شعور جيد أن تذهب لعزلتك بكامل وعيك وإرادتك، لكي تحافظ علي مسافه آمنه بينك وبين الآخرين، أن تنعزل قليلاً عن ميدان الحياه قرار يحتاج للكثير من الشجاعه، شعور جيد أن تصبح أنت من يقرر متي وكيف يتقدم خطوه أو يبتعد، أن تصبح تحركاتك خفيفه وحره، آلاَ يمتلكك شيء ولا تملكه!.. ولكن كل الأبواب تُوصد إلا باب الحنين، شعور مربك حينما تلتقي بأحدهم وتشعر انك تصادف نفسك القديمه، فتتأمله طويلا.. ترى صورتك كيف كانت وكيف أصبحت، تري بريق عينيك القديم في عينيه، تراه يردد الكلمات التي لم يعد يدركها سمعك منذ زمن بعيد، تقف لتتنفس بعمق محارب لم يسترح منذ سنوات، تخشي أن تنظر لعيناه لكي لا يري شيئا من آثار حروبك التي لم يعرفها سواك، تخبر روحك انك لن تنهزم – ابدا – مره أخرى.. ولكن ماذا نفعل أمام من يصبح بمنزله الروح للروح.. ربما يتسنى لنا الركض معاً بما تبقي لنا من شغف وأمل، ربما تلك اللحظات الدافئه التي تمنحها لنا الحياه من حين لآخر هي ملاذنا الآمن في مواجهه أشد الليالي ظلمه، يراودني شعور غريب جداً، أشعر وكأنني فقدت قلبي في أحد الطرقات، ربما علي طاوله مقهي عتيق، ربما بين صفحات كتاب، ربما ظل أسير ذكري.. ولكني أثق أنني سوف أجده مره أخري، هل تخيلت يوماً أن تفقد شيئاً غالياً ثم تجده بعد حين، ولكن ماذا أن كان هذا الشيء هو قلبك.. أشعر أنني حينما أقابل قلبي ربما أسقط من فرط الأشتياق، ربما أبكي طويلا حتي تجف دموعي، ربما أتأمله دون أن أنطق بكلمه واحده، ولكن ما أثق به أنني لن أفقده مره أخرى.. دفء ضباب الدرب وغموضه يدفعني للمزيد من الخطوات، للمزيد من الأكتشاف، رغم أن بعض المسافات لا يمكن عبورها، ولكننا نحاول، ماذا يتبقي منا سوي المحاوله.. لا أجد وصفاً أصدق من صوت أسمهان وهي تردد، ليكون فؤادك مش خالي وتعذّب قلبى.. سلامٌ عليّ المبصرون وسط العتمه، سلامٌ عليّ عيون لم تنمُ من فرط الحنين، سلامٌ عليّ أثر ضحكات الأصدقاء، سلامٌ عليّ الراحلين، سلامٌ عليّ الحالمون، سلامٌ عليّ الراكضون وسط الزحام، سلامٌ عليّ الوجوه المألوفه والأبتسامات الصادقه، سلامٌ عليّك..