دولية

من المؤسس .. إلى (سلمان).. دعم المملكة للقضية الفلسطينية.. مواقف ثابتة سطرها التاريخ

جدة ــ البلاد

في وقت تتزعم فيه المملكة العربية السعودية التحركات العربية والإسلامية المناهضة لاعتراف واشنطن بالقدس كعاصمة لإسرائيل، يبرز إرثها المشرّف بما لا يحتمل مجالا للتشكيك والمزايدات الإيرانية الكاذبة، حيث احتلت فلسطين مكانا مركزيا في سياسة المملكة الخارجية منذ ما يقرب من قرن من الزمان. فمنذ إعلان الرئيس الأميركي ، القدس عاصمة لدولة الاحتلال الصهيوني استغلت الدول مروجة الطائفية الحدث كفرصة للمتاجرة بالقضية مسيرين جنودهم عبر شتى القنوات غير المشروعة لترويج الشائعات .

فالمطالع للتاريخ سيجد من الوثائق ما يدحض ادعاءات المرتزقة المضللين للرأي العام، حيث استرعت القضية الفلسطينية اهتمام قادة المملكة العربية السعودية منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود “رحمه الله” وحتى ملك الحزم سلمان بن عبدالعزيز “يحفظه الله” لتصبح استعادة القدس من سيطرة العدو الصهيوني، تشكل محور سياستها الخارجية وقضية مركزية في محادثاتها الدولية.

فقد حملت المملكة مساندة القضايا العربية والإسلامية منذ تأسيسها وحتى اليوم، واستنكر الملك عبدالعزيز “رحمه الله” في مراسلاته ولقاءاته مع كبار الساسة الأميركيين والإنجليز، وعد بلفور ، رافضا كل ادعاءات اليهود بأحقيتهم في فلسطين، وفي المفاوضات بشأن مشروع اتفاقية جدة مايو 1927 ، رفض ضغط اليهود للاعتراف بوعد بلفور والانتداب البريطاني، واستنكر “رحمه الله” ما قام به اليهود في الاشتباكات العنيفة التي اندلعت في مدينة القدس في 9 أغسطس 1929 ، التي أسفرت عن ثورة البراق ، وطالب بريطانيا بمعاقبة الجناة.

وكان للمملكة دور محوري في الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 ، مما جعل بريطانيا تتعهد للملك المؤسس بوقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وفي 7 فبراير 1939 حضر الملك فيصل بن عبد العزيز، نائبا عن والده، مؤتمر المائدة المستديرة ، الذي عقد بين مندوبي مصر والعراق والأردن والسعودية واليمن، ومندوبين بريطانيين في لندن، لبحث القضية الفلسطينية، ورفض المندوبون العرب الجلوس مع مندوبين من الوكالة اليهودية لفلسطين. وفي أبريل 1943 م حذر الملك المؤسس أميركا من خطورة الدعاية الصهيونية التي تحاول إثارة الرأي العام الأميركي.

وأخفقت مساعي روزفلت في فبراير 1945 من جديد في إقناع الملك عبد العزيز بالموافقة على توطين اليهود في فلسطين، في لقاء جمعهما على ظهر الطراد الأميركي في قناة السويس بمصر، وقال روزفلت: ما عرفته من الملك عبدالعزيز عن فلسطين في خمس دقائق أكثر مما عرفته في حياتي كلها.

وفي 10 مارس 1945 م بعث الملك عبدالعزيز آل سعود، رسالة لرئيس أميركا الأسبق فرانكلين روزفلت ، معتبرا قيام دولة يهودية في فلسطين ضربة قاضية للكيان العربي وتهديدا مستمرا للسلم.

وعرف الملك فيصل بن عبد العزيز “رحمه الله” بدفاعه عن الأمتين الإسلامية والعربية ودفعهما إلى الأمام، وأثناء زيارته للولايات المتحدة عام 1966م، تحدث مع القيادة الأميركية عن إيجاد سلام يقوم على الحق والعدالة.

وأُعلن مشروع الملك فهد للسلام في مؤتمر القمة العربي الذي عقد في مدينة فاس المغربية عام 1982م، بموافقة الدول العربية فأصبح أساساً للمشروع العربي للسلام.

ومهد مشروع الملك فهد للسلام، لمؤتمر السلام في مدريد سنة 1991 ، بمشاركة الولايات المتحدة و‌الاتحاد السوفيتي، وكان محاولة من جانب المجتمع الدولي لإحياء عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية من خلال المفاوضات.

وأعلن الملك عبدالله بن عبدالعزيز “رحمه الله” في قمة بيروت (مارس 2002م) عن مبادرة السلام العربي وتبنتها الدول العربية كمشروع عربي موحد لحل النزاع العربي الفلسطيني، والتي توفر الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة وتؤمن حلاً دائماً وعادلاً وشاملاً للصراع العربي الإسرائيلي.

وساهمت حملة الضغط الدبلوماسية السعودية الصامتة التي قادها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مع مطلع العام الجاري، في القضاء على الأزمة التي عانى منها الأقصى على نحو أسبوعين، بعد اتصالات أجراها مع قيادة الولايات المتحدة وعدد من زعماء العالم.

ومنذ أيام قليلة حذر خادم الحرمين الملك سلمان الحزم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، من الإعلان عن القدس عاصمة للمحتل الصهيوني، ونقل سفارة أميركا إليها، والذي يعد استفزازا للمسلمين، ليترقب العالم رد الفعل المبني على الحنكة سياسية والقرارات الحازمة التي ستتخذها قيادة المملكة خلال الأيام المقبلة ردا على تعنت ترامب وغض طرفه عن عواقب إعلانه المرفوض على المستوى العالمي والإقليمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *