محمد صلاح الحربي
من أصعب الأسئلة التي أواجهها بين حين و آخر هو هذا السؤال ، الذي يبدو في ظاهره سهلا وعاديا جداً، ذلك أنني ممن يعتبرونه سؤالاً يبتذل في الغالب إجابته مسبقا، سواء عند طرحه أو عند محاولة الإجابة عليه، فالمشكلة التي تواجه الشعر بسبب التعريفات والأقوال أظنها كبيرة ومستمرة،
لأن الكثيرين يأخذونها كنوع من المسلمات والأدلة القاطعة واللافتات الكبيرة، ولولا ذلك لما رافقنا إلى هذا العصر ذلك التعريف الجامد القديم قدم الجهل، أعني ( الشعر كل كلام موزون ومقفى ) والشعر الذي اعتبره مخلوقا شفافا ومتمردا على كل الأطر والقوانين والأقوال يظل في رأيي غير خاضع لأي تعريف،
لأن أي تعريف ما هو إلا محاصرة ضمن حدود معينة سواء ذهب ذلك التعريف بعيدا او بقي يرواح في مكانه كالتعريفات السطحية، ولهذا فأنني كلما زدت مصاحبة وحباً للشعر أجدني ممن يتجنب تعريفه إلا كونه شعراً، كما المطر، أجمل تعريف له أنه مطر، وعند وجود الشعر الحقيقي المضيء بالمفاجأة والدهشة والقادر على التجاوز والإضافة فأنه عند ذلك خير من يعرف
نفسه بنفسه، كذهاب للمستقبل..