الرياض- البلاد
استضافت هيئة الصحفيين السعوديين معالي الدكتور أحمد بلال عثمان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الإعلام في جمهورية السودان الذي زار المملكة العربية السعودية بدعوة من معالي الدكتور عواد بن صالح العواد وزير الثقافة والإعلام، وذلك خلال ندوة أقيمت في مقر مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر بالرياض بحضور عدد من أعضاء مجلس إدارة الهيئة، ورؤساء التحرير وكتّاب الرأي وصحفيين من وسائل إعلامية مختلفة.
وفي بداية اللقاء رحب الأستاذ خالد المالك رئيس مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين رئيس تحرير صحيفة (الجزيرة) بمعالي الدكتور أحمد بلال عثمان والوفد المرافق له والمكون من سفير جمهورية السودان الشقيق عبدالباسط بدوي السنوسي، ونائب رئيس البعثة في سفارة جمهورية السودان السفير د. أحمد التيجاني، والوزير المفوّض لجمهورية السودان المعتز إبراهيم، ومدير هيئة الإذاعة والتلفزيون بجمهورية السودان أحمد عثمان بكر، والمدير التنفيذي بمكتب نائب رئيس الوزراء وزير الإعلام محمد فضل السيد بلال.
وفي بدء اللقاء هنأ الأستاذ خالد المالك الضيف ومرافقيه بصدور قرار رفع العقوبات عن السودان الشقيق بعد طول انتظار من قبل الإدارة الأمريكية؛ وذلك نتيجة للتعاون المثمر بين المملكة العربية السعودية وجمهورية السودان.
بعد ذلك تناول معالي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الإعلام السوداني الدكتور أحمد بلال عثمان الحديث فقال: بسم الله والحمد لله.. الإخوة جميعاً لكم التحية والشكر على هذه الدعوة الكريمة وهذا اللقاء الطيب.
والحقيقة أتيت للمملكة بناءً على دعوة كريمة من أخي الدكتور عواد العواد وزير الثقافة والإعلام السعودي. وهذه الدعوة تأجلت بعض الشيء بعد أن التقينا في مؤتمر وزراء الإعلام العرب في القاهرة، واتفقنا على تبادل الزيارات. وشاء الله أن تتأخر، ولكن هذا التأخر صادف مناسبات عديدة هي بالنسبة لنا مفرحة.
وخصوصاً مناسبة رفع الحظر الجائر عن السودان، وهذا بالنسبة لنا مناسبة مشتركة، فالسودان سعى كثيراً وعانى كثيراً من الحظر الاقتصادي، وما زلنا نعاني من وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب رغم أن السودان باعتراف الـ(سي آي إيه) وكل المنظمات الأمريكية من أكثر الدول تعاوناً وخبرةً ولديها معلومات عن الإرهاب، وساعد كثيراً في هذا الإطار،
وربما أن الخطوة التالية -بإذن الله- هي رفع اسم السودان من هذه القائمة السوداء، وبالنسبة لنا فالجانب الاقتصادي هو الأهم، وعانينا كثيراً كشعب من هذا الأمر أكبر من معاناة الحكومة من هذا الحظر. فخلال عشرين عاماً عانينا من التعامل والاندماج في الاقتصاد العالمي ومنها التحويلات المالية، والاستثمارية، والحراك المالي للقطاعين العام والخاص.
الآن نحن نعتقد أن في السودان عملاً داخلياً كبيراً خلال السنتين الماضيتين منها الحوار الوطني والذي دعا إليه رئيس الجمهورية، والتف حوله حوالي 90 حزباً ووقّع اتفاقات وانتظم الجميع في حوار طويل وحوار حر رغم انتقادات عدد من الدول الغربية.. والحوار كان جاداً وشفافاً وصريحاً، ناقش كثيرا من القضايا بروح عالية، توافق سوداني، ووصلنا فيه إلى جملة من التوصيات والإجراءات والسياسات في مجملها 994 توصية.. بعضها تناول الدستور، ومن ذلك استحداث منصب رئيس للوزراء، وأنا الآن نائباً لرئيس مجلس الوزراء كنتيجة لهذا التغيير الذي حدث في الدستور، وتشكّلت حكومة الوفاق الوطني التي ضمت عدداً كبيراً من هذه الأحزاب، هذا الحوار حرّك التفاعل والتعاون والتواصل بيننا وبين الدول وبالذات المجتمع الغربي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية..
فبدأ بين السودان وأمريكا حوار استمر حوالي عام ونصف العام ، حوار دبلوماسي، أمني.
وهنا أتى الدور الكبير الذي لعبه الإخوة الأشقاء وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، فقد كان لها دور محوري في هذا الحوار ودفعت به إلى آفاق النجاح، بعد أن كاد أن يقف. ونحن فخورون بالعلاقة بين السودان والمملكة في ظل رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الشاب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، إذ شهدت العلاقة نوعاً من الازدهار والتقدّم بصورة كبيرة جداً، وتخطت عقبات البروتوكولات والرسميات، وأصبح فيها شكل متواصل من الزيارات المتبادلة حتى بدون إعلان وبمجرد اتصالات،
مما سهل كثيراً من تقوية هذه العلاقة، وفي نهاية الأمر نحمد الله أولاً، ثم الشكر لهذا الدور الكبير الذي لعبته المملكة إلى أن نتوصل إلى رفع الحصار، ونطمح بأن ما سيأتي في الحوار المستقبلي والمستمر والتعاون بيننا وبين الأسرة الدولية وعلى رأسها أمريكا، أن تتم معالجة ما تبقى من مواضيع ومنها معالجة الديون؛ لأنه في الحقيقة أننا في السودان نعاني من الديون، ونحن كدولة نتعاون وتفاهم مع البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية والدولية، فالسودان من أكثر الدول التي استجابت وجهزت كل ما يطلب منها بخصوص إعفاء الديون..
وهذا كان قرار سياسي نتمنى أن تشهد الفترة القادمة معالجة هذا الأمر، وبالتالي ينطلق السودان إن شاء الله بعد الاندماج الاقتصادي بشكل عاجل إلى رحاب أوسع، وتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي في السودان.
أكرر الشكر الجزيل لكم على هذا اللقاء، وهذه العلاقة الكبيرة التي تأسست الآن، علاقة هي أصلاً موجودة بالتأكيد منذ زمن طويل، ولكنها في هذا العهد تشهد الكثير من الازدهار والتفاهم، ونحن بالنسبة لنا المملكة عمق إستراتيجي.. ولا شك في ذلك، والسودان مطلوب منه أن يؤمّن ظهر المملكة وأمن البحر الأحمر.
ولذلك في كل القضايا التي يعانيها إقليمنا المضطرب والمأزوم يحتاج منا الكثير من التقارب والتفاهم حتى وإن كان ذلك ليس من خلال العمل الدبلوماسي، أو الحراك السياسي.. وإنما قد يكون من خلال دخول المعارك في هذا الأمر، كما حدث في عاصفة الحزم. نحن علينا أن نكون جاهزين لذلك.. ونحمد الله أن القيادتين متفاهمتان في ذلك، ورئيسنا قال بالحرف الواحد “أمن المملكة خط أحمر”.
كما نعتقد أيضًا ونحن في حضرة الإعلام السعودي أن هناك قصورًا في مسألة المواكبة لهذا المناخ؛ فالكل يعلم أننا نمر حاليًا بمرحلة التشكيك والحرب النفسية، وكثير من الادعاءات حدثت لنا في السودان؛ فقضية دارفور بداياتها كانت فرقعات إعلانية، وأكاذيب وترهات، بُنيت عليها الكثير من الأشياء التي أضرت بالسودان، ووصلت إلى درجة استدعاء الرئيس السوداني للمحكمة الجنائية، وكلها مجرد نتيجة أكاذيب إعلامية؛ لذلك ونحن نشهد الآن بدايات لحملة التشكيك واتهام دول التحالف في حرب عاصفة الحزم، وأنها ضد الأطفال وما إلى ذلك..
فمثل هذه الأمور تبدأ هكذا صغيرة، ثم تكبر، ما لم يكن هناك صوت مكافح؛ ولذلك في الجانب الإعلامي يقع علينا دور كبير في التعامل، وفي انتظام الحملات الإعلامية لتقوية الجبهة الداخلية الممتدة من قوى التحالف، من حيث تبادل المعلومات، والتصدي لمثل هذه الشائعات المغرضة التي تحاول أن تفتت عضد التحالف العربي القوي. ويتطلب ذلك منا الكثير من الجهد، خاصة أن الأزمات لم تتوقف، والاضطرابات في ازدياد.
بعد ذلك بدأ الزملاء في طرح أسئلتهم على معالي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الإعلام السوداني.