أرشيف صحيفة البلاد

نزيف إيران يتواصل .. وزلزال الريال يضرب طهران

طهران ــ وكالات

ضرب شلل شبه تام معظم الأسواق الرئيسية في المدن الإيرانية، جراء موجة إضرابات جديدة احتجاجا على الانهيار التاريخي للريال الإيراني.

وقالت المعارضة الإيرانية إن “إضرابا عارما” انطلق في أسواق العاصمة طهران ومدن أخرى، على غرار هرج وتبریز وشهرری إثر تدهور سعر صرف الريال.

وانخفض الريال الإيراني إلى 112 ألف مقابل الدولار الواحد بعد أن كان 98 ألفا مقابل الدولار السبت الماضي، ليصل إلى مستوى قياسي جديد.

وينذر إعادة فرض الولايات المتحدة دفعة أولى على إيران من العقوبات الاقتصادية في 7 أغسطس المقبل، بمزيد من الانهيار للعملة المحلية وتدهور الاقتصاد.

وقالت منظمة مجاهدي خلق المعارضة إن “حشدا غفيرا من الناس تجمع في ساحة “سبزه ميدان” في طهران، غير أنهم واجهوا هجوما شنه الأمن”.

وبدأ إضراب في أسواق طهران وهرج وتبریز وشهرري ومدن أخری، وأصبح موقف الشارع الإيراني متفجرًا”، وفق المصدر نفسه.

وانطلق الإضراب رغم حملة القمع التي شنتها السلطات، فقد قالت التقارير إن الأمن اعتقل 29 شخصا بتهمة إثارة بلبلة اقتصادية.

وتداول نشطاء إيرانيون أنباء على مواقع التواصل الاجتماعي تفيد بانتشار أمني مكثف في شوارع طهران لقمع المتظاهرين.

وتركز الانتشار الأمني، بحسب النشطاء، في مناطق مختلفة من العاصمة الإيرانية طهران مثل السوق الكبير أو البازار، وشارع ولي عصر وساحة فردوسي الرائج بهما تجارة العملة.

وتمحورت أبرز أسباب تلك الاحتجاجات والإضرابات المحتملة، بحسب منشورات متداولة، حول شيوع الكساد بالأسواق، والاضطراب في قيمة الدولار بشكل غير مسبوق، إضافة إلى تقلص القدرة الشرائية للمستهلكين، والسياسات المصرفية والاقتصادية المتعثرة لحكومة طهران.

فيما تتواصل لليوم الثامن على التوالي جولة جديدة من إضراب سائقي الشاحنات الثقيلة واسع النطاق، بسبب تردي الأوضاع المعيشية، وغلاء الأسعار إلى جانب تدني الأجور وعقبات لوجيستية أخرى، وسط عجز حكومي ووعود متكررة دون جدوى.

وحسب رويترز، قال المتحدث باسم السلطة القضائية، غلام حسين محسني إجئي، إن “29 شخصا اعتقلوا وسيحاكمون قريبا.. ربما يتم اعتقال المزيد الليلة وغدا”.

وتوعد محسني إجئي المتظاهرين حين قال إن كثيرين يواجهون تهمة “إشاعة الفساد في الأرض”، في إشارة إلى تهمة عقوبتها الإعدام في إيران.

بيد أن الوعيد وحملة الاعتقالات لم تحل دون خروج المظاهرات وتنظم الإضرابات، الأمر الذي يشير إلى اندلاع موجة جديدة من الاحتجاجات التي بدأت قبل أشهر.

وبالإضافة إلى هبوط العملة، أثارت العودة المتوقعة للعقوبات احتجاجات في الشوارع تضمنت احتجاجات من التجار الموالين بشكل تقليدي للحكام في إيران، وإلى غضب الناس بسبب مزاعم التربح والفساد.

وفقد الريال نحو نصف قيمته منذ أبريل 2018، نظرا لضعف الاقتصاد والصعوبات المالية في البنوك المحلية، والطلب المكثف على الدولار بين الإيرانيين، الذين يخشون من أثر العقوبات الأميركية الجديدة.

وفي مايو الماضي، انسحبت الولايات المتحدة من اتفاقية 2015 بين القوى العالمية وإيران، التي رُفعت بموجبها العقوبات عن طهران مقابل تقليص برنامجها النووي.

وقررت واشنطن إعادة فرض العقوبات، متهمة طهران بأنها تشكل تهديدا أمنيا، وأبلغت الدول بضرورة وقف جميع وارداتها من النفط الإيراني، اعتبارا من الرابع من نوفمبر، وإلا ستواجه إجراءات مالية أميركية.

ويعاني الشعب الإيراني من تدهور حاد في مستوى المعيشة في وقت يهدر النظام الأموال العامة على تمويل ميليشيات طائفية بالمنطقة، الأمر الذي فجر موجة احتجاجات لاتزال مستمرة منذ ديسمبر الماضي، وسط بوادر بتصاعد حدتها مع تواصل الانهيار الاقتصادي.

الى ذلك كشف خبير اقتصادي إيراني مؤيد لحكومة الرئيس حسن روحاني، عن وجود خلافات حادة وتبادل اتهامات بين أعضاء الفريق الاقتصادي بحكومة طهران، على خلفية التراجع المصرفي، وتهاوي قيمة العملة المحلية المتواصل.

ونقلت وكالة أنباء “تسنيم” الإيرانية، رسالة مفتوحة لـ روحاني عن “حسن رجاهي” أحد الأعضاء السابقين بلجنة التنسيق الاقتصادي الحكومية، مطالبا فيها بإصلاح السياسات المصرفية طبقا لمعايير عملية ومشورة أكاديمية متخصصة.

وذكر “رجاهي” في رسالة مطولة إلى الرئيس الإيراني أن إدارة الاقتصاد المحلي كانت تقع على عاتق أشخاص يفتقدون للخبرات الإيرانية السابقة في هذا الصدد، إضافة إلى تجاهلهم “اقتصاد المعرفة”، على حد قوله.

ولفت الخبير الاقتصادي الإيراني إلى أن الأساليب غير العلمية للسياسات المصرفية الحكومية في إيران أدت إلى تشديد حالة الاضطراب الاقتصادي مؤخرا.

وألمحت رسالة “رجاهي” إلى وجود حالة من التنافر وعد التناغم بين سياسات المؤسسات المصرفية مثل البنك المركزي الإيراني، ووزارة المالية والاقتصاد.

وأكد العضو السابق بلجنة التنسيق الاقتصادي الحكومية أن حالة التنافر والشقاق بين أعضاء فريق روحاني الاقتصادي أدت إلى فشل الحكومة في تجاوز المشكلات الاقتصادية للبلاد.

وفى سياق ذو صلة زجت إيران بآلاف المقاتلين الأفغان في أتون الحرب السورية، خلال الأعوام الماضية، حيث قاتل كثيرون إلى جانب ميليشياتها للإبقاء على نظام بشار الأسد، مدفوعين بعاملين أساسين وهما: المال واللعب على العصبية المذهبية.

وكشف تقرير، نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، أن إيران استغلت عنصرين مهمين في تجنيد الأفغان للقتال في سوريا، وهما الانتماء الطائفي لنسبة من مواطني البلاد إلى المذهب الشيعي، فضلا عن حالة الفقر المدقع التي تدفع الكثيرين إلى البحث عن مورد رزق بأي وسيلة.

ونقلت عن حسين، 26 عاما، وهو مقاتل أفغاني شارك في عمليات القتال بسوريا، أنه كان يقبض راتبا يصل إلى 600 دولار في الشهر بعدما كان يعمل نجارا في إيران.

وأشارت الصحيفة إلى أن منظمات حقوقية تقدر أعداد الأفغان الذين شاركوا في الحرب السورية منذ انضوائهم تحت لواء “الفاطميون”، الذي أسسه الحرس الثوري الإيراني لقتال المعارضة السورية، يتراوح ما بين 5 آلاف و12 ألف مقاتل أفغاني.

وأضافت أن إيران جندت معظم المقاتلين من لاجئين أفغان يعيشون على أراضيها، كما جلبت آخرين من أقلية “الهازارا”، والشيعة الموجودين على مقربة من الحدود مع أفغانستان ومناطق أخرى.

ولا يشكل المقاتلون الأفغان سوى فئة محدودة فقط من مقاتلي الميليشيات الإيرانية، التي تضم عددا كبيرا من اللبنانيين

وقالت الإدارة الأميركية، في ديسمبر الماضي، إن وكلاء إيران في سوريا، يشكلون 80 في المئة من القوات التي تقاتل لدعم الرئيس الأسد.

ويتفادى عدد من المقاتلين الأفغان إخبار عائلاتهم بأمر سفرهم إلى سوريا خشية أن تعلم السلطات بالأمر وتقوم باعتقالهم، لكن بعض أبناء طائفة “الهازارا” لا يخفون “فخرهم” بمهمة القتال هناك.

وتشير جمعيات حقوقية إلى أن إيران تستعين بالمقاتلين الأفغان حتى تتجنب الانتقادات الداخلية التي تتلقاها، من جراء مصرع أبناء البلاد المواطنين في حرب خارجية لا دخل لهم فيها.