جدة – البلاد
الراصد للتحول الاقتصادي والاجتماعي الحضاري في المملكة ، لابد وأن ينطلق من آفاق رؤية 2030 ، ونتحدث هنا تحديدا عن قطاعات السياحة والترفيه ، حيث تعلو إرادة الانجاز التي أرست خلال أقل من عامين معالم حقيقية مبهرة لكن بلغة الخيال لما سيكون عليه مستقبل عالم الترفيه ببصمة سعودية رائدة مثلما ستكون الوجهة سعودية بافتخار وثقة للسياحة الداخلية ، ومن الخارج استثمارا وبرامج سياحية وإقبالا من عشاق السياحة في العالم الذين يتوقون لمفاجآت العصر في المملكة ، من نيوم إلى القدية وإلى سواحل وجزر المملكة على البحر الأحمر والقادم أجمل.
كلمة السر هنا وبتوفيق من الله ، في عزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ، وتوجيهاته – حفظه الله – بتحقيق الرؤية كمسار لابديل عنه لتكون المملكة في مكانها اللائق على خارطة التطور العالمي ، وفي الإشراف المباشر والاهتمام الدائم من سمو ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ، لتتحول الأحلام والخطط إلى حقيقة وواقع يسابق الزمن.
فمن أوراق تقويم الإنجاز نتذكر جيدا التاريخ عام 2016م ، وتحديداً يوم 25 أبريل من ذات العام عندما أطلق خادم الحرمين الشريفين رؤية المملكة باعتبارها أضخم خطة اقتصادية واجتماعية بأهداف طموحة تحقق إعادة عصرية لهيكلة الاقتصاد الوطني وتطوير المجتمع ، وهاهي المملكة تشهد ورش عمل وانجازات ضخمة ترعاها القيادة الحكيمة ، وتدفع بها على أرض الواقع لتحقيق الرؤية في موعدها المحدَّد، والتحوُّل جذرياً باقتصاد المملكة والحياة الاجتماعية فيها إلى النتائج المرسوم لها معنى وتطبيقا وثمارا حضارية.
أمالا.. الفخامة والخيال
لقد انطلق التغيير مقرونا بالانجاز تلو الآخر والأهداف بعد الأهداف في مسارات متوالية ومتوازية للتقدم الاقتصادي والاجتماعي الشامل ، وتوفير هذا الفضاء الرحب لأحد القطاعات الحيوية التي تدخل بقوة في تنويع مصادر الدخل الوطني وللمجتمع السعودي من خلال تطويع مدن الأحلام والخيال على أرض الواقع من نيوم إلى القدية ومشروع البحر الأحمر، حيث لا تنتهي التطلعات ولاتتوقف الأفكار والطموحات للوطن ، ليأتي إعلان صندوق الاستثمارات العامة قبل ثلاثة أيام عن إطلاق مشروع “أمالا” بموقعه المتميز على امتداد الساحل الشمالي الغربي للمملكة على البحر الأحمر، ليصبح وجهة سياحية فائقة الفخامة تستهدف السياح الباحثين عن تجربة ترفيهية فاخرة، والذين تقدرهم الإحصاءات بأكثر من مليونين ونصف المليون سائح في العالم.
وبحسب صندوق الاستثمارات العامة ، من المتوقع وضع حجر الأساس في الربع الأول من عام 2019 م ، بينما افتتاح المرحلة الأولى في نهاية عام 2020م ، ليتم اكتمال المشروع بحلول العام 2028، ليكون الإطلالة والوجهة السياحية المتخصصة فائقة الفخامة والجديد كلياً ، وتركز على مجالات النقاهة والصحة والعلاج ، وهي إضافة نوعية لروزنامة السياحة والترفيه والخدمات الهادفة الملبية لتطلعات ملايين السائحين من داخل المملكة وخارجها .
إن وصف مشروع (أمالا) ومنطقته بأنه “ريفيرا الشرق الأوسط” هو وصف لا مبالغة فيه ، وإنما بحقائق الجغرافيا وطبيعة المنطقة ومسقبلها والتي بحسب اعلان صندوق الاستثمارات العامة تتميز بالمقومات التالية:
– من حيث المناخ تعد امتداداً طبيعياً لمناخ البحر الأبيض المتوسط المعتدل. وسيتكفل صندوق الاستثمارات العامة بالتمويل الأولي للمشروع وتطويره، ليصبح وجهة سياحية متميزة ضمن محمية الأمير محمد بن سلمان الطبيعية في شمال غرب المملكة.
– سيوفر المشروع فرصة استثنائية للمستثمرين والمشغلين من القطاع الخاص لتمويل أعمال التطوير والتشغيل لمرافق المشروع المختلفة.
– يوفر مشروع أمالا نحو 22 ألف فرصة عمل ويستقطب أكثر من 2.5 مليون سائح سنويا.
– إلى جانب مشاريع “نيوم” و “البحر الأحمر” يمثل (أمالا) جزءاً من محفظة المشاريع السعودية العملاقة التي تسهم في استقطاب المزيد من الاستثمارات وتطوير منظومة جديدة للسياحة في المملكة، وتعظيم دورها في دعم التنويع الاقتصادي وتوفير فرص عمل عالية القيمة.
– يجمع المشروع سمات الفخامة عبر الفنادق والفلل الخاصة على حد سواء، وفق تصاميم هندسية مميزة تعكس الذوق الرفيع، فضلاً عن احتضانه قرية للفن المعاصر. و- سيجمع بين هدوء الطبيعة والمناظر الجبلية والمناطق البحرية فائقة النقاء لهواة الغوص، ومتحفاً بحرياً، بالإضافة إلى المرافق الرياضية المتكاملة لأنشطة اللياقة البدنية ومرسى مخصصاً لليخوت والقوارب الصغيرة الفاخرة .
أخيرا بالنسبة للمشروع فيمكن القول أن العنوان الأبرز له ، هو ماوصفه السيد نيكولاس نيبلز الرئيس التنفيذي ، بأن مشروع “أمالا” سيوقظ مخيلة العالم عبر إعادة صياغة المفهوم الحالي لتجربة السياحة الفاخرة وخصوصاً في مجالات النقاهة والعلاج والاستجمام ويقدم خدمات متكاملة ومجتمعة في مكان واحد وفق معايير هي الأفضل عالمياً.
بصمة السبق والريادة
إن قراءة هذا التحول ومنجزاته يستدعي أن نتذكر إشارة البدء قبل نحو عام ، عندما أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة ، إطلاق مشروع القدية الذي دشنه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز في ابيل الماضي من العام الجاري 2018 م، ليكون المشروع الترفيهي الحضاري الأضخم من نوعه في العالم، على مساحة تبلغ 334 كيلو متراً مربعاً، ويشمل ضمن تفاصيله منطقة سفاري كبرى ومركزاً للنشاطات الترفيهية والرياضية الجديدة لجيل المستقبل، وتوفر خيارات ترفيهية وثقافية واسعة تضيف بعداً اجتماعياً جديداً لمدينة القدية والمنطقة بشكل عام.
وفي إطار التطلعات الطموحة لتحويل المملكة إلى نموذجٍ عالمي رائد في التطور العصري وبهوية سعودية ، كان إعلان سمو ولي العهد عن مشروع “نيوم” كمركز عالمي لأفضل العقول والشركات ، يستهدف تخطي حدود الابتكار إلى أعلى المستويات وفي مختلف جوانب الحياة، ويمتد المشروع على مساحة 26,500 كم2 شمال غرب المملكة ، وسيتم دعم المشروع بأكثر من 500 مليار دولار خلال الأعوام القادمة من خلال صندوق الاستثمارات العامة، بالإضافة إلى المستثمرين المحليين والعالميين ، ليكون المشروع الرائد عالميا بإبهار تصميمه واستراتيجية موقعه شمال غرب المملكة ، وأهدافه التي تدشن المستقبل الجديد باعتباره الوجهة الأكثر ملاءمة للعيش في العالم ، ومكاناً يجمع . وقد تم تصميم هذه المنطقة الخاصة لتتفوق على المدن العالمية الكبرى من حيث القدرة التنافسية مع أرقى مدن العالم في نمط المعيشة إلى جانب الفرص الاقتصادية المتميزة، حيث من المتوقع أن تصبح مركزاً رائداً عالميا.
ويستمر العطاء والإنجاز لترسي يد الخير والبناء حلما جديدا للأجيال وهو “مشروع البحر الأحمر” بامتداد (200 كيلو مترا) على الساحل الغربي للمملكة في المنطقة الواقعة بين مدينتي الوجه وأملج ، ويتمتع باعتدال المناخ والكنوز الطبيعية والبيئية والجزر الخلابة والمحميات الطبيعية التي توفِّر تجربة فريدة في المنطقة تنافس مثيلاتها حول العالم، إذ يحتوي موقعه على ساحل ساحر يمتد لمسافة 200 كم، ومحميات طبيعية رائعة، وشواطئ خلابة .
ويضم مشروع البحر الأحمر مجموعة كبيرة من الفنادق والمنتجعات وأماكن الراحة وبعض النشاطات الترفيهية والخيارات السياحية في منطقة العلا القريبة من المشروع، إذ سيتمكن السياح من الاستمتاع بزيارات مستمرة للمناطق التاريخية والتراثية القريبة من المشروع، مثل موقع مدائن صالح التي يعود تاريخها لآلاف السنين، الذي أدرجته منظمة اليونيسكو على قائمة مواقع التراث الثقافي العالمي. كما يتميَّز المشروع بتمكين مرتاديه الأجانب من الحصول على تأشيرات الدخول للسعودية بشكل إلكتروني فوري، أو في المطار عند وصولهم. كما سيكون المشروع منطقة تخضع لقوانين خاصة تضمن أعلى درجات الراحة وجودة التجربة، وسيوضع حجر الأساس له في الربع الثالث من عام 2019، على أن تنتهي المرحلة الأولى في عام 2022 بإذن الله.
عصر جديد
إنه بالفعل عصر جديد يبني مستقبلا جديدا لواقع ومستقبل السياحة والترفيه في المملكة ، بكل ثراء بلادنا بكنوزها وقدرات شعبها ، بعد أن عانى هذا القطاع كثيرا من العزوف عن السياحة الداخلية لافتقاده على مدى عقود طويلة للمقومات الأساسية والتشريعات الداعمة للاستثمار في أنشطته الطموحة ، فكانت مواسم السياحة الخارجية للسعوديين استنزاف لعشرات المليارات سنويا لصالح اقتصاديات دول أجادت صناعة السياحة حتى بمستويات عادية ولاتحلم بما تنجزه المملكة اليوم على جغرافيتها الغنية بالجمال في كل شيء من رمالها إلى شواطئها وجزرها الساحرة وكنوزها البحرية.