جدة ــ البلاد
كما كان متوقعاً، تخلف وفد مليشيا الحوثي الإرهابية عن الوصول إلى مدينة جنيف السويسرية، لحضور المشاورات اليمنية الرامية للتوصل لحل سياسي للأزمة.
غياب لم يفاجئ الخبراء والمحللين ممن كانوا يتوقعون أن تجهض المليشيات الانقلابية مساعي السلام التي تقودها الأمم المتحدة وتباركها دول التحالف العربي رغم أن المليشيات الانقلابية تحاول التكتم على الانقسامات التي تشق صفوف قياداتها، إلا أن احتدام الخلافات الداخلية كسر محاولات التعتيم، لتطفو على السطح.
فالصراعات على المناصب كانت من بين أسباب تخلف وفد المليشيا المفاوض، عن المشاورات التي كان من المفترض أن تبدأ، أمس الأول الخميس، برعاية الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في اليمن، مارت جريفيث.
ولعل ذلك مادفع وزير الخارجية اليمني رئيس وفد الحكومة المفاوض، خالد اليماني، إلى القطع بوجود “خلافات بين الحوثيين على من سيمثل وفدهم في مشاورات جنيف”.
وبذلك، فنّد وزير الخارجية اليمني ما يروج له الانقلابيون حول أسباب عدم ذهابهم إلى جنيف، من أن الطائرة التي كان من المفترض أن تقلهم، لم تحصل على تصريح من التحالف العربي.
وأكد اليماني أن “طائرة الأمم المتحدة الخاصة بإحضار وفد الانقلابيين لمشاورات جنيف موجودة منذ، الأربعاء الماضي، في جيبوتي”، ما يعني أن ما تقوله المليشيا الموالية لإيران ليس سوى حجج واهية تخفي بها صراعاتها الداخلية المتفجرة، وانقسامات صفوفها.
وكان قد فنّد التحالف العربي أيضا مزاعم الانقلابيين، وقال في تصريحات إعلامية للمتحدث باسمه العقيد الركن تركي المالكي، إن “قيادة القوات المشتركة للتحالف أعطت تصريحاً لطائرة مليشيا الحوثي” لمغادرة اليمن للمشاركة في محادثات جنيف.
وأضاف المالكي أن ما أعلنه الحوثيون من أن قيادة التحالف لم تمنح الوفد التصريح “غير صحيح، وهي محاولة من مليشيا الحوثي لخلق فرصة لعدم المشاركة”، مشيرا إلى أن التحالف “قدم جميع التسهيلات من أجل تسهيل الحوار بين الأطراف اليمنية”.
فثمة شروط مريبة وملغومة يضعها الانقلابيون للمشاركة بالمشاورات، في مناورة ترمي إلى عرقلة أي مسار لحل سلمي للأزمة.
وتطالب جماعة الحوثي الانقلابية بتأمين طائرة خاصة تقل وفدها وعدداً من الجرحى إلى مسقط، ونقل جرحاها من عمان إلى صنعاء، ومنح الوفد ضمانات بالعودة إلى صنعاء.
وفي هذا الصدد، أكد المالكي أن مليشيات الحوثي قدمت هذه الشروط للأمم المتحدة أو المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن، في دليل على “عدم الجدية والتعنت واختلاق الأعذار واتباع سياسة المماطلة”.
في غضون ذلك أصدر وفد الحكومة في جنيف بياناً أكد فيه أنه التزامًا منهم بالبحث عن أية فرصة تخفف من معاناة الشعب الذي يعاني من الفقر والجوع وتفاقم المشكلات الاقتصادية وما يعانيه المعتقلون والمحتجزون والمخفيون قسريًا في المعتقلات والسجون من التعذيب والإخفاء والحرمان، وذلك تماشياً مع سياسة الحكومة اليمنية التي تثبت للعالم مرة بعد أخرى أنها مع خيارات السلام المستدام ابتداء من جنيف واحد وانتهاء بمشاورات الكويت التي تعامل فيها الوفد الحكومي جميعها بصورة إيجابية مع كل مقترحات المبعوث وصولاً إلى التوقيع على مسودة الاتفاق في الكويت والتي تم رفضها من قبل الانقلابيين ، فيما دأب الانقلابيون على اختلاق الأعذار ووضع العراقيل.
وأضاف البيان أنه بعد أكثر من ثلاثة أعوام من الحرب التي فرضها الانقلابيون الحوثيون على الشعب اليمني وما سببه الانقلاب من دمار وكوارث على كل الأصعدة الإنسانية والسياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، فإن الحوثيين لا يزالون يمارسون نفس السلوك المستهتر بما يعانيه اليمنيون والمتجاهل للجهود الدولية الرامية لإحلال السلام. مشيرا إلى أن الحكومة اليمنية قد أعلنت موقفها الواضح من خيار السلام وقبلت الجلوس مع جماعة انقلبت على الدستور والقانون وإجماع الشعب اليمني في مخرجات الحوار سعياً منها لبحث أي فرص يمكن أن تعزز العملية السلمية وتعمل على تلبية طموحات اليمنيين في استعادة دولتهم وإنهاء أشكال المعاناة كافة التي سببها الانقلاب .
وثمن بيان وفد الحكومة اليمنية جهود المبعوث الأممي مارتن جريفيث التي يبذلها من أجل تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بالشأن اليمني في مقدمتها القرار 2216 ودعم مفاوضات جادة تستند على المرجعيات المتفق عليها المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني، مؤكدًا أن الحكومة اليمنية لا يمكن أن تكون سببًا في معاناة الشعب اليمني، مشيرًا إلى دعم رئيس الجمهورية لجهود المبعوث الأممي وإنجاح العملية التشاورية.
وأوضح أن وفد الشرعية اليمنية قد حضر في الموعد المحدد زماناً ومكاناً – الذي تم تحديده بعد الكثير من الجهود والتشاور والتنسيق والمراسلات دون أن يذكر أي من هذه العراقيل التي اختلقت عنوة في ليلة المشاورات.
وأضاف البيان ” نحن هنا نضع العالم كله في صورة ما يحدث ونؤكد وقوفنا الحقيقي والجاد مع جهود المبعوث الرامية لإحلال السلام وتطبيق القرارات الدولية وفي مقدمتها القرار 2216، ونحمل المسئولية الكاملة للميليشيات الانقلابية أمام المجتمع الدولي والإقليمي وشعبنا اليمني في إفشال كل فرص السلام وإبقاء الشعب اليمني رهينة تصرفات طائشة وغير مسؤولة لا تقدر الحالة الصعبة التي أوصلوا البلاد إليها، كما نطالب المجتمع الدولي باتخاذ مواقف جادة إزاء هذه الحالة المستهترة التي تعودت على أن تبحث عن أي فرصة لإفشال الجهود وليس البحث عن أي فرصة لإنقاذ الشعب، وأن تخلف الانقلابيين عن الحضور في الوقت المحدد دليل صريح على نيتهم المبيتة في إفشال أي خطوات يقوم بها المبعوث الأممي من أجل إحلال السلام ورفع المعاناة عن الشعب اليمني”.