الثقافيـة

نساء العرب استلهَمْنَ “زغرودة الفرح” من الإبل

يرتبط العربي في حياته بعلاقة حميمة بالناقة منذ الأزل، فهي ركوبه، ومشربـــه، وزاده، وعدتـه إذا جفَّتْ منابع المـاء وغـارت الشهب.

لذلك كانت زينتهم وفخرهم رمـزًا للعز والقـوة، تدفع لإثبات السلم في الديات والعشور والمصالحات، وتـدق بسببهــا طبـول الحرب، يدلِّلونها ويذرفـون الدمع عليها، ومن هذا المنطلق ترتبط الإبل كليًّا بأصحابها وتستطيع تمييز أصواتهم .

وقد أصلت الثقافة العربية لحداء الإبل شعرًا وموروثًا شفهيًا متناقلًا، حتى أصبـــح أسلوب مناداة الإبل بأسمائها خلال وقوفها أمام لجنة تحكيم جائزة الملك عبد العزيز لمزايين الإبل من الأساليب المتعارف عليها في مزايين الإبل، والمسموح بها.

حيث يقف كل صاحب ناقة مشاركة في المسابقة مناديًا ناقته باسمها أو الاسم المعتادة عليه حتى يلفت انتباهها عندما ينتابها الخمول والكسل.

وتخفض رأسها وتختفي مواطن جمالها، فتنشط الناقة بعد سماع الصوت وترفع رأسها بحثًا عن صاحبها.

فتبرز جمالها أمام لجنة التحكيم، فيضمن صاحبها حصولها على جميع نقاط الجمال الموجودة في ناقته.

وإذا كانت الإبل تتميز بقدرتها على تحديد صوت صاحبها بدقة متناهية من بين جميع الأصوات، فإنها كذلك تتميز بعدد من الخصال والصفات الأخرى.

كقوة الذاكرة حتى أنها لا تنسى موطنها الأصلي الذي نشأتْ فيه ولو بعد سنين طويلة؛ إذ تستطيع العودة إليه بكل يسر وسهولة .

ومن غرائب الإبل أن صغيرها يستطيع العودة إلى آخر مكان رضع فيه الحليب من أمه في حال ضياعه، كما أن لديها القدرة على معرفة أماكن تجمعات المياه أو نزول الأمطار والأراضي المعشبة لما تتمتع به من حاسة شم قوية .

وتصدر الإبل أصواتًا كثيرة تختلف باختلاف أحاسيسها ومشاعرها، وما تريد أن توصله لما حولها من إبل أو بشر، وهي تعكس مدى إحساسها وتقلب أمزجتها وأحوالها النفسية .

واستطاع العربي أن يميز هذه الأصوات، وجعل لها في اللغة العربية مسميات فصيحة، ومن هذه الأصوات ” الزغرودة “، وهي صوت فحل الإبل عند فرحه أو اعتزائه بقوته.

وقد درج هذا الاسم لتسمية صوت البشر عندما يفرحون أيضا بما يسمى في التراث الشعبي “زغروتة” أو “زغرودة” وهو تقليد للإبل في هذا الشأن .

كما تعبر الإبل بصوت ” الرغاء” عن الفزع والتضجر، وصوت “الضبح ” وهو إصدار الهواء عند الفزع بلا رغاء، و”الحنين ” صوت تعبر به الإبل إذا فقدتْ حوارها، ويحنّ الحوار إذا فقد أمه.

وتحنّ الإبل إذا تفرقت وفقد بعضها بعضًا، وإذا رأتْ أصحابها، وتحنّ الإبل إذا عطشتْ، بالإضافة إلى صوت ” الإرزام ” وهو نوع من الحنين.

ولكن فيه تعبير مختلف في ترديد الصوت، وعادة يكون منخفضًا قليلًا، وكثيراً ماترزم الإبل عند العطش .

ومن أصوات الإبل “الإهجال ” وهو نوع من الحنين فيه تعبير أكثر، وكثيرًا ما تهجل الخلوج، و”الجرجرة” وهو صوت يصدره البعير من حنجرته عند الضجر .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *