عرف السودانيون التداوي بالأعشاب منذ أقدم العصور، كما اكتشفوا خامات النباتات في صورتها الأولية واستخلصوا منها ما يعالج الكثير من الأمراض المستوطنة التي تصيب الإنسان، وبتراكم التجارب كون إنسان السوداني إرثاً ثقافيا وفكرة في محاربة الأوبئة التي كانت متفشية في عصره.
وكلنا يعلم أهمية النباتات الطبية والعطرية واستخداماتها الواسعة في الصناعات الدوائية ومستحضرات التجميل ودخولها في المشروبات الغازية ومكسبات الرائحة والطعم وحفظ المعلبات والحلوى، كما إنها تدخل في صناعة العطور والزيوت النباتية، من هنا تكمن فوائدها الاقتصادية التي تحقق عائداً مادياً كبيراً يساعد في حل المشكلات الاقتصادية التي يتعرض لها السودان.
نال السودان لقب سلة الغذاء العالمي نسبة لاتساع أراضيه الصالحة للزراعة مع تباين أنواع التربة وخصوبتها وتعدد المناخات المنتجة للعديد من النباتات دون تدخل الإنسان.
عند دخولك أي سوق من أسواق مدن السودان، وعند اقترابك من أكشاك العصائر تسمع عبر مكبرات الصوت الصغيرة نداء ونغمة هذا التنبيه الثلاثي المتكررة، (كركدي، عرديب، تبلدي)، وبمرورك عبر الشوارع الطرفية للأسواق ترى المعروضات من الأعشاب العلاجية (محريب، سنمكة، حرجل، حنظل، كمون..الخ)، ومن المهم أن نعرف أن هذه النباتات الطبية والعطرية لديها طلب إقليمي وعالمي ويمكن إذا ما تمت زراعتها وتنظيمها وتحسينها وإنتاجها بجدوى اقتصادية أن تساهم في دعم الاقتصاد الوطني.
ونظرا للأهمية الكبيرة لهذه المنتجات الطبية والعطرية في مجال الطب البديل , اهتمت العديد من دول العالم بها مثل (الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وماليزيا والهند، والصين، وبريطانيا، وكندا)..
والحمد لله هذه المنتجات متوفرة بكثرة في الغابات والأراضي السودانية فقط نحتاج للأبحاث في هذا المجال، وتطوير السياسات فيما يتعلق بالطب الشعبي ومنتجاته, لذلك يجب التشجيع والتنظيم والاستعدادات المالية الكافية لتنظيم الزراعة حتى ننتج ونصدر هذه المنتجات.إذ أن النباتات الطبية والعطرية سيكون لها دور كبير في دعم الاقتصاد الوطني حيث أن للسودان أراضي خصبة وعددا كبيرا من النباتات الطبية التي يمكن أن تحقق دعماً اقتصادياً كبيراً إذا ما وجدت الاهتمام والاستخدام الأمثل، وعليه يجب الاهتمام بهذا الجانب ووضعه ضمن الأولويات.
وفي عام 2005م تم إنشاء الاتحاد العام للطب الشعبي لينظم العمل في هذا المجال مع الجهات الحكومية مثل المركز القومي للبحوث، ومعهد أبحاث الطب الشعبي، ومعهد ابحاث النباتات الطبية والعطرية.
ومن جانبها بدأت الدولة الاهتمام والرعاية للطب الشعبي وذلك برعايتها للمؤتمرات والسمنارات التي أقيمت لتطوير هذا المجال، وصادقت بممارسة الطب الشعبي في صيدليات تعرف بالصيدلية الخضراء، ويتم تصديقها والإشراف عليها من إدارة الصيدلة، وأنشأت معهد أبحاث الطب الشعبي وهو يتبع إلى وزارة التقانة والعلوم.
الجدير بالذكر أن الشريحة الممارسة للطب متحصلون على درجات علمية في هذا المجال، ونظموا أنفسهم وجلسوا مع وزارة الصحة لإقناعها بجدوى التعاون معهم، وهم الآن أصبحوا عوناً ومساعدين للوزارة؛ حيث نجد الطبيب الشعبي في المناطق النائية التي لا يوجد فيها أطباء.وبالمضي قدما في هذا الاتجاه يمكن الاستغناء عن الأدوية المستوردة وإحلالها ببدائل محلية من الأدوية والعقاقير المصنعة من الطب الشعبي إذ أن الأراضي السودانية الشاسعة تزخر بالكثير من النباتات الطبية، وتم إجراء العديد من البحوث الناجحة في هذا المجال، فعلى سبيل المثال نجد أن هنالك دواءً للكبد الوبائي للباحث عثمان عبد المنعم أجريت عليه الكثير من الدراسات والتجارب في المركز القومي للبحوث وفي الصين وأثبتت التجارب جدوى هذا العلاج وفعاليته ويمكن للسودان أن يكون المصدر الرئيس لهذا العلاج.
مستقبل الطب البديل والتداوي بالأعشاب الطبيعية مبشر جدا في السودان , هنالك مصنع واحد أدخل إنتاج السنمكة من ضمن منتجاته في شكل حبوب, نتمنى أن يزاداد الدعم والاهتمام وتطورت الأبحاث في هذا المجال ليكون السودان بلدا رائدا في في هذه الشأن المهم والحيوي , وهو مكان السودان جدير به ويملك كل مقوماته.