عواصم ـ وكالات
كشفت وكالة استخبارات ألمانية عن استمرار إيران في السعي للحصول على تكنولوجيا وتقنيات إنتاج أسلحة دمار شامل، رغم الاتفاق النووي الذي وقعته مع الدول الكبرى.
وقالت الوكالة، في تقرير لها، إن “إيران تباشر، كما وسوريا، جهودها للحصول على معدات وتقنيات لاستخدامها في تطوير أسلحة دمار شامل وتحسين أداء الصواريخ الحاملة للرؤوس النووية”.
وصدر التقرير عن المكتب القومي لحماية الدستور في وكالة استخبارات ولاية “بادن-فوتمبيرج” الألمانية، والمنوط به رصد أي تهديدات للديمقراطية الألمانية أو النظام الدستوري، وهو يعادل مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي) الأمريكي، حيث يعمل على مستوى الدولة بأكملها.
وفي التقرير، الذي اطلعت عليه عدة وسائل إعلام أمريكية، كتب مسؤولو مكافحة التجسس أن نشاطات إيران غير المشروعة في ألمانيا تتركز في القطاعات التقليدية للتجسس، وهي السياسة والاقتصاد والعلوم والجيش وصناعة الأسلحة.
ولفت التقرير إلى أن “مراقبة ومكافحة محاولات إيران لنشر السلاح النووي كانت أيضا مهمة في المكافحة الاستخباراتية خلال 2017 في ولاية “بادن-فوتمبيرج”، التي تستضيف عشرات من شركات التكنولوجيا والهندسة المتخصصة.
وقال مسؤولو الاستخبارات الألمانية، في التقرير، الذي يتكون من 345 صفحة وصدر الأسبوع الماضي، إنهم جمعوا “معلومات استخباراتية مكثفة حول نشاطات أجهزة إيران للتجسس داخل ألمانيا”.
ويفصل التقرير، في أقسامه الطويلة، الرعاية الإيرانية لحزب الله الإرهابي في لبنان، ولأجهزة التجسس في طهران ولأجهزة الدولة القمعية ووزارة الاستخبارات الإيرانية وجهاز استخبارات الحرس الثوري الإيراني.
وحذر المسؤولون الألمان، الذين كتبوا التقرير قبل إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو الماضي، من أن العلاقات المتدهورة بين أمريكا وإيران وانتقادات حكومات الغرب للبرنامج النووي الإيراني قد تؤدي إلى زيادة في نشاطات الجاسوسية الإيرانية، موضحين أن إيران تستمر في التجسس على المنشقين عن إيران ومقيمين في ألمانيا ويعارضون نظام الملالي في طهران.
وكانت شبكة “فوكس نيوز” الأمريكية قد كشفت في فبراير الماضي عن أن رجل أعمال إيرانيا اشترى مواد من شركة “كريمبل” في بادن-فوتمبيرج، والتي اكتشف بعد ذلك أنها صواريخ كيماوية استخدمت لقصف المدنيين في سوريا في حملات النظام السوري خلال شهري يناير وفبراير
وحتى بعد كشف وجود مواد بناء ألمانية في الصواريخ الكيماوية التي أنتجتها إيران ثم استخدمها النظام السوري، رفض المكتب الفيدرالي الألماني لشؤون الاقتصاد والتصدير وقف التجارة بين النظام الإيراني وشركة “كريمبل” الألمانية.
وفي إطار مساعيها لزيادة الضغوط على بريطانيا وشركائها الأوروبيين، لإنهاء الاتفاق النووي مع إيران، تتبادل إسرائيل مع أجهزة الاستخبارات ملفات سرية تكشف عزم طهران على تصنيع قنبلة نووية.
وفي تقرير نشرته صحيفة “تايمز” البريطانية، امس الإثنين، قالت إن إحدى الوثائق الرئيسية، التي اطلعت عليها هي مذكرة تحمل رسميا مسؤولية إنتاج اليورانيوم المخصب القابل للاستخدام في تصنيع الأسلحة إلى وزارة الدفاع الإيرانية.
وأشارت إلى أن هذه الوثيقة وغيرها من الأوامر المكتوبة هي جزء من مخبأ يضم 100 ألف ملف استولى عليه عملاء وكالة الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) من مستودع سري في طهران، في يناير
ولفتت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتيح عرض أجزاء من هذه الغنيمة على أجهزة الأمن في بريطانيا وفرنسا وألمانيا قبل رحلته المقررة هذا الأسبوع إلى أوروبا.
في السياق، قال مسؤول استخبارات إسرائيلي رفيع المستوى شارك في تحليل الوثائق المضبوطة، إن “ما أبلغته إيران للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن قدراتها كان شبه كوميدي مقارنة بما لدينا هنا”.
وأضاف: “قالت إيران إن هناك دراسة جدوى ودراسات علمية فقط، لكن ما نراه هو أن إيران تدير برنامجًا كاملًا للأسلحة النووية، وأنها تتبع التعليمات من المستويات السياسية”.
وأفادت الصحيفة أن المواد المسترجعة تتضمن صوراً لمولد يستخدم لتشغيل جهاز فلاش بأشعة إكس يستخدم لفحص الانفجارات المحاكية في موقع “بارشين” العسكري.
من جانبه، قال ديفيد أولبرايت، المفتش النووي السابق في العراق، في تصريحات للصحيفة، إن الإسرائيليين كانوا على حق في انتقاد إخفاقات طهران في الاعتراف بعملها السابق في مجال الأسلحة النووية والسماح للمفتشين بمراقبة المنشآت.
وأضاف: “لقد فعلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ذلك في كل من جنوب إفريقيا وتايوان، بعد أن أنهت برامجها للأسلحة النووية”.
وفي تعليقه على الوثائق التي استولى عليها الإسرائيليون، قال أولبرايت: “إنهم يماثلون فهمي لقرار بناء مصنع فوردو للتخصيب تحت الأرض، الذي قمت بتقييمه قبل بضع سنوات والذي كان من المحتمل أن يكون مصمماً لصنع يورانيوم يستخدم في صنع الأسلحة بالاستناد جزئيا على نتائج المفتشين عندما زاروا المصنع لأول مرة”.
بدوره، قال مارك فيتزباتريك، خبير عدم انتشار الأسلحة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، إن النتائج التي توصلت إليها الملفات تشير إلى أن “إيران لديها استراتيجية قوية للتحوط النووي”.
وأضاف: النتيجة الصحيحة، ليست تدمير الصفقة الإيرانية، بل استخدام المخبأ الإسرائيلي، “لمساعدة جهود التحقق بأدلة على مكان البحث”.
ووفقا للصحيفة، فإن المذكرة التي ترجع إسرائيل تاريخها إلى عام 2001، صادرة من هيئة الطاقة الذرية الإيرانية إلى وزارة الدفاع، ووقع عليها نيابة عن الجيش الإيراني القائد البحري علي شمخاني، وهو الآن مستشار عسكري للمرشد الإيراني على آية الله علي خامنئي، والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي.
فيما كثفت إيران خلال الفترة الأخيرة جهودها للحصول على موطئ قدم في ليبيا واستغلال الفوضى السياسية والأمنية المستمرة منذ سقوط نظام معمر القذافي لتعزيز وجودها في المغرب العربي ودول الساحل الإفريقي وتحقيق امتدادات استراتيجية في المنطقة العربية وإفريقيا.
وأرسلت إيران مستشارين عسكريين من الحرس الثوري في مهمات خاصة لكن اثنين من الإيرانيين لقيا حتفهما في جنوب ليبيا.
وقال مصدر أمني طلب عدم الكشف عن اسمه لـ”العربية ” إن “الإسرائيليين راقبوا قبل فترة عنصرين من الحرس الثوري الإيراني منذ لحظة دخولهما ليبيا عبر منفذ الذهيبة على الحدود مع تونس حتى وصولهما بلدة صغيرة في الجنوب حيث تمت تصفيتهما من طرف مسلحين مجهولين يعتقد أن لهم علاقة بجهاز المخابرات الإسرائيلية الموساد”.
ويشكل الحادث الغامض “صفعة لمشروع إيران التغلغل في ليبيا بعد سوريا والعراق ولبنان واليمن وتصدير الفتن والصراعات الطائفية إليها”، في رأي مراقبين.
وتقدم مصادر ليبية متطابقة تفاصيل مثيرة عن مهمة المستشارين العسكريين الإيرانيين اللذين تمت تصفيتهما في جنوب ليبيا “التواصل والتنسيق مع مقاتلي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وعناصر داعش الذين فروا من الرقة في سوريا إلى ليبيا
وكانت قيادة الجيش الليبي قالت إن متطرفين عبروا من منفذ بري إلى مدينة الكفرة واتجهوا منها إلى أوباري أقصى جنوب غرب ليبيا.
وتشدد المصادر الليبية على أن خبراء عسكريين إيرانيين تم استدراجهم من منطقة الجبل الغربي غرب العاصمة طرابلس المتاخمة للحدود مع تونس إلى الجنوب الغني بالموار الطبيعية بما فيها اليورانيوم.
وتطمع طهران في استيراد شحنات منه وفي استغلال جماعات مسلحة وتنظيمات متطرفة تتمركز جنوب ليبيا وتعمل على تقويض الاستقرار في جميع دول المنطقة.
وتستخدم الحكومة في طهران جماعات كهذه عادة كورقة ضغط في مناكفة وابتزاز الدول العربية.
ولا تفرض حكومة الوفاق المنبثقة عن اتفاق الصخيرات والمدعومة من الأمم المتحدة سيطرتها على الحدود الطويلة مع مصر.
وقطع المغرب في مايو الماضي علاقاته مع إيران احتجاجاً على دعم ميليشيا حزب الله لجبهة البوليساريو الانفصالية.
وخلال الأسبوع الماضي داهمت سلطات موريتانيا مجمعاً شيعياً تموله جهات إيرانية في حي شعبي بالعاصمة نواكشوط فيما أطلق ناشطون جزائريون حملة على وسائل التواصل للضغط على حكومة بلادهم حتى تطرد ضابط المخابرات الإيرانية والملحق الثقافي بالسفارة أمير موسوي.