طهران ــ وكالات
عشرات القتلى وأكثر من 3700 اعتقلوا خلال التظاهرات والاضطرابات الأخيرة في إيران، وهي التظاهرات الأكبر منذ تلك التي أعقبت الانتخابات عام 2009.
فيما شنت قوات الأمن الإيرانية، أمس حملة اعتقالات جديدة طالت عشرات الأشخاص بتهمة المشاركة في الاحتجاجات في مدن “سردشت” (شمال غرب إيران)، و”إيذة”، ومحافظة “فارس” ووجهت لهم تهم الإرهاب وإثارة الشغب، وتصل عقوبة الإرهاب في إيران إلى الإعدام.
وفي الوقت الذي ينفذ النظام الإيراني الحكم بالإعدام على المئات من المعارضين السياسيين، بتوجيه تهم “الإرهاب والعنف”، مرر نظام الملالي قانوناً ينقذ الآلاف من تجار المخدرات، من حبل المشنقة، هذا ما أشارت إليه، إذاعة “أر.إف.أي” الفرنسية.
وذكرت الإذاعة الفرنسية، أن “قانوناً إيرانياً، بمجرد دخوله حيز التنفيذ، سيؤدي إلى إفلات آلاف من تجار المخدرات من الإعدام، حيث يخفف القانون عقوبة الاتجار بالمخدرات”.
وأضافت الإذاعة أن القرار اتخذه رئيس الهيئة القضائية الإيرانية، صادق لاريجاني، الذي وجه الأجهزة القضائية، إلى تطبيق القانون الذي صوت عليه البرلمان في أغسطس من العام الماضي.
ووفقاً للقانون الإيراني الجديد، فإنه سيفلت قرابة 5 آلاف مسجون محكوم عليه بالإعدام بتهمة الاتجار بالمخدرات، من الحكم، كما أنه على القضاة إعادة النظر في سجلات قضايا أحكام الإعدامات لقضايا المخدرات لوقف تنفيذها.
وعبرت مقررة الأمم المتحدة الخاصة لحقوق الإنسان في إيران أسماء جهانكير، عن قلقها من تعرض معتقلي الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها البلاد للتعذيب.
وحثت الحكومة الإيرانية على التوصل إلى نوع من التسوية تمنح بموجبها المواطنين الإيرانيين حقوقهم.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عن جهانكير، أن الوضع في طهران لن يكون مريحاً أبداً حتى للحكومة نفسها إذا لم تصل لهذه التسوية”.
فيما كشف ناشطون عن مقتل عدد من السجناء تحت التعذيب، مطالبين المجتمع الدولي بالتحقيق في قتل المتظاهرين بالصعق الكهربائي كما حذروا من محاولات نظام الملالي لضرب النسيج الاجتماعي للشعب الإيراني عبر ما يقدم عليه من سيناريوهات مظاهرات مؤيدة يٌرغم فيها الموظفين البسطاء في الهيئات الحكومية.
وأثار نشطاء حقوقيون في إيران مخاوفهم حول حملات الاعتقال الجماعية على خلفية أكبر احتجاجات على مستوى البلاد منذ قرابة عقد، بعد موت ثلاثة متظاهرين على الأقل في أحد سجون طهران.
ونقلت صحيفة “الجارديان” عن نائبين في البرلمان الإيراني مقربين من المعسكر الإصلاحي، قولهما إن أحد المحتجزين ويدعى سينا غنباري توفى في سجن “إيفين”. كما أخبرت الناشطة الحقوقية الإيرانية، نسرين سوتوده، الصحيفة البريطانية هاتفيا عن موت محتجين اثنين آخرين في السجن، لكن لم يتم تحديد هويتهما بعد.
ويحذر سياسيون في طهران، وعلى رأسهم النائب محمود صادقي، من تكرار فضحية سجن كهريزاك مجددا. وقال: “أحذر الرئيس ومسؤولي الاستخبارات والقضاء من كهريزاك جديد”.
وزاد معدل القلق حول مصير آلاف المحتجزين بعد وفاة غنباري. ويقول هادي غيمي، المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران، إن السلطات تدعي أنه قتل نفسه لكن لا توجد مصداقية في ادعاءاتها دون تحقيق مستقل ونزيه.
فيما أشار الباحث في الشؤون الإيرانية في منظمة العفو الدولية، نسيم باباياني، إلى أنه من وقت لآخر يتم اكتشاف الظروف غير الإنسانية في السجون الإيرانية من حيث التكدس والتهوية السيئة والتهديد بالتعذيب.
كما أعرب عن قلقه حول عدم سماح السلطات الإيرانية لعائلات المحتجزين بمعرفة أي معلومات عن مصيرهم مطالبا إياها بضرورة كسر حاجز الصمت هذا والإفصاح عن أماكن وحالات المعتقلين لديها.
بدوره قال الباحث السياسي الأمريكي مجيد رفيع زاده، إن الإجراء الوقائي هو على الأرجح محاولة لنشر الخوف، كما أنه يوفر للسلطات الإيرانية حجة “مشروعة” لاعتقال الناس الذين يعتبرون من معارضي النظام، مشيرا إلى أن النظام يحاول تقليل إمكانية انتشار الاستياء أو موجة أخرى من التظاهرات.
وأكد الباحث السياسي الأمريكي أنه عبر قراءة تاريخ النظام الإيراني وكيفية معاملته للمحتجزين والمسجونين، يمكن إثارة كثير من القضايا المقلقة، مشيرا إلى أن مركز احتجاز “كهريزك” هو مثال على كيفية معاملة المتظاهرين المحتجزين.
وقال زاده إنه في أعقاب تظاهرات عام 2009، تكشفت تقارير حول مركز احتجاز بعينه هو “كهريزك”؛ حيث كان المتظاهرون المحتجزون يتعرضون للتعذيب والتعديات، ولقي الكثير منهم مصرعهم بداخله، طبقاً لمنظمات حقوق الإنسان.
وأوضح زادة أن المحتجزين عادة ما يُستخدمون كبيادق لإعطاء المجتمع الإيراني درساً قاسياً ضد التظاهرات، مشيراً إلى أن المتظاهرين بصورة عامة يصنفون كمنشقين سياسيين، ويتم إبقاؤهم داخل سجون سياسية سيئة السمعة مثل سجن “إيفين”، حيث عدم المراعاة للأصول القانونية، والحرمان من إمكانية الوصول إلى المحامين.
وقال الباحث إن المسجونين على الأرجح سيواجهون اتهامات غامضة مثل تهديد الأمن القومي للحكومة، ومحاولة الإطاحة بها، أو التآمر على “الأعداء” والأجانب، مشيراً إلى أن العقوبات يمكن أن تتراوح ما بين الحبس الانفرادي طويل الأمد إلى الإعدام، أما إهانة المرشد الإيراني علي خامنئي وترديد هتاف “الموت لخامنئي” فعقابها الموت.
وطبقاً لمنظمة العفو الدولية، فإن التعذيب يعتبر أسلوباً تقليدياً يستخدمه النظام في سيناريوهات مشابهة.
وأضاف الباحث الأمريكي أنه بالإضافة إلى كل ذلك، فإن النظام سيحاول انتزاع اعترافات قسرية عبر تهديد المحتجزين وعائلاتهم، لافتاً إلى أنه في مثل تلك الأوضاع يُرغم المسجونون على قول إنهم كانوا يتعانون من حكومات أجنبية، ويتجسسون، ويحرضون على تظاهرات مناهضة للحكومة.
فيما جددت الحملة العالمية لمناصرة ثورة الشعوب غير الفارسية في إيران اتهام ، نظام الملالي بمحاولة اغتيال أحد قادتها بلندن.
وقالت الحملة، في بيان على صفحتها الرسمية، إن النظام الإيراني يسعى إلى النيل ممن يرى أنهم يقفون وراء الاحتجاجات المشتعلة في خارطة ما تسمى بإيران.
واستهدفت محاولة الاغتيال، بحسب البيان، القيادي المعارض محمود أحمد، الذي يتولى منصب الأمين العام لجبهة الأحواز الديمقراطية، كما أنه عضو مؤسس وقيادي في المجلس الوطني لقوة الثورة الأحوازية.
وعن ملابسات محاولة الاغتيال أوضحت الحملة في بيانها أن القيادي المعارض محمود أحمد كان غائباً عن بيته، مساء الأربعاء الماضي، لكن شخصاً ما دخل إلى البيت، قرابة الخامسة عصراً من خلال حديقة البيت الخلفية ومنها إلى غرفته وأشعل النور ثم غادر دون سرقة.
وقام المعارض الإيراني بإخطار شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية التي طلبت منه أن يغير مقر إقامته مع أسرته، وألا يكشف عنوانه الجديد لأي شخص، كما أوصته بعدم زيارة بيته المعروف.
وتأتي محاولة الاغتيال الأخيرة، بالتزامن مع تهديد وزير الاستخبارات الإيرانية، محمد علوي، بتصفية كل من كانت له يد في الاحتجاجات حيثما كانوا.
محاولة الاغتيال جاءت بعد نحو 3 أشهر من اغتيال القائد أحمد مولي أبو ناهض، رئيس حركة النضال لتحرير الأحواز من “الاحتلال الإيراني” في مدينة لاهاي الهولندية.
واختتمت الحملة العالمية لمناصرة ثورة الشعوب غير الفارسية في إيران بيانها بالقول إن محاولات النظام الإيراني في اغتيال قادة المعارضة الإيرانية سواء بالداخل أو بالخارج لن يوقف الثورة المشتعلة حالياً في مدن وقرى إيران.
فيما أكد مسؤول ألماني بأن العضو في النظام الإيراني آية الله محمود هاشمي شهرودي، الذي يخضع لتحقيق في ألمانيا في مزاعم ارتكابه جرائم ضد الإنسانية، غادر البلاد على متن رحلة متجهة إلى طهران.
وكان شهرودي، رئيس السلطة القضائية الإيرانية السابق، موجودا في ألمانيا لتلقي العلاج عندما رفع نشطاء دعاوى ضده أمام الادعاء، مستشهدين بما وصفوه بسجله في إقرار أحكام بالإعدام.
وقال المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الممثل للمعارضة في المنفي، إن شهرودي أصدر “آلافا” من أحكام الإعدام تصل إلى حد جريمة ضد الإنسانية، وحث المدعين الألمان على التحقيق معه.
وأدان ناشط بالمجلس مغادرة شهرودي وقال شاهين جوبادي، عضو لجنة الشؤون الخارجية باللجنة: “كان يجب محاكمته عن آلاف من عمليات الإعدام في إيران”.
وقال المدعون إنهم يحققون في الدعاوى، ومنها واحدة رفعها السياسي الكبير بحزب الخضر فولكر بيك. وذكر المجلس الوطني للمقاومة في وقت لاحق أن إيران حجزت 7 تذاكر طيران له ولمرافقيه على رحلة تابعة للخطوط الجوية الإيرانية من أجل مغادرة البلاد.
والمحكمة الدستورية في ألمانيا هي المخولة بإصدار أوامر الاعتقال ولكي يصل إصدار حكم بالإعدام إلى حد الجريمة ضد الإنسانية يجب أن يكون جزءا من هجوم منهجي على سكان مدنيين.
وفي حين أن ألمانيا تعارض عقوبة الإعدام شأنها شأن جميع دول الاتحاد الأوروبي فإن المدعين الألمان لا يتحركون تلقائيا تجاه حالات أحيلت إليهم تشمل عمليات إعدام في دول خارجية.