متابعات

مواجهة الشائعات بالوعي الوطني

جدة – حماد العبدلي
الشائعات سلاح خطير منذ القدم وقداختلفت أساليبها من زمن إلى آخر ، لكنها في هذا العصر بلغت خطورة عالية مع ثورة الاتصال الإلكتروني خاصة شبكات التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي بشكل عام . خطورة الشائعات وترويجها عمداً أو جهلاً ، تكمن في استهداف المجتمع تجاه قضايا حياتية أو وطنية ، بمعلومات مغلوطة وكاذبة ومضللة ، وبالتالي انشغال العامة بها عن أمور أكثر أهمية ، من هنا تبدو أهمية الوعي في التعامل مع الشائعات التي تسعى للنيل من التماسك الوطني، وهو ما نناقشه في التحقيق التالي.
بداية يؤكد التربوي الأستاذ عبدالله حزام الشريف ، أن الشائعة باتت تنتشر كالبرق عبر العالم الافتراضي بين مغرض يطلقها ويروجها ، ومن يسارع بترديدها دون تدقيق ووعي، موضحاً أن الشائعات تخبرنا بمستوى كره وحقد الشخص الذي أظهرها أو اختلقها ، ولاشك أنها تؤثر سلباً إذا لم يكن الشخص على علم ودراية بأهدافها الخبيثة ، وهي تنتشر كخبر لكنه في الحقيقة غير دقيق أو كاذب ، وكلاهما نتيجة واحدة، وهو وصول معلومة خاطئة إلى الآخرين.
•• شائعات العمل ••
جانب آخر من القضية يطرحه الدكتور أحمد السعدي ، وهو أن الشائعات تلعب دوراً كبيراً في التأثير على الموظف وطبيعة عمله كما هي ظاهرة منتشرة في وسط المجتمعات العربية للأسف الشديد حيث لا تخلو إدارة من موظفين أو مديرين من سيئي السمعة، وذلك كُله يعود إلى تلك الإشاعات التي يروجها بعض ضعاف النفوس بهدف إشاعة الكراهية بين الموظف وزملائه أو الموظف والمسؤول عنه، ومحاولة تشويه سمعة مؤسسة بالكامل، وغالباً ما تكون لأغراض شخصية في إطار العمل.
وأضاف:” الشائعة في العمل مثلا، تؤثر وقد تؤدي إلى وجود حالة من التوتر وربما الخلاف مع الزملاء، وبالتالي ستخلق جواً غير مريح للعمل مما يؤدي إلى انخفاض في نسبة التعاون بينهم، وإضافةً إلى ذلك ضعف الإنتاج والنشاط”.
•• الوعي الوطني ••
ويرى الأستاذ الحسين بن عبدالله – تربوي – أن الإشاعات ومصادرها وأساليبها ، يجب محاربتها وتحصين المجتمع منها .. مؤكدا:” إننا كمجتمع سعودي واعٍ بدرجة عالية يصعب اختراقه ولنا في ذلك شواهد اثبت فيها هذا الشعب الوفي إلتفافه حول قيادته من خلال الأحداث التي مررنا بها منذ عقود مضت لم تكن فيها وسائل الاعلام والتواصل بهذا التطور والسرعة ورغم ذلك كنّا ومازلنا مضرب مثل لدى الشعوب الآخرى في انتمائنا ودفاعنا عن كيان شامخ لا تهزه مواقف الحاقدين على أمنه واستقراره “. وأوضح أن الهدف من الشائعة يكون وفق الفكرة ومضمونها بالدرجة الأولى كونها تستهدف إلحاق الضرر بالآخرين أفراداً أو جماعات ، ومنها ما يستخدم للإساءة الفردية وتشويه السمعة .
وقال حمد الثابتي: ينبغي التوقف عن نشر المعلومات الخاطئة والمسارعة في نشر تكذيبها ، حتى لو لم تصلك الاشاعة ووصلك التكذيب ، وأهمية ذلك أنك تساهم في توعية وتنبيه أشخاص تلقوا الشائعات ، بالإضافة لتوعية المجتمع عبر وسائل التواصل الاجتماعي بخطورة تداولها الذي يعد خيانة وطنية بمستويات مختلفة ، لذا يجب بث الحذر الواعي مما تحمله تلك الأخبار المضللة من آثار مفجعة لعامة الناس ، والبعض ينقل مقاطع إما قديمة أو من بلدان أخرى وينشرها لترويع الناس وهذا خطأ ومن يفعل ذلك إنسان غير سوي أو غير ناضج”.
وبين الثابتي أن دور المواطن يجب أن لا يكون حمام زاجل لهواة نشر الأكاذيب ، وإنما يكون دوره بمثابة جندي مرابط على الجبهة الداخلية فكرياً وتوعوياً ، بردع من يحاول ترويج الشائعات وتسويقها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ، وهذه مهمة وطنية بالدرجة الأولى تتمثل في مكافحة كُل ما من شأنه بث الاكاذيب التي تمس أمن الوطن والإبلاغ عن مروجيها، حتى يتم القضاء عليهم وبتر دسائسهم القذرة .
••تجاهل الأكاذيب ••
وأكد حسين اليافعي أن أفضل طريقة لدحر الإشاعات هو تجاهلها وعدم التسرع في تداولها كخبر مسبوق قد تندم عليه ولا يمكنك التراجع عنه لأن النشر في وسائل التواصل الاجتماعي مثل النار في الهشيم .. فنحن نحتاج فلترة الرسائل خاصة العبارات ومقاطع الفيديو المفبرك بطريقة احترافية أو تسجيل صوتي ممنتج أوصور أنتجت عبر برامج فوتوشوب وغيره ويصعب على البعض اكتشافها ولكن غرابة الخبر يدعونا لعدم التسرع ، لذا يجب التثبت وعدم نشرها بل التحذير منها، مهيباً بالجميع وكل من له علاقة بالمجتمع أن يقفوا موقفاً وطنياً مشرفاً في تقديم النصح والتوجية للمجتمع قبل أن يقعوا ضحية هذه الآفة الخطيرة.
من جهته أشار علي العجلاني إلى أن هذه المشكلة أصبحت مرضاً اجتماعياً تفشى عبر التواصل الافتراضي ، مصحوباً بقلة الوعي بالإضافة للانسياق وراء المحتوى المسلي بغض النظر عما يحمله من أذى للآخرين وحتى بالشخص نفسه أحياناً.
وأضاف: الفراغ الثقافي في المجتمع يلعب دوراً هاماً في هذا الموضوع ولاسيما بين المراهقين والشباب فلابد من نشر التوعية المجتمعية ونشر ثقافة القراءة الناقدة وتحري الصدق في ما نقرأ وتحكيم العقل والمنطق والتحقق من مصداقية الكلام ومصادره، فما أكثر ضحايا الأخبار الكاذبة الذين اتخذوا قرارات غير صائبة غيرت مجرى حياتهم بناءً على إشاعة عارية عن الصحة، فلابد لنا في النهاية من أخذ الحيطة والحذر وتكذيب ما يردنا من أخبار غير صحيحة بعد التأكد والتحقق من مصدرها، وذلك تجنباً لما يترتب عليها من أخطار علينا وعلى غيرنا من أبناء المجتمع”. ويتفق في ذلك الباحث الاجتماعي عبدالله الغامدي حيث أكد ان مواقع التواصل الاجتماعي كغيرها تعد سلاحا خطيرا عندما يُساء استخدامها بما تسببه من أذية وضرر على مختلف الأصعدة، خاصة وأن تلك المواقع تتيح للمستخدمين النشر بحرية ودون رقابة تذكر، وما أكثر الأخبار الكاذبة العارية عن الصحة التي انتشرت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ووصلت إلى شريحة كبيرة من رواد هذه المواقع، مضيفا بأن تطبيق (الواتساب) أحد أشهر وسائل التواصل والدردشة والأكثر استخداماً للسهولة الكبيرة التي يقدمها في نشر الرسائل أو الصوت أو حتى الفيديو، مما يجعله منبراً لا يستهان به لتبادل الأخبار والمستجدات ولاسيما مع الأصدقاء والأشخاص المقربين، ومع ظهور تطبيق (الواتساب) وانتشاره على الهواتف المحمولة أخذت الإشاعات تزداد وتسيطر على المشهد اليومي فهذا يرسل خبر وفاة كاذب وذاك يؤكد على صدور قرارات من جهات رسمية أو انتشار مرض ما وغيرها من الأخبار الكاذبة، ويؤكد ناشروا هذه الأخبار صحتها ويزعمون أنها من مصدر موثوق لذا لابد من التصدي لخطر الشائعات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *