دولية

هاشتاق (تغيير النظام) يجتاح طهران .. الاستراتيجية الأمريكية.. صدمة تربك حسابات الملالي

جدة ــ وكالات

ثمة حالة من الارتباك هزت اركان دولة الملالي شملت تصعيدا للهجة العدائية تجاه واشنطن في أعقاب وزير الخارجية الأمريكية إعلان مايك بومبيو الاستراتيجية الجديدة للتصدي لأنشطة طهران التخريبية بالمنطقة.

صدمة بومبيو في وجه طهران ليست الأولى، حيث أعقبت إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا انسحاب بلاده من الاتفاق النووي.
فالرسالة شديدة اللهجة التي وجهتها واشنطن لإيران على لسان بومبيو بتوقيع أقسى عقوبات في التاريخ حال عدم تلبية إيران اللشروط التي طالبتها بوقف برنامجها النووي المثير للجدل، والكف عن دعم التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط، زاد من مخاوف الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي هاجم تصريحات بومبيو بشدة.
واعتبر روحاني أن: “واشنطن عادت بدفة الأمور إلى نحو 15 عاما مضت”،وألمح روحاني، حسب وكالة أنباء فارس، أن بلاده تواجه سيناريو غزو العراق عام 2003، داعيا إلى مواجهة المشكلات الاقتصادية والبيئية المتفاقمة في البلاد.

وزعم أن الإدارة الأمريكية الحالية تكرر تصريحات إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن.
وواصل الرئيس الإيراني هجومه على وزير الخارجية الأمريكي، قائلا: “من أنت لكي تقرر مصير إيران”، قبل أن يؤكد استمرار نهج طهران كما هو في المنطقة، لا سيما بعد أن اعترفت الخارجية الإيرانية، امس الاول بتواجد مليشيات إيران العسكرية في سوريا، مشددة على استمرار بقائها إلى جوار نظام بشار الأسد، في تحد لمطالبات حليفتها موسكو بخروج كافة القوات الأجنبية من دمشق

فيما دشن نشطاء إيرانيون “هاشتاق” لاقى انتشارا واسعا على موقع التدوينات القصيرة “تويتر”، بعنوان “تغيير النظام”، عبروا خلاله عن غضبهم من سياسات نظام الملالي العدائية بالمنطقة، مثل دعم المليشيات الطائفية في لبنان وسوريا واليمن، إلى جانب تفاقم أزمات البلاد الاقتصادية والاجتماعية إلى حد غير مسبوق.
وشارك العديد من النشطاء الإيرانيين البارزين في الهاشتاق، داعين لدعم الاستراتيجية الأمريكية الجديدة التي أعلن عنها وزير الخارجية مايك بومبيو إزاء أنشطة نظام الملالي التخريبية بالمنطقة، والتصدي للمغامرات العسكرية التوسعية في سوريا والعراق واليمن وغيرها، والتي جلبت على البلاد أزمات عدة من بينها ارتفاع نسب الفقر، وزيادة معدلات البطالة، إضافة إلى تدهور قيمة العملة المحلية إلى أدنى مستوياتها أمام الدولار الأمريكي.

في السياق ذاته، دعا نشطاء إيرانيون عبر الهاشتاق إلى المشاركة في تجمع ضخم من المقرر أن تنظمه المعارضة الإيرانية بالخارج، في العاصمة الفرنسية باريس، نهاية يونيو المقبل، للمطالبة بنيل الحرية للإيرانيين المضطهدين في الداخل وتغيير نظام الملالي.
وعبر هاشتاق ThankYouTrump أو شكرا ترامب، أشار آلاف الإيرانيين في الداخل والخارج من الساعين للخلاص من قمع واضطهاد خامنئي ونظامه لهم على مدار عقود، أن القرار الأمريكي الجديد بمثابة آخر مسمار في تابوت الملالي خاصة في ظل تفاقم الأزمات الاقتصادية، والاجتماعية، وتزايد رقعة الاحتجاجات والإضرابات العمالية في البلاد مؤخرا
وفي الوقت الذي تواجه السوق الإيرانية انسحابا متواليا لشركات أوروبية عملاقة مثل “توتال” النفطية خشية العقوبات الأمريكية، علق محمد جواد ظريف على تصريحات نظيره الأمريكي، مدعيا أن بلاده تعمل مع شركائها للاتفاق على ما وصفها بـ”مرحلة ما بعد الولايات المتحدة”، في تنفيذ الاتفاق النووي.

وفي بيان يخلو من الردود الدبلوماسية، ويشبه إلى حد بعيد لهجة دعاية المليشيات الإيرانية على إثر صدمة الموقف الأمريكي الجديد، أصدرت خارجية طهران بيانا زعمت فيه أن واشنطن تفتقر إلى المعلومات عن طبيعة الأوضاع داخل البلاد.
واتهم البيان الولايات المتحد بأنها تسعى لإحداث حالة من الفرقة بين الشعب الإيراني ونظام الملالي، متجاهلا تصاعد التذمر الشعبي في ظل تفشي الفساد، وتفاقم أزمات الداخل الإيراني على نحو غير مسبوق.

وحاول بيان الخارجية الإيرانية، حسب وكالة تسنيم، صرف الأنظار عن المطالب الأمريكية الموجهة لملالي طهران، واصفا تصريحات وزير الخارجية الأمريكي بـ”السخيفة”
وفي نبرة تعكس إصرار طهران على مواصلة أنشطتها التخريبية بالمنطقة، هدد بعيدي نجاد، السفير الإيراني لدى بريطانيا، بمواصلة بلاده سعيها نحو تخصيب اليورانيوم، معتبرا أن هذا الأمر أحد أبرز إنجازات الاتفاق النووي المبرم منذ 3 سنوات بين طهران وقوى عالمية.
ولفت نجاد، في رسالة عبر حسابه على موقع “أنستقرام”، أن الأمور مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد وصلت إلى طريق مسدود.

وفي السياق ذاته، أوردت وكالة أنباء “تسنيم” المقربة من الحرس الثوري الإيراني تقريرا مطولا تتناول فيه بالتحليل تصريحات مايك بومبيو، التي حدد فيها 12 شرطا للتوصل إلى “اتفاق جديد” مع إيران، مع مطالب أكثر صرامة حول النووي، ووضع حد للصواريخ الباليستية والتدخل الإيراني في النزاعات بالشرق الأوسط.
وقال بومبيو إن إيران: “لن تكون أبدا بعد الآن مطلقة اليد للهيمنة على الشرق الأوسط”، متعهدا بـ”ملاحقة العملاء الإيرانيين وأتباعهم في حزب الله في كل أنحاء العالم بهدف سحقهم”، وهو ما اعتبرته الوكالة الإيرانية مزيدا من الضغوط على طهران، وسعيا نحو تغيير نظام الملالي.

وفى السياق أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) أن الجيش الأميركي سيتخذ كل الخطورات الضرورية لمواجهة نفوذ إيران في الشرق الأوسط.
وقال المتحدث باسم البنتاغون الكولونيل روبرت مانينغ في تصريحات للصحافيين “سنتخذ كل الخطوات الضرورية لمواجهة ومعالجة النفوذ الإيراني الخبيث في المنطقة”، مضيفا “سنقيم ما إذا كنا سنضاعف الإجراءات الحالية أو ننفذ إجراءات جديدة”.
ولم يكشف مانينغ عما سيقوم به البنتاغون لمواجهة طهران لكنه قال إن “المسؤولين ينظرون بشكل نشط في تأثيرهم في المنطقة” ويقيمون الخطوات التي سيتم اتخاذها.
وتابع المسؤول الأميركي أن إيران “قوة مزعزعة للاستقرار في المنطقة ونقوم بكل ما في استطاعتنا لمنع ذلك”.

الى ذلك أكد عضو اللجنة الخارجية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الدكتور موسى أفشار في تصريحات صحفية أن فرض العقوبات الأمريكية الجديدة على النظام الإيراني ستحرمه من تمويل المليشيات الإرهابية التابعه له في اليمن وغيرها من بلدان المنطقة.
وكشف أفشار أن النظام الإيراني حصل على 150 مليار دولار من الأصول المجمدة التي تم الإفراج عنها بالتوقيع على الاتفاق النووي لم ينفق دولارا واحدا منها على الشعب الإيراني، بل أنفقت على تمويل المليشيات الإرهابية في سوريا والعراق واليمن.

وأوضح أفشار أنه “بعد أسبوعين من انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة الفاشلة المعروفة بالاتفاق النووي مع النظام الإيراني، نجد وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو، يعترف بانتفاضة الشعب الإيراني ضد الديكتاتورية الدينية الراعية للإرهاب، مع المطالبة بإقامة جبهة عالمية للتصدي لنظام الملالي في ظل دعمه للإرهاب”.
وأشار إلى أن الاتفاق النووي الإيراني يحوي نواقص قاتلة، زودت النظام الإيراني بأموال الدم لـ”الملالي” و أدواته مثل الحرس الثوري بقيادة قاسم سليماني، وهذا ما تحدث عنه بومبيو بعد اتباع النظام الإيراني للقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة.

وشدد “أفشار” على ضرورة أن يشهد أي اتفاق جديد مع نظام الملالي، العديد من النقاط أهمها: وقف البرنامج الصاروخي الإيراني، والإعتراف باستقلالية العراق، وتجريد المليشيات الإيرانية هناك من السلاح، والانسحاب الكامل للمليشيا الإيرانية من سوريا ، مع ضرورة الوقف الكامل لعمليات إطلاق الصواريخ تجاه الجيران بالخليج وقطع دعم النظام الإيراني للمليشيات الإرهابية في اليمن.
ولفت إلى أن النظام الإيراني من خلال الاتفاق النووي، استغل التنازلات المجانية غير المبرره في الاتفاق مثل “غياب التفتيش الجاد على المنشآت النووية”، ورفع اليد بمراقبة الأصول التي رفع الحظر عنها.

وأوضح في هذا الصدد أن نظام علي خامئني حاول” تعويض احتياجه الخاص بتصنيع القنبلة الذرية، بالعمل على ترسيخ نفوذه في المناطق المهمة بالشرق الأوسط “، مثل اليمن ، مع العمل على تهديد بلدان المنطقة بالصواريخ البالستية ، وهنا استفاد هذا النظام كثيرا من الاتفاق النووي على حساب بلدان المنطقة وسيادتهم على أوطانهم.
ومن هنا، فإن تغيير السياسة الأمريكية بشأن إيران لا يستبطن تلك الرسالة المباشرة الموجهة لإيران فقط، وإنما تتوجه سهامها في الخفاء لجميع حلفاء وشركاء طهران، ومن يقف إلى جانبها في الدرجة الثانية .

فتبدل السياسية الايرانية تجاه طهران يري فيه المراقبون إنه سليل عملية مراجعة جذرية وشاملة لسياسة واشنطن بهذا الشأن، ومحصلة مشهد ينوء تحت أنقاض الفوضى والخراب في كل شبر من منطقة الشرق الأوسط، حيث تقود طهران حروبا بالوكالة.
حيثيات كان لابد وأن تقود بديهيا نحو التساؤل عن مصدر هذه الفوضى، والاستماع لما تقوله بلدان المنطقة حول مخاطر التمويل الإيراني للعديد من التنظيمات الإرهابية التي تتلقى أوامرها مباشرة من طهران، وتتحرك لتنفيذ مخططات التمدد وبسط النفوذ.

جبهات توتر تتحمل إدارة أوباما المسؤولية الأكبر فيها، وتلعب إدارة الرئيس الحالي دونالد ترامب الدور الأول في تصحيح المسار والخيارات، وإعادة حيثيات المشهد بالشرق الأوسط إلى نسقها الطبيعي، عبر نهاء السياسة العدائية والتحريضية والاستفزازية لإيران.
فما الذي يعنيه إرسال طهران قاسم سليماني، قائد ما يسمى بفيلق القدس في جيشها، إلى بغداد ليلتقي القيادات السياسية والحزبية هناك بعد ساعات على صدور النتائج المخيبة لآمالها؟.

الواضح أن طهران أصيبت بالرعب وسكنت بهاجس ومخاوف حدوث تفاهمات حكومية يقودها مقتدى الصدر الفائز الأول في الانتخابات، فتخرجها من المشهد وتكف يدها عن الشعب العراقي.
وردا على ترامب، لجأت طهران إلى تكتيك التهديد الذي تجيده، حيث هددت على لسان قائد حرسها الثوري، محمد علي جعفري، واشنطن من تصنيف مجموعات طهران بالإرهابية.
وقال الجعفري إن قواته “ستعتبر قوات الجيش الأمريكي بمثابة داعش إذا نفذت هذا القرار”.

أما رئيس الأركان الإيرانية، محمد باقري، فهدد بدوره أن بلاده ستستهدف المصالح والقواعد والقوات الأمريكية في المنطقة في حال أدرج “الحرس الثوري” الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية .
تخبط وتهديد من هنا وهناك يكشفان أن طهران تعيش أزمة ما بعد الانسحاب الأمريكي في كل تجلياته، وأن عنجهيتها التي كانت تصبها على بلدان المنطقة، وجدت أخيرا من يكبح جماعها ويقلصها إلى حجمها الطبيعي.

فالواضح هو أن طهران تقف اليوم مجردة من جميع أوراق ضغطها التي كانت تستخدمها ذريعة للتدخل في شؤون الآخرين، وخصوصا ورقة “داعش” في سوريا والعراق، وليس ذلك فقط، وإنما تعد نفسها لخسارة أوراق حلفائها المحليين في سوريا واليمن، عقب عمليات التعبئة والتجييش والشحن المذهبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *