أرشيف صحيفة البلاد

مكوجي زمان.. فخرٌ .. ومعاناة من شكاوى الجيران

جدة – ابراهيم المدني
قرأ الشاب أحمد ناظر بلهفة رسالة واتساب مقتضبة تلقاها من أحد أصدقائه في ساعة مبكرة من صباح الخميس الماضي :” الحقني الليلة عند المكوجي حق زمان في البلد عشان نسترجع ذكريات جدو وستي ،يلا مع السلامة”.
بعد ساعات استعد أحمد (24 عاما) للذهاب إلى مهرجان المنطقة التاريخية (كنا كدا 3) برفقة أهله ؛ وأدار مقود سيارته نحو البلد بشوق ليروا ويسمعوا قصص المكوجي وحكاياته مع أهل الحارة ،وبينما كانوا في منتصف الطريق إذا بأحمد يتلقى اتصالا من صديقه يخبره بضرورة العودة مرة أخرى إلى بيته ليس لشيء ؛ سوى أن يأخذ معه ثوبه المفضل ليحظى بكيّه بمكواة زمان والتي كانت تعتمد في تشغيلها على الفحم بادئ الأمر”.
وصل أحمد وعائلته إلى موقع المهرجان وإذا بهم يرون الناس متجمعين حول المكوجي ويستمعون لحوار يدور بينه وبين السقا الذي بدأ شاكيا من سوء خدمة المكوجي وأنه صار يحرق ثياب الزبائن لعدم حرفته ،وزبون آخر بدا ساخطا من المكوجي أيضا لأنه لم يجد ثوبه جاهزا في الوقت المحدد، وثالث كان منفعلا لأنه نسي 4 قروش في ثوبه ولم يجدها بعد استلام الثوب منه؛ كل ذلك يحدث وعلامات الاستفهام ترتسم على محياهم ؛ وفجأة تـُطلق ضحكات من الجمهور ليعلموا أن ما سبق إنما هي حكايات مكوجي زمان وقصصه مع أهل الحارة.ويقول الشاب وسيم أبو أحمد – الذي يتقمص دور مكوجي زمان في المهرجان – من خلف المكواة البخارية:” كما ترى هذه الحكايات والشكاوى أغلب ما كان يدور بين الزبائن والجيران وبين المكوجيين من جهة أخرى منذ نحو سبعين عاما أو تزيد؛ ولأن المكواة كانت تعمل على الفحم فقد كان بعض المكوجيين يحرق الثوب بغير قصد؛ الأمر الذي يضعه في حرج من زبائنه”.
ويضيف أبو أحمد – وهو ممسك بمقبض المكواة الحديدية ذات 90 عاما كما يقول – :” من بين شكاوى زبائن المكوجيين في ذلك الوقت أيضا هو خلط الثياب بعضها ببعض مما يجعل بعض الزبائن يأخذ ثوبا ليس له حيث لم تكن هناك سندات استلام ونحوها مما هي عليه الآن” معددا أشكالا أخرى من الشكاوى حيث يقول:” ومنها أيضا التأخر في تسليم الثياب لأصحابها وقد يعود ذلك لنفاد الماء حيث كانت المياه محدودة ولم تكن هناك شبكة مياه إنما كانوا يعتمدون على السقا بزفاته المتعددة”.
وفي حين أن ما يقوم المكوجي آنذاك – كما يقول وسيم – قد يجلب الفخر له كونه يجهز الثياب للأهالي ليلبسوها في المناسبات المتعددة كالأعياد والأفراح ونحوها، إلا أنه قد لا تخلو حياته اليومية من المنغصات من بعض أهالي الحارة وهذا من طبيعة العمل كما يقول”.