أكد وزراء الخارجية العرب ضرورة توحيد الجهود العربية والدولية لمواجهة آفة الإرهاب عبر استراتيجية موحدة شاملة ومتكاملة تهدف إلى القضاء عليه وعلى الفكر المتطرف الذي يسنده وتجفيف منابع تمويله.
وشددوا خلال كلماتهم في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ 148 لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب، على ضرورة التوحد والتكاتف لإيجاد حلول عربية للأزمات التي تمزق المنطقة.
وطالب وزير الشئون الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل رئيس الدورة الماضية لمجس الجامعة على المستوى الوزاري في كلمته، بضرورة إيجاد الحلول المناسبة للنزاعات والأزمات التي يشهدها العالم العربي من خلال تعميق الحوار السياسي والتشاور حول المسائل الإقليمية والدولية وهو الأمر الذي يستدعي تحسين أداء الجامعة العربية.
وشدد مساهل في هذا الصدد على استعداد الجزائر لإثراء مسار الإصلاح القائم بأفكار وتصور كفيل بتفعيل دور الجامعة العربية من خلال تجديد أسلوب سير المنظمة لإرساء العمل العربي المشترك على أسس تسمح للجامعة العربية بالتكفل بالانشغالات العربية بمزيد من الفاعلية.
وقال إن التصعيد الإسرائيلي الحالي يبرز ضرورة التركيز على القضية الفلسطينية وهي قضية العرب الجوهرية، مؤكدا دعم الجزائر الكامل للشعب الفلسطيني حتى يتحقق الهدف المشترك المتمثل في إيقاف السياسة الاستيطانية لإسرائيل وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشريف.
ومن جانبه أكد وزير الشئون الخارجية والتعاون الدولي في جيبوتي رئيس الدورة الحالية محمود علي يوسف، أهمية بذل قصارى الجهد لتوحيد الكلمة ورص الصفوف في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة.
ودعا إلى ضرورة إطلاق مسار تفاوضي جاد بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي يستند إلى قرارات الشرعية الدولية لإعطاء الشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس.
وفيما يتعلق بسوريا، طالب بتكثيف العمل لإيجاد حل سياسي ينهي معاناة الشعب السوري ويضع حدا للنزاعات والقضاء على الإرهاب وفقا لبيان “جنيف1” والقرارات الدولية ذات الصِّلة.
وأشاد يوسف، بإنجازات الجيش العراقي في دحر الإرهابيين، معربا عن التطلع لعملية سياسية تحقق المساواة للشعب العراقي، فيما أكد بشأن تطورات الأوضاع في ليبيا، أهمية إجراء مصالحة وطنية ترتكز على “اتفاق الصخيرات”.
وشدد على أهمية الحل السياسي للأزمة اليمنية ومواجهة تداعيات الوضع الإنساني وتنسيق المساعدات الإغاثية، منوها بالتحسن الملحوظ في الصومال على الصعيدين الأمني والسياسي.
وفيما يتعلق بالتدخلات الإيرانية في الشئون الداخلية للدول العربية، دعا إيران للكف عن تلك التدخلات وإنهاء احتلالها للجزر الاماراتية الثلاث، كما دعا إلى تكثيف التعاون العربي والدولي لمحاربة التطرف والإرهاب وتجفيف منابع تمويله.
من جهته أكد الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط على ضرورة عدم الاستسلام لليأس في ظل الأحداث الصعبة والظرف الاستثنائي الذي تمر به المنطقة العربية، مشيرا إلى أن التحديات، والمحن والشدائد، لا ينبغي لها أن تحرف الأبصار عن رؤية بعض من أشعة النور التي تنبعث هنا وهناك في أركان العالم العربي، ومنها ما يجري في العراق من دحر التنظيمات الإرهابية وسحقها.
وقال :”إن القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي هو بداية استعادة الوطن بعد استرداد الأرض، وإن العراقيين، بعدما نجحوا في اختبار التحرير، سوف ينجحون في اختبار التغيير، مؤكدا أن بقاء العراق الموحد الفيدرالي، متعدد الأعراق والمكونات، هو مصلحةٌ للعراق، بعربه وكرده، وللأُمة العربية كلها.
وفي الملف السوري أكد أن الأزمة السورية ما زالت تُمثل جرحاً غائراً في قلب الأمة، وهماً مُقيماً يكابده كل عربي يحزنه أن يرى أمة عريقة تتفكك ويتمزق نسيجها الاجتماعي، مشيرا إلى أن البعد الإنساني، على أهميته وأولويته، يظل واحداً من الأوجه المختلفة للأزمة السورية، التي هي – في جوهرها- أزمة سياسية.. وبالتالي فإن حلها الدائم لن يكون إلا من خلال السياسة، وهو حلٌ يستلزم تنازلات متبادلة من مختلف الأطراف، كما يستوجب اعترافاً من الجميع بأنه لا رابح من وراء استمرار هذه الحرب.
وطرح الأمين العام أمام المجلس أربع نقاطٍ، يُمكن أن تُشكل منطلقات للتفكير بشأن الأزمة السورية في المرحلة المقبلة، أولها تأييد أي ترتيب أو اتفاق يكون من شأنه حقن الدماء وحفظ الأنفُس، وخفض التصعيد العسكري، وحماية المدنيين، وإدخال المُساعدات الإنسانية إلى المناطق المُحاصرة، وثانيها التأكيد على أن هذه الترتيبات هي في غايتها وأهدافها تظلُ ترتيبات مؤقتة، ولا ينبغي أن تُمثل – بأي حالٍ- تمهيداً لاستدامة أوضاعٍ تنطوي على تقسيم فعلي للوطن السوري.
وأشار إلى أن ثالث هذه المنطلقات يكمن في أن الترتيبات المؤقتة، على أهميتها الشديدة في وقف نزيف الدم، لا ينبغي أن تكون بديلاً عن المسار السياسي لتسوية الأزمة السورية بصورة شاملة، ووفقاً لمُقررات جنيف1، وعلى أساس قرار مجلس الأمن 2254، بينما رابعها يتمثل في أن سوريا المُستقبل ينبغي أن تكون صاحبة سيادة حقيقية على أراضيها، لا مكان فيها للميلشيات الأجنبية أو للمقاتلين الأجانب، ولا وجود على أرضها للجماعات الإرهابية.
وفي الشأن الفلسطيني أعرب الأمين العام للجامعة العربية عن أسفه لكون الإرادة الدولية مازالت واهنة في مواجهة دولة الاحتلال، مؤكدا أن هدف رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو منذ تولى السلطة في إسرائيل هو إحباط أية محاولة جادة للتوصل إلى تسوية على أساس حل الدولتين، وأنه صار مقتنعاً للأسف بغياب إرادة دولية حقيقية لكشفِ مناوراته ومماطلته وتفننه في إضاعة الوقت.
وطالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن يدرك أن العقبة الرئيسية أمام أي جهد حقيقي تنوي القيام به من أجل إحياء عملية التسوية السلمية تتمثل في المفاهيم التي يتحدث بها رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي.
وبشأن الأوضاع في اليمن قال إن الأزمة تكشف عن تمترس القوى الانقلابية خلف مواقفها النابعة من مصالح ذاتية وتوجهات أنانية، وقد صار واضحاً اليوم من هو الطرف المسئول عن تعطيل أي حل سياسي محتمل، حيث رفض الحوثيون كافة المبادرات المتوازنة التي تقدم بها المبعوث الأممي.
وفيما يتعلق بليبيا، أشار إلى أن الجامعة تتابع الوضع بدقة عبر مبعوثها الشخصي ومن خلال عضويتها في المجموعة الرباعية المعنية بليبيا، لافتا إلى أن الأوضاع هناك ما زالت بعيدة عن الاستقرار الذي ينشده الجميع، إلا أن محاولات صادقة تُبذل من أجل لم الشمل والوصول إلى كلمة سواء بين الفرقاء.
واختتم كلمته بالقول: “إن النظام العربي الذي تجسده هذه الجامعة يتأسس على قيم وقواعد أراها راسخة مستقرة .. وأول هذه القيم عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، وعلى رأس تلك القواعد احترام السيادة .. هذه القواعد وتلك القيم هي عماد ذلك النظام وجوهر الرابطة بين دوله الأعضاء .. ولا شك أن المنظومة العربية كلها تزدهر ويشتد عودها عندما تحترم قيم وقواعد النظام العربي .. فالاستهانة بهذا النسق المستقر من القواعد والقيم يؤذي أمننا الجماعي، ويضعف لحمتنا وصورتنا أمام العالم”.