استغلت ميليشيا الانقلاب الحوثية، الوضع الحالي وانشغال الشعب بالأزمة السياسية والعسكرية؛ للعمل على مخطط تدمير العملية التعليمية؛ وذلك لتعزيز الأجندة الخاصة بها.
ودأبت ميليشيا الحوثي على تعويض الفشل القتالي، بالقضاء على المدارس وتفجيرها؛ بهدف التمكين والسيطرة والحكم، واتضح ذلك في إصرارها على أخذ وزارة التعليم فيما يسمى حكومة الإنقاذ الوطني، وتعيين الأخ الشقيق لزعيم الانقلاب عبدالملك الحوثي وزيراً للتعليم؛ ليتم لها تغيير المناهج بأفكار وأيديولوجيات تخدم توجهها وأجنداتها الخاصة المدعومة من إيران والخارج.
وأوضحت مصادر مطلعة في الداخل اليمني أن عصابات الحوثي قامت بتغيير المناهج خاصة المرحلتين الابتدائية والإعدادية لزرع تعليماتها وأجنداتها في أدمغة الطلاب بدعم من إيران.
وعملت ميليشيا الحوثي على تكريس تعليمات وصور مؤسس جماعة الحوثي الهالك حسين بدر الدين الحوثي، وكذلك الدروس التي يحاول من خلالها الحوثيون حصر الولاية بهم وتعليمها للأجيال وفرض الوصاية على الشعب من خلال التسويق لفكرها، والتنكيل بكل مَن يعارض ويخالف هذا من التربويين والمعلمين وفصلهم بشكل فوري.
وبيّنت المصادر أن يحيى بدر الدين الحوثي استكمل طباعة المنهج الدراسي للفصل الثاني من العام الحالي في مواد التربية الإسلامية، والتاريخ، والفقه، والحديث، والسيرة النبوية، وحذفت من المناهج الفتوحاتِ الإسلاميةَ وسيرة الصحابة، وسير أمهات المؤمنين زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.
كما افتتحت جامعات خاصة تابعة للميليشيات؛ منها “اقرأ للعلوم والتكنولوجيا” و”المعرفة والعلوم الحديثة” وجامعة “21 سبتمبر”، ونشرت آلاف الصور والإعلانات لترغيب خريجي الثانوية العامة وأولياء أمورهم للالتحاق بها.
وأمرت بطباعة أكثر من 11 ألف كتيب صغير يحمل فكر حسين بدر الدين الحوثي وشعارات الجماعة؛ لتوزيعها على المدارس التي تخضع لسيطرتها، كما فرضت ميليشيا الحوثي في صنعاء جبايات إجبارية على الطلاب كافة في المدارس تحت مسمى “المساهمة المجتمعية” في عملية التعليم برغم مجانية التعليم.
وقامت ميليشيات الإجرام الحوثية بإغلاق 13 جامعة أهلية ونحو 50 برنامجاً تخصصياً في عدد من الجامعات الأخرى وأقسام الدراسات القرآنية في جامعة الحديدة وصنعاء، وإنشاءِ أقسام لتعليم اللغات الفارسية بدلاً عنها؛ وهوما أثبت للجميع أن الجماعة تعمل على تنفيذ أجندة خارجية ومشروع تدميري يؤكد النزعة الطائفية.
وأكد المراقبون في الداخل اليمني أن الحوثيين يسعون إلى فرض مسألة وجودهم كأمر واقع لفترة طويلة من الزمن؛ من خلال تشريب أجنداتهم بشكل قسري للأجيال عبر تغيير مناهج التعليم في المدارس والجامعات وتعويض فشلهم العسكري.
وفجّرت هذه الإجراءات خلافاً مع حلفائهم في جماعة المخلوع صالح الانقلابية الذي يرفض المساس بالمناهج التعليمية حتى لا يفقدوا مؤيديهم الذين يرفضون الأفكار الحوثية الطائفية كلياً.
وهدد حزب المؤتمر الشعبي العام الجناح الذي يتزعمه المخلوع صالح، بفضّ تحالفه مع ميليشيا الحوثي على خلفية إجرائها تعديلات على المناهج الدراسية.
ووصف التعديلات بأنها كارثية، ومن شأنها زيادة الاحتقان المجتمعي، وتمزيق النسيج الاجتماعي، وأنها ستخلّف طائفية لم تعرفها اليمن من قبل.
من جهة أخرى قامت ميليشيا الانقلاب الحوثية هذا العام بشرعنة الغش في الاختبارات؛ خاصة اختبارات الشهادتين الأساسية والثانوية، وقام مشرفو الحوثي المسلحون بالدخول للجان، وأمروا المراقبين والمدرسين بقوة السلاح بحل أسئلة الامتحانات لأبنائهم وأبناء أصدقائهم بالقوة.
وشَهِد الغش في المراكز التعليمية في صنعاء -خلال الأيام الماضية- شيوعاً غير مسبوق، وكان ظاهراً وجماعياً من دون أي خوف بسبب إجبار قادة الحوثيين لجان المراقبة أو الإدارة على السماح للطلاب بالغش بالقوة.
وقال شهود عيان ومواطنون: إن اختبارات الثانوية العامة لم تَعُد ذات جدوى وأهمية خلال السنوات الثلاث الأخيرة؛ بسبب ارتفاع نسبة الغش إلى مستويات قياسية؛ مؤكدين أن خدمات تقديم الغش تُعرَض على أولياء الأمور بشكل علني، ووصف بعضُ الطلاب الوضع الذي أدوا اختباراتهم فيه بـ”العبث”؛ حيث دخل العشرات من الأهالي بأسلحتهم النارية إلى مراكز الاختبارات وهم يتداولون أوراق الإجابة أمام المراقبين.
وأفادوا بأنهم دفعوا مبالغ مالية للمشرفين وقادة الحوثي فيما يسمى اللجان الشعبية من أجل السماح لهم بالغش، ونشر نشطاء العشرات من الصور والمقاطع المرئية التي صورت من مراكز الاختبار، تُظهر مدى الانهيار الحاصل في العملية التعليمية.
وأشاروا إلى أن القيادين التابعين للحوثي حثوا اللجان على سرعة انتهاء الاختبارات بهدف دعوة الطلاب إلى التوجه إلى الجبهات عقب الانتهاء من الاختبارات.
وكانت الميليشيات الحوثية قد حوّلت المدارس إلى مواقع عسكرية في كل المحافظات التي سيطرت عليها، إلى جانب استخدامها كمخازن للأسلحة والذخائر وسجون للمعارضين والمناوئين، ودمرت أكثر من 1700 مدرسة خلال الحرب، وأجبرت الطلاب على القتال في صفوفها.
وكشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” عن أنه تم إغلاق 3584 مدرسة بسبب المخاطر الأمنية أو لتحويلها لثكنات عسكرية من قبل ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية، وتعرض نحو 22 جامعة حكومية وأهلية لأضرار مباشرة وغير مباشرة وحرمت ميليشيا الانقلاب أكثر من 2.5 مليون طالب يمني من التعليم.
وأكد وزير التربية والتعليم اليمني الدكتور عبدالله لملس في تصريحات سابقة، أن حرب الحوثي دمرت كل ما تم إنجازه على مدار الـ15 عاماً الماضية من مشروع تطوير التعليم الأساسي، الذي كان يمول من البنك الدولي وأمريكا والاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأخرى، وأسفر عن بناء ما يزيد على 2000 مدرسة؛ حيث تم تحطيم هذا المشروع في أقل من عام؛ مشيراً في هذا الصدد إلى أنه يجري حالياً إيقاف البرنامج الذي أقرته عصابات الحوثي من خلال ابتعاث الطلاب إلى إيران؛ حيث يوجد حالياً 7 آلاف طالب يمني في “قم” الإيرانية.
وعلى صعيد آخر، أظهرت الانتصارات الأخيرة التي حققها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المدعومة من قبل التحالف العربي في المحافظات المختلفة، جريمة جديدة للميليشيا الانقلابية تضاف إلى جرائمها السابقة، وتُبَيّن بجلاء حقيقة مشروعهم التدميري لليمن؛ حيث خلّفت عقب فرارها من القرى والمدن في المحافظات المحررة بفعل الضربات التي تلقوها، مئات العبوات الناسفة والمتفجرات التي تم صناعتها في المدارس التي حولتها الميليشيا من منارة علم لصناعة الأجيال إلى وكر لصناعة الموت من ألغام ومتفجرات فردية إلى جانب ضبط كميات من المواد الأولية لصناعتها.
وذكر الفريق الهندسي التابع للجيش اليمني أنه تمكن من نزع آلاف الألغام من المدارس.
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد أدانت ميليشيا الانقلاب الحوثية في عدة تقارير؛ متهمة إياها بانتهاك القيم الإنسانية والأخلاق والدين بتحويل المدارس إلى أماكن لصناعة الألغام والمتفجرات لتنشر الموت بشكل واسع في أوساط المجتمع بدلاً من تعليم الأجيال العلم الذي يحييهم ويحيي مجتمعهم.