتمرين من خارج المملكة (3) مرات خلال العقد الماضي حتى بلغ (8) ملايين معتمر. ويتوقع في ظل ( رؤية 2030) زيادة الطاقة الاستيعابية لاستقبال ضيوف الرحمن المعتمرين من (8) ملايين إلى (30) مليون معتمر.
وشهدت السياسات الاقتصادية بالمملكة العربية السعودية مؤخراً العديد من التطورات الهادفة في مجملها إلى تعزيز البنية الاقتصادية والتوجه نحو اقتصاد يتسم بالتنوع والاستدامة. وفي مطلع عام 2018م، اعتُمدت خطة لتنفيذ برنامج تطوير القطاع المالي بغية تمكينه ليكون قطاعاً مالياً متنوعاً وفاعلاً لدعم تنمية الاقتصاد الوطني، وتحفيز الادخار والتمويل والاستثمار، وزيادة كفاءته وقدرته على مواجهة التحديات المستقبلية.
ويُعد تعزيز نمو القطاع المالي المحلي أحد مهام مؤسسة النقد، لما في ذلك من أهمية في تحقيق الأهداف التنموية والاقتصادية المنبثقة من رؤية المملكة 2030 والبرامج التابعة لها .ومن أجل تسريع عجلة الاقتصاد الوطني وضعت (رؤية المملكة 2030 ) خططاً لتحويل شركة ( أرامكو السعودية ) من شركة لإنتاج النفط إلى عملاق صناعي يعمل في أنحاء العالم وكذلك تحويل صندوق الاستثمارات العامة إلى أكبر صندوق سيادي في العالم .. وتحفيز كبريات الشركات السعودية لتكون عابرة للحدود ولاعباً أساسياً في أسواق العالم وتشجيع الشركات الواعدة لتكبر وتصبح عملاقة.
** نيوم والقدية
كما أن إطلاق مشروع “نيوم”NEOM يعد خطوة تنموية اقتصادية تجسد الرؤية الحكيمة والثاقبة للقيادة في المملكة العربية السعودية لاستشراف المستقبل من أجل بناء الإنسان وتطوير وتنمية المكان، كأحد أهداف (رؤية المملكة 2030 ) التي تستشرف المستقبل وتمثل قفزة مهمة في مفهوم التنمية والتحول الاقتصادي في السعي نحو آفاق أرحب وأشمل في التنوع في الموارد وإيجاد الفرص الاستثمارية من أجل تحقيق تنمية شاملة .
ويهدف المشروع إلى جعل المملكة أنموذجاً رائداً في مختلف المجالات التنموية كافة ويعزز مكانتها الاقتصادية ويجعلها في مصاف الدول المتقدمة اقتصادياً على مستوى العالم .
وقد أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة في 4 صفر 1439هـ الموافق 24 أكتوبر 2017م عن إطلاق مشروع ( نيوم ) الذي يأتي في إطار التطلعات الطموحة لرؤية (2030 ) بتحول المملكة إلى نموذجٍ عالمي رائد، في مختلف جوانب الحياة، من خلال التركيز على استجلاب سلاسل القيمة في الصناعات والتقنية داخل المشروع.
وصرح سموه خلال إعلانه عن المشروع أن: “منطقة “نيوم” ستركز على تسعة قطاعات استثمارية متخصصة تستهدف مستقبل الحضارة الإنسانية، وهي مستقبل الطاقة والمياه، ومستقبل التنقل، ومستقبل التقنيات الحيوية، ومستقبل الغذاء، ومستقبل العلوم التقنية والرقمية، ومستقبل التصنيع المتطور، ومستقبل الإعلام والإنتاج الإعلامي، ومستقبل الترفيه، ومستقبل المعيشة الذي يمثل الركيزة الأساسية لباقي القطاعات، وذلك بهدف تحفيز النمو والتنوع الاقتصادي، وتمكين عمليات التصنيع، وابتكار وتحريك الصناعة المحلية على مستوى عالمي وكل ذلك سيؤدي إلى إيجاد فرص عمل والإسهام في زيادة إجمالي الناتج المحلي للمملكة. وسيعمل مشروع “نيوم” على جذب الاستثمارات الخاصة والاستثمارات والشراكات الحكومية. كما سيتم دعم “نيوم” بأكثر من 500 مليار دولار خلال الأعوام القادمة من قبل المملكة – صندوق الاستثمارات العامة -، بالإضافة إلى المستثمرين المحليين والعالميين.
وقال سمو ولي العهد: “سيتم بناء منطقة “نيوم” من الصفر على أرض خام، وهذا ما يمنحها فرَصاً استثنائية تميزها عن بقية المناطق التي نشأت وتطورت عبر مئات السنين وسنغتنم هذه الفرصة لبناء طريقة جديدة للحياة بإمكانيات اقتصادية جبارة. وتشمل التقنيات المستقبلية لتطوير منطقة “نيوم” مزايا فريدة، يتمثل بعضها في: حلول التنقل الذكية بدءاً من القيادة الذاتية وحتى الطائرات ذاتية القيادة، الأساليب الحديثة للزراعة وإنتاج الغذاء، الرعاية الصحية التي تركز على الإنسان وتحيط به من أجل رفاهيته، الشبكات المجانية للإنترنت الفائق السرعة أو ما يُسمى بـ”الهواء الرقمي”، التعليم المجاني المستمر على الإنترنت بأعلى المعايير العالمية، الخدمات الحكومية الرقمية المتكاملة التي تتيح كافة الخدمات للجميع بمجرد اللمس، معايير جديدة لكود البناء من أجل منازل خالية من الكربون، وتصميم إبداعي ومبتكر لمنطقة “نيوم” تحفز على المشي واستخدام الدراجة الهوائية تعززها مصادر الطاقة المتجددة. وكل ذلك سيوجد طريقة جديدة للحياة يأخذ بعين الاعتبار طموحات الإنسان وتطلعاته، وتطبيق أحدث ما توصلت إليه أفضل التقنيات العالمية”.
ويتطلع مشروع “نيوم” لتحقيق أهدافه الطموحة بأن تكون المنطقة من الأكثر أمناً في العالم إن لم تكن الأكثر، وذلك عبر توظيف أحدث التقنيات العالمية في مجال الأمن والسلامة، وتعزيز كفاءات أنشطة الحياة العامة، من أجل حماية السكان والمرتادين والمستثمرين.
وتـكمن رؤيـة مشـروع الـقديـة فـي تـحويـله إلـى وجـهة تـرفيهـية وثقافية ورياضية وحـضاريـة جـديـدة فـي الـمملكة، وسـيتم إنـشاؤه غـرب الـعاصـمة السعودية الرياض وسيكون مـقر حـيوي لـلنشاطـات والاسـتكشاف والـتفاعـل الاجـتماعـي فـي الـمملكة الـعربـية الـسعوديـة.
ويحـظى المشـروع الذي وضع حجر الأساس له خـادم الحـرمـين الشـريـفين الـملك سـلمان بـن عـبد الـعزيـز آل سعود ـ حـفظه الله ـ في 12 شعبان 1439 هـ بـدعـم صـندوق الاسـتثمارات الـعامـة، حيث سيتم تنفيذه عـلى مـسافـة تـبلغ 40 كـيلومـتراً مـن وسـط الـعاصـمة الـريـاض، بـمساحـة إجـمالـية قـدرهـا 334 كـيلومـتراً مـربـعاً.
ومن الأهداف الرئيسية لمشروع القدية الذي يتزامن تنفيذه مع خطة و(رؤية المملكة 2030 ) هو بناء مستقبل مشرق عبر مجموعة من الأنشطة الرياضية الترفيهية والعروض الثقافية ضمن مرافق ومنشآت جديدة متطورة، تلبي احتياجات الجميع، من المتنزهات الترفيهية إلى مدن الألعاب وميادين السباقات ورحلات السفاري.
والمشروع يقوم على خمس دعائم رئيسية، هي الحدائق ووجهات الجذب، والحركة والتنقل، والطبيعة والبيئة، والرياضة والصحة، والثقافة والفنون والتعليم، كما أن المشروع تدعمه سلسلة من المتاجر، ومرافق السكن والضيافة، ما سيمثل وجهة ترفيهية متكاملة كبرى”.
وذكر مـعالـي الأمـين الـعام للمجـلس الـتأسـيسي لمشـروع الـقديـة فـي صـندوق الاسـتثمارات الـعامـة الـدكـتور فهـد بـن عـبدالله تـونسـي، أن تـدشـين خـادم الحـرمـين الشـريـفين لهـذا المشـروع الـحيوي، يـعد تـرجـمة حـية لـتطلعات الـقيادة الـرشـيدة فـي الـمملكة، وسـعيها الـدؤوب لـتطويـر الـمشاريـع الـعملاقـة الـتي مـن شـأنـها أن تـسهـم وبـشكل فـاعـل فـي تـحقيق الـعديـد مـن الـعوائـد الاقـتصاديـة الـمباشـرة وغـير الـمباشـرة، ودفـع عجـلة الـتنمية المسـتدامـة لـما فـيه خـير الوطن والمواطن وفق القطاعات التي حددتها ( رؤية المملكة 2030 ).
وقال مـعالـيه : إن حـوالـي ثـلثي مـواطـني الـمملكة الـعربـية الـسعوديـة هـم تـحت سـن الـ 35 عـاما، لـذلـك هـناك حـاجـة كـبيرة لـما يـوفـره مشـروع الـقديـة مـن الأمـاكـن الـترفيهـية الـجاذبـة لـهم، حـيث سـيسهم المشـروع بـتوفـير حـوالـي 30 مـليار دولار ، الـتي يـنفقها الـسعوديـون كـل عـام عـلى السـياحـة والـترفـيه خـارج الـبلاد. وسـيتم تـوظـيف هـذا الـوفـر فـي الإنفاق لتنمية الاقتصاد المحلي الداخلي، مما سيؤدي لإيجاد فرص عمل جديدة للشباب السعودي”.
ويمثل هذا المشروع أحد مبادرات (رؤية المملكة 2030) الرامية إلى الارتقاء بالعاصمة الرياض لتصبح واحدة ضمن أفضل 100 مدينة للعيش على مستوى العالم – بمشيئة الله – .
وتسعى الدولة إلى إعطاء دور أكبر للمنشآت الصغيرة والمتوسطة ، حيث تسهم تلك المنشآت بنسبة لا تتعدى (20%) من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالنسبة التي حققتها الاقتصادات المتقدمة التي تصل إلى(70%). وعلى الرغم من الجهود المبذولة للارتقاء بمستوى بيئة الأعمال، إلا أن المنشآت الصغيرة في المملكة لا تزال تعاني من تعقيد في الإجراءات النظامية والإدارية وبطئها، وضعف القدرة على جذب الكفاءات، وصعوبة في الحصول على التمويل، إذ لا تتعدى نسبة تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة (5%) من التمويل الإجمالي وهي نسبة ضئيلة مقارنة بالمعدلات العالمية، وستتم مساعدة تلك المنشآت في الحصول على التمويل وحث مؤسساتنا المالية على زيادة تلك النسبة إلى (20%) بحلول عام (1452هـ ـ 2030م) بعون الله.
وتسعى الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة – المنشأة حديثاً – إلى مراجعة الأنظمة واللوائح، وإزالة العوائق، وتسهيل الحصول على التمويل، ومساعدة الشباب والمبدعين في تسويق أفكارهم ومنتجاتهم. وإنشاء المزيد من حاضنات الأعمال ومؤسسات التدريب وصناديق رأس المال الجريء المتخصصة لمساعدة رواد الأعمال على تطوير مهاراتهم وابتكاراتهم، كما سنساعد المنشآت الوطنية الصغيرة على تصدير منتجاتها وخدماتها وتسويقها عن طريق دعم التسويق الإلكتروني والتنسيق مع الجهات الدولية ذات العلاقة.
ومن الأهداف بحلول (1452هـ ـ 2030م) تخفيض معدل البطالة إلى (7%) ،وارتفاع مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في إجمالي الناتج المحلي من (20%) إلى (35%)،ورفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من (22%) إلى (30%) .
إن تنويع الاقتصاد من أهم مقومات استدامته، ورغم أن النفط والغاز يمثلان دعامة أساسية لاقتصادنا، إلا أن البدء في التوسع في الاستثمار في قطاعات إضافية، فقد بلغ متوسط نمو الاقتصاد السعودي خلال الـ (25) سنة الماضية أكثر من(4%) سنوياً، مما أسهم في توفير ملايين الوظائف، وتعدّ المملكة بفضل الله من أقوى (20) اقتصاداً على مستوى العالم، إلا أن طموحنا أكبر، والسعي إلى أن نتبوأ مكانةً أكثر تقدماً بحلول عام (1452هـ ـ 2030م)، بالرغم من التباطؤ الاقتصادي العالمي والأثر المتوّقع من الإصلاحات الهيكلية في اقتصادنا خلال السنوات القليلة القادمة. وهذا سيتطلب منا الاستفادة من مواردنا واستثمارها من أجل تنويع الاقتصاد، وإطلاق إمكانات قطاعاتنا الاقتصادية الواعدة، وتخصيص عدد من الخدمات الحكومية.
وفيما يخص مجال الاستثمار فالاستمرار في تخصيص الأصول المملوكة للدولة خلال خطة الرؤية (2030) ومنها الشركات الرائدة والأراضي والأصول الأخرى من شأنه أن يحقق عوائد إضافية ومتنوعة للاقتصاد، مما سينتج عنه زيادة الموارد النقدية وسيؤدي استثمارها بحكمة إلى إحداث أثر إيجابي على المدى الطويل، وسيتيح ذلك تنمية الأدوات الاستثمارية التي نمتلكها وتطويرها، وبخاصّة صندوق الاستثمارات العامة إذ يهدف إلى أن يصبح أكبر صندوق سيادي استثماري في العالم بعد نقل ملكية أرامكو إليه، وسنزيد من فاعلية إدارة الصندوق ونحسن من عوائد استثماراته ونرفع إيراداتنا غير النفطية، كما سنعزز دور الصندوق في تنويع اقتصادنا. لن يكون صندوق الاستثمارات العامة منافساً للقطاع الخاص، بل سيكون محركاً فعالاً لإطلاق بعض القطاعات الاستراتيجية التي تتطلب رؤوس أموال ضخمة. وسيسهم ذلك في تنمية قطاعات جديدة وشركات وطنية رائدة. وانطلاقاً من مكانتنا الريادية وعلاقاتنا التاريخية، سنسعى إلى الدخول في شراكات طويلة الأمد مع الدول الشقيقة والصديقة من أجل التبادل التجاري ونقل المعرفة.
** القدرات الاستثمارية
تتلخص رؤية المملكة في الاستفادة من القدرات الاستثمارية بفاعلية والاستثمار في الشركات العالمية الكبرى وشركات التقنية الناشئة من جميع أنحاء العالم،لنصبح بإذن الله رواداً في إدارة الأصول والتمويل والاستثمار. ويتطلب هذا الدور بناء سوق مالية متقدمة ومنفتحة على العالم، بما يتيح فرص تمويل أكبر وينشّط الدورة الاقتصادية والاستثمارية من خلال طرح أسهم الشركات السعودية، وإدراج بعض الشركات المملوكة للدولة في السوق المالية، ومنها أرامكو، وتسهيل سبل الاستثمار والتداول. وهذا سيتطلّب تعميق أسواق المال، وتعزيز دور سوق الدّين، وفتح المجال أمام سوق المشتقات.
ومن خلال هذه الرؤية المباركة (2030) فإنها ستدعم القطاعات الواعدة لتكون دعامة جديدة لاقتصادنا. ففي قطاع التصنيع، سيجرى العمل على توطين قطاعات الطاقة المتجددة والمعدات الصناعية. وفي قطاع السياحة والترفيه، تطوير مواقع سياحية وفق أعلى المعايير العالمية، وتيسير إجراءات إصدار التأشيرات للزوار، وتهيئة المواقع التاريخية والتراثية وتطويرها.
أما في قطاع تقنية المعلومات، فستعمل على تعزيز الاستثمار في الاقتصاد الرقمي وصولاً لمكانة متقدمة في هذا القطاع. في حين أن قطاع التعدين، يتطلب تشجيع التنقيب عن الثروات المعدنية والاستفادة منها، والاستمرار في توطين قطاع النفط والغاز، والعمل على مضاعفة إنتاج الغاز وإنشاء شبكة وطنية للتوسع في أنشطة توزيعه، وبناء مدينة لصناعة الطاقة. والعمل على توظيف ريادتنا العالمية وخبراتنا التي اكتسبناها في قطاعي النفط والبتروكيماويات واستثمارها في تنمية قطاعات أخرى مكملة وتطويرها.
وتتمتع المملكة بعدد من المزايا التي توظفها في تنويع مصادر الدخل وفقاً لرؤية المملكة ( 2030 ) ولذلك شرعت المملكة في الاستثمار الأمثل في مجال الطاقة المتجددة وذات العوائد الجيدة وبدون مخاطر بيئية مستقبلية .. وخلال زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وقع سموه في 11 رجب 1439 هـ الموافق 28 مارس 2018 م مع السيد ماسايوشي سون، رئيس مجلس الإدارة لصندوق ( رؤية سوفت بنك ) مذكرة تفاهم لإنشاء ( خطة الطاقة الشمسية 2030 ) التي تعد الأكبر في العالم في مجال الطاقة الشمسية.
وتشكل هذه الاتفاقية إطاراً جديداً لتطوير قطاع الطاقة الشمسية في السعودية وسيتم بموجبها تأسيس شركة جديدة لتوليد الطاقة الشمسية يبدأ إطلاق العمل على محطتين شمسيتين بقدرة 3 جيجاواط و 4.2 جيجاوات بحلول عام 2019 والعمل أيضا على تصنيع وتطوير الالواح الشمسية في المملكة لتوليد الطاقة الشمسية بقدرة ما بين 150 جيجاوات و 200 جيجاوات بحلول( 2030 ) .
كما تعد مذكرة التفاهم هذه مكملة لما تم التوقيع عليه مسبقا في مبادرة مستقبل الاستثمار في أكتوبر الماضي. وتشير الاتفاقية إلى أن دراسات الجدوى بين الطرفين حول هذا المشروع ستكتمل بحلول مايو 2018. وتشير الاتفاقية كذلك الى أن الطرفين ملتزمان باستكشاف تصنيع وتطوير أنظمة تخزين الطاقة الشمسية في المملكة، وتأسيس شركات متخصصة للأبحاث وتطوير الواح الطاقة الشمسية بكميات تجارية في المملكة تسمح بتسويقها محليا وعالميا.
وتشير هذه المذكرة الى إلتزام الطرفين بإنتاج الألواح الشمسية بقدرة تقدر ب200 جيجاوات في المملكة وتوزيعها عالميا بالإضافة إلى استكشاف الفرص المتعلقة بتأسيس صناعات في مجال منظومات توليد الطاقة وبطارياتها في المملكة، التي من شأنها أن تساعد على دعم تنويع القطاعات وتوفير فرص العمل في مجال التقنيات المتقدمة.
ومن المتوقع أن تسهم هذه المشروعات بما يقدر 100الف وظيفة بالسعودية وزيادة الناتج المحلي للسعودية كذلك بما يقدر ب 12 مليار دولار أمريكي ، بالإضافة الى توفير ما يقدر ب 40 مليار دولار أمريكي سنوياً.وفي هذا الصدد أكد عدد من الاقتصاديين المتخصصين في مجال الطاقة أن مشروع إنشاء أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم بطاقة إنتاجية تصل 200 جيجا وات يعد نقلة إضافة لتنويع الدخل, مشيرين إلى أن كمية الإشعاع الشمسي في بعض مناطق المملكة يصل إلى 2500 غيغاواط للمتر المربع الواحد.
و لهذه الاتفاقية مضاعف اقتصادي مباشرة من خلال توظيف الموارد المالية المحلية وجذب الاستثمارات الأجنبية المشتركة كما هو في هذه الاتفاقية مع سوفت بنك وأيضا توظيف الموارد البشرية السعودية, أما المضاعف غير المباشر في الاتفاقية فسينعكس في قيام المنشآت المساندة لصناعة الطاقة الشمسية.
إن ” رؤية المملكة العربية السعودية 2030 ” تعتبر الطاقة الذرية مصدراً مهماً لدعم الاستقرار والنمو المستدام في أنحاء العالم كافة.
وأوضح معالي رئيس مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة الدكتور هاشم بن عبدالله يماني خلال رئاسته وفد المملكة العربية السعودية في الدورة 61 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية المنعقد بالعاصمة النمساوية فيينا أن (رؤية المملكة 2030) تنظر فيها إلى العديد من التطبيقات السلمية التي تساعد المجتمعات على التنمية والتطور في مجالات مختلفة ، مشيراً إلى أن المملكة تحرص دوماً على اتخاذ خطوات مدروسة لضمان نجاح البرنامج الوطني للطاقة الذرية وفق أفضل المعايير الدولية.
ويرى معالي وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح أن المملكة تُثبت عاماً بعد عام للعالم أجمع، مكانتها وأهميتها وقوة تأثيرها على المستويين الإقليمي والدولي، سواءٌ من خلال إسهامها الواضح في إنشاء ودعم عدد من المنظمات السياسية والاقتصادية المهمة، وبإعلانها عن رؤية المملكة 2030، بما تضمنته من رؤىً مُلهمةٍ طموحة تستهدف تحقيق التنمية الوطنية الشاملة، وتوفير عوامل الاستدامة والتنوع للاقتصاد السعودي،
وترسيخ مكانة المملكة كقُطبٍ من أقطاب الاقتصاد والتنمية عالمياً، وفي جميع جوانب هذه الرؤية الوطنية الطموحة، تتجلى البصيرة الحكيمة والعميقة لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله -، لتُضفي عليها إضاءة مهمة واستثنائية تشمل كل ما يخدم الوطن والمواطن، من خلال تعزيز دعامات الاقتصاد السعودي، بما فيها قطاعات الطاقة والصناعة والتعدين.
** الطاقة المتجددة
وعلى الرغم من تمتعنا بمقومات قوية في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلا أننا لا نملك -حتى الآن – قطاعاً منافساً في مجال الطاقة المتجددّة. وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يرتفع مستوى الاستهلاك المحلي للطاقة ثلاثة أضعاف بحلول عام (1452هـ ـ 2030م). لذلك نستهدف إضافة (9.5) جيجاوات من الطاقة المتجددة إلى الإنتاج المحلّي كمرحلة أولى، كما نستهدف توطين نسبة كبيرة من سلسلة قيمة الطاقة المتجددة في اقتصادنا، وتشمل تلك السلسلة خطوات البحث والتطوير والتصنيع وغيرها.
وتمتلك المملكة كل المقومات للنجاح في مجال الطاقة المتجددة، ابتداءً من المدخلات مثل السيليكا والبتروكيماويات، وانتهاء بما تمتلكه الشركات السعودية الرائدة من خبرة قوية في إنتاج أشكال الطاقة المختلفة، وسيضع لذلك إطاراً قانونياً وتنظيمياً يسمح للقطاع الخاص بالملكية والاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة،وتوفيّر التمويل اللازم من خلال عقد شراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال الصناعة لتحقيق المزيد من التقدّم في هذه الصناعة وتكوين قاعدة من المهارات التي تحتاج إليها. وأخيراً.