لا أحد يشك بالتأثير والفعالية الإيجابية لعموم وسائل التقنية التي بدأت تندلع تباعاً في نشر ونثر الأخبار اليومية ووصولها لنا طازجة ساخنة كما لو أننا نحن من قام بذلك الحدث ؛ ليس ذلك وحسب بل إن التقنية ومن خلال العديد من مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت مساهمة ذات بُعد ملحوظ في تقريب البعيد من الأهل والأصدقاء…ولكن هي ذاتها غدت على غير نسق من المنطق فساهمت بشكل غير مباشر في (مباعدة القريب) ولعل تلك المباعدة تتجلى في مناسبات الأعياد والتي كانت من المفترض أن تكون الملجأ الوحيد للأقرباء وأبناء الحي الواحد للتلاقي والتزاور.
فنحن حينما نبعث عبر ذبذبات أجهزتنا المحمولة كلمات الفرح والتهاني والتبريكات نكون أقرب لمن يصطنع الحب فلا يكاد يصل نفسه بنفسه فكيف به يريد الوصول للآخرين وملامسة مشاعرهم ؛ حتى أن البعض من أولئك الذين طغت عليهم التقنية في التواصل سلّم نفسه لعبارات يأخذ بعضها برقاب بعض ليكررها في كل مناسبة لا يكلف نفسه حتى قراءة ما أرسل فلربما في نهاية الرسالة إسم غير إسمه كان قد بعث له الرسالة وهو بدوره مررها دون تبديل إسم المرسل الأصلي…!؟
إن استمرار استخدامنا لمواقع (التواصل الاجتماعي) بتلك التوجهات وبتلك الصور سيقضي وبلا شك على علاقاتنا بالفناء العاجل…فالكلمات حينما تجيء بلا روح ستفنى متعتها حينما يستنزف مُستقبلها ما فيها من أفراح لا تتجاوز رائحتها رائحة التمر…إن كان للتمر رائحة.
ومن نافلة القول لعلي أستذكر عبارةً صبّها أحد المُسنين في أُذني ذات مره أثناء تواجدي في محل لبيع الحلويات…حين قال عليك أن لا تشتري الكثير من الحلوى فـ بالأمس كانت مجالسنا صغيرة وكانت موائدنا بسيطة ولكن زوّارنا كـُــــثـــُر وأما اليوم فمجالسنا كبيرة وموائدنا تكفي جيشاً لا ضيوفاً ومع ذلك قد لا يزورنا أحد.
خاتمة…
قمت أخيلك..هنا…وهناك.. وهناك
وين ترحل بي النظرة لقيتك..!
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عتيق الجهني
[email protected][/COLOR][/ALIGN]