د. هاشم عبدالله النمر
تعتزم وزارة الإسكان إطلاق برنامج “إيجار”, وهو عبارة عن برنامج وطني يهتم بتوثيق عقود الإيجار إلكترونيا وتقديم حلول لقطاع الإسكان ولضمان حقوق المالك والمستأجر من خلال توثيق عقد الإيجار إلكترونيا وربطه بالمكاتب العقارية لتوضيح معلومات المستأجرين وتاريخهم الائتماني من حيث السداد أو التعثر. هذا النظام الذي يعتبر ذو فائدة كبيرة للطرفين المستأجر والمؤجر و ما هو إلا نتيجة واقعية لعدم مقدرة الكثير من المواطنين تملك عقاراتهم وبالتالي اللجوء إلى الاستئجار. وفي أغلب الأحيان قد يضطر المواطن إلى عدم مقدرته دفع الإيجار وذلك بسبب التضخم المتزايد والمصاحب للتغيرات الاقتصادية المحلية والعالمية والذي يؤدي غالبا إلى زيادة متوقعة لأسعار السلع الاستهلاكية الأساسية مصاحبة لزيادة أخرى في تكاليف الإيجار العقاري.
لذا كانت إحدى الأسباب التي أدت إلى بزوغ النظام الجديد هو قطع الطريق امام المستأجرين المتأخرين بدفع الإيجار والذين يتنقلون من موقع لأخر من غير دفع رسوم الإيجار للمستأجر القديم وهكذا تدور العجلة من غير وجود نظام واضح للكشف عن التاريخ المالي أو الائتماني للمستأجر, النظام أيضا ولوجود قاعدة بيانات كبيرة توضح أسعار إيجار العقارات في مختلف أنحاء المملكة, من المفترض أن يخفف عملية المبالغة برفع أسعار إيجار العقارات الغير منطقية, فهناك إحصاءات اقتصادية أشارت بضرورة وجود حل سريع لظاهرة ارتفاع إيجار العقارات بالسعودية حيث سجلت نسب زيادة مخيفة وصلت إلى ما مقداره 300 % خلال العشر سنوات الماضية. اعتقد بأننا يجب أن نعي بان النظم الجديد مهم على جميع الأصعدة ولجميع الأطراف ذلك لعدم وجود نظام أو قانون سابق ينظم العلاقة مابين المالك والمستأجر, فهناك في الغالب اجتهادات وقواعد عامة تم فرضها من السوق العقاري, وتركها المشرع لاتفاق وحرية الطرفين ووجود الإيجاب والقبول وكامل الأهلية للأطراف وفي حال تم توقيع جميع الأطراف عليها أصبحت ملزمة وذلك دليل قطعي على رضاءهم التام على ما جاء في العقد. إن من الضروري التنظيم الجيد و المحافظة على العائد العقاري السعودي بصورة محكمة لضمان حقوق المواطنين ولضمان حق المالك والمستأجر وذلك لكثرة القضايا المسجلة في المحاكم السعودية من قبل المواطنين أو عقاريين ضد مستأجرين أو العكس, وفي اغلبها مطالبات وحقوق مالية مما زاد العبء على الدوائر القضائية وانشغالهم في مثل هذه القضايا المكررة , والتي وإن وجد نظام واضح وصارم لقضي على نسبة كبيرة من هذه القضايا. النظام مفيد ومهم أيضا ذلك لان قطاع العقار من القطاعات التي تساهم بزيادة كبيرة في النمو الاقتصادي للدولة, فالعقار أصبح من الثروات الوطنية المهمة ويحظى باهتمام ملحوظ من ولاة الأمر, فقد حظي قطاع الإسكان مؤخرا على مبلغ 35 مليار ريال سعودي كتحفيز لهذا القطاع وهو بمثابة دليل على أهمية هذا القطاع بدعم عجلة التنمية. ويوفر قطاع الإسكان ألاف الوظائف لأبناء الوطن مما سيكون له الأثر الكبير بتقليل نسب البطالة, كل هذه المعطيات تصب وبكفاءة في تعظيم الأثر الاقتصادي وتمتين القاعدة الاقتصادية للملكة. أخيرا إن نظام إيجار يعتبر من الأنظمة المهمة وذلك لخلق قاعدة بيانات كبيرة مهمة لجميع الأطراف ولخلق توازن مهم في أسعار الإيجارات مما يتيح للمواطن اختيار السكن الأمثل له وبما يتناسب مع دخله الشهري, لكن المهم أن لا يسبب النظام بنوع من الارتخاء والتخدير للمواطنين بعدم سعيهم لتملك المسكن , ونتمنى أن تستمر وزارة الإسكان في جهودها على مساعدة المواطن على تملك العقار بدلا من ضياع العمر بالتنقل من تأجير مسكن لأخر وقد يتقاعد المواطن ولم يمتلك العقار الذي يؤويه وأسرته. والمهم أيضا هو إيجاد آلية مرضية للبنوك ومانحي القروض من قبل الدولة لتسهيل عملية قرض المواطن لتملك مسكنه بما يتناسب مع وضعه المالي, والخشية أن يصيب السوق العقاري بعضا من الركود مما تكون نتائجه عكسية ويودي إلى انهيار سوق العقار بسبب قلة الطلب وارتفاع أسعار العقار, وبالتالي الرجوع إلى نقطة الصفر من جديد وذلك لوجود نسبة بسيطة من المواطنين قادرة على الشراء ووجود نسبة اكبر تفضل عدم تملك العقار.