متابعات

من الربع الخالي لسيبيريا.. قصة تاريخ دافئ يُكتب مجدداً.. زيارة خادم الحرمين لروسيا الأكبر من نوعها وذات خصوصية واضحة

من عالية نجد وجبال الحجاز، من وسيع الربع الخالي والنفود، إلى جبال الأورال وأطراف سيبيريا، تأتي كل المملكة العربية السعودية، بعاهلها المحنك ورجاله النابهين، بتطلعاتها نحو التقدم، بفنونها الزاخرة، بموسيقى أماكنها وأهلها. من تلك الربوع الفسيحة بالشعر العربي إلى أرض القياصرة وتولستوي والاتحاد المهيب، من أرض الحرمين إلى بلاد الجيش الأحمر وبطرسبرغ، يأتي ملك سعودي بكل النوايا الصادقة إلى السلام وإعمار المسافة من الرياض وحتى موسكو.

جاء ذلك في تقرير للعربية نت أعده فارس بن حزام حيث قال:

اليوم هنا من عاصمة القيصر وفي كل عهد من عهود المملكة العربية السعودية يكتب التاريخ من جديد. من قبل كتب التاريخ زار الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود موسكو عام 1932. وكُتب أن هذه الدولة اعترفت بسلطة الملك عبد العزيز على نجد والحجاز عام 1926، وصار تمثيلها الدبلوماسي عام 1929 بمقام مفوضية (سفارة)، فكان هذا أول اعتراف من قبل دولة عظمى حينها. ولأن التاريخ رائد في التعريف بالأمجاد، كانت تلك الزيارة تمهيداً لإعلان توحيد البلاد باسم “المملكة العربية السعودية” عام 1932.

وعلى مر التاريخ، كانت القوة هي المفهوم الأول لثبات الدول واستمرار سلطتها، والمملكة بقوة مبادئها ومواقفها بقيت على هذا المفهوم، منذ عهد المؤسس وحتى اليوم. سنرى أن المملكة لم تخط خطوة في الحربين العالميتين الأولى والثانية فكان الحياد سياستها عند تلك الحقبة التاريخية؛ وفي اللحظة المناسبة أدركت أهمية التحالفات الجديدة والحاسمة، ووضعت بصمتها، وعند الختام قال الملك عبدالعزيز لرئيس الوزراء البريطاني “أريد حقي من نهاية هذه الحرب!”.

وعندما ذهب العالم في معسكرين كان للمملكة خيارها دون تعدٍ على حقوق الدول الأخرى، ولا جور على غيرها. لقد أعلنت ثباتها وتمكنت في الأربعين عاماً الماضية أن تبني جيشاً مؤثراً، وأن تجعل من علاقتها علاقات متينة لا يمكن أن تتبدل.

وإن كانت السياسة في جوهرها تبديل المواقف وتغيرها؛ فإن المملكة، بعهودها السبعة بقيت بسياسة واضحة وراجحة تقرأ الأبعاد من الأحداث ومجريات المرحلة، وتفحص التغيرات والتحولات. لقد ولدت هذه الدولة بثقل في رأيها وخطاها، وذات اهتمام بالغ من دول العالم الكبرى، وجميع مواقفها المناصرة لقضايا العرب والمسلمين والعالم محل تقدير، وسياستها نافذة مهما كانت الظروف القائمة.

وهذه الزيارة اليوم لا تأتي منقطعة عن العلاقات الدبلوماسية مع الدول الكبرى في العالم وتلك الدول المؤثرة. إنها زيارة تأخذ خصوصية واضحة لم تكن بهذه المتانة من قبل سنوات المعسكرين الشرقي والغربي وسنوات الحرب الباردة مع أوروبا الغربية وأميركا. رغم أن #السعودية بمنأى عن تلك الحرب، فقد لعبت دوراً بارزاً في تلك الحقبة التي انقضت إلى التاريخ المكتوب فقط.

وإن طوى التاريخ سجلاً كبيراً من الصراعات والخلافات القديمة، وأسدل الستار على زمن التكتلات؛ فالتاريخ في هذه اللحظة يسجل زيارة هي الأكبر من نوعها إلى #روسيا؛ حين يصل الملك سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو ملبياً دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، كأول ملك سعودي في سدة الحكم يزور جمهورية روسيا الاتحادية، فتعطي زيارته الهامة دلالات كبيرة على تحولات في جميع الأصعدة لا تشهدها المملكة وحسب، بل والمنطقة بأسرها.

إذا كان الحديث عن فجر جديد في العالم، فالمملكة تحقق هذا الفجر برؤية واسعة إلى المستقبل. لقد كان لولي العهد الأمير محمد بن سلمان هندسة طلائع هذا الفجر. ولم تكن هذه الزيارة الكبيرة وليدة دعوة الرئيس فلادمير بوتين ولن تكون في سجل الدعوات الرسمية العابرة؛ بل هي حصيلة عمل سنتين مضت. كان ولي العهد يسعى في مصاف الدول الكبرى إما لقراءة مستقبليات تلك الدول، أو لترسيخ تجربته ورؤاه. اليوم يأتي دور روسيا الذي أسس مع ولي العهد عهداً حديثاً أقنع كبار الكرملين بوجوب المصافحة والاتفاق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *