محمد صلاح الحربي
لعل أشهر سؤال أو استفهام استنكاري في تاريخ الشعر هو قول عنترة بن شداد:
هل غادر الشعراء من متردم
أم هل عرفت الدار بعد توهم.
وإذ يهمني الشطر الأول من البيت الأول من معلقته الشهيرة، فإن الشاعر يستفهم عبره عما إذا أبقى الشعراء قضية لم يتم معالجتها شعريا، أو معنى لم يتم التطرق إليه، ومتردم تعني – كما جاء في شروحات المعلقة – الموضع الذي تم ردمه أي إصلاحه، ويروى أنها مترنم وليست متردم، والترنم صوت ترجعه بينك وبين نفسك، إنه يقول باختصار: إن الأول لم يترك للآخر شيئا، فماذا لو أحلنا هذا الاستفهام إلى حال الشعر في عصرنا، والحقيقة أنه تبعاً لمستجدات عصرنا يظل هناك الكثير من القضايا الحياتية التي يمكن التطرق إليها شعرياً، لكن غالبية من يأتون لمجال الشعر، وخصوصا الشعر الشعبي، يتزاحمون في مجالين تقليديين يلتون ويعجنون فيهما، وهما الشكوى من الزمان أو الشكوى من الغرام، وبشكل تظل تتزايد فجاجته وضحالته، ولذلك يبدو أن الشعراء قد غادروا..!.