الرياض- البلاد
ثلاثون عاماً كفيلة بأن تجعل مكتبة الملك عبدالعزيز العامة إحدى أهم المنارات الثقافية والبحثية في المملكة العربية السعودية لا سيما في ظل اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود بدعم البرامج الثقافية والعلمية والبحثية وتعزيز دور مراكز الأبحاث والمكتبات.
وتعد مكتبة الملك عبدالعزيز العامة التي أسست قبل أكثر من ثلاثين عاماً، نموذجاً للمؤسسة النوعية، التي تتفاعل مع المجتمع وتقدم برامجها المتعددة وأنشطتها الفعالة، بما يجعلها واحدة من أكثر المنابر الثقافية إسهاماً في المعرفة وفي تقديم الثقافة المتنوعة عبر مشروعات وطنية وعالمية.
وتسلط وكالة الانباء السعودية ” واس ” في هذا التقرير الثقافي بمناسبة اليوم الوطني ” 88 ” للمملكة العربية السعودية، الضوء على المكتبة التي تحمل اسم الملك المؤسس- طيب الله ثراه – ، والمكانة الكبيرة لها في المملكة العربية السعودية، في مجال حفظ المعلومات وإتاحتها، بالإضافة إلى المعرفة الثرية بما تضمه من مواد ثقافية متنوعة تشمل: الكتب، والدوريات، والصحف، والمخطوطات، والوثائق النادرة، والمسكوكات، والصور الفوتوغرافية، والخرائط، بما يقارب الاثنين والنصف مليون مادة، فضلاً عما تقدمه من أنشطة وفعاليات وندوات ولقاءات ثقافية.
وقدمت المكتبة طوال مسيرتها الثقافية جملة من الأنشطة والإصدارات، ومخزونا معرفيا كبيرا، يدعم مسيرة التنمية الوطنية، ويحقق الجوانب المشرقة للوعي المعرفي الوطني، فيما تُعرِّف بثراء الثقافة العربية والإسلامية وإسهاماتها الكبيرة في تطور الحضارات الإنسانية وحفظ الإنتاج الفكري السعودي، وتقديم الخدمات المعلوماتية لزائريها من طلاب العلم والباحثين والدارسين.
وحققت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة عبر مسيرتها امتيازاً دولياً، فقد أنشأت فروعاً داخل المملكة وخارجها، كان آخرها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في جامعة بكين بجمهورية الصين الشعبية، التي شرفت بتدشين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – حيث تعد العلاقات الثقافية المتميزة بين الجانبين أحد الركائز الكبيرة التي يعوّل عليها المثقفون في المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، باعتبارها علاقة تاريخية تحمل طابعاً ثقافياً وحضارياً، أثر في تاريخ الشعبين وترك بصمات عميقة على حياة الناس وثقافتهم وذاكرتهم الاجتماعية، بالإضافة لتعزيز الدور المعرفي بين البلدين.
كما شاركت مكتبة الملك عبدالعزيز العامة المنظمات الدولية في إقامة الفعاليات الثقافية والمعرفية داخل أشهر المتاحف وأعرق الجامعات العالمية، عبر معرض صور رحلة الأميرة أليس حفيدة الملكة فيكتوريا إلى المملكة العربية السعودية عام 1938م، التي تعد أول زيارة لأحد أفراد العائلة المالكة في بريطانيا للمملكة، وأهمية هذه الزيارة في توطيد العلاقات السعودية البريطانية طوال العقود الماضية.
وأقامت المكتبة في عدد من الدول الأوروبية المعارض الثقافية المتنوعة والمصورة للحج، حضرها قادة عدد من الدول الشقيقة والصديقة وتم تقديمها بأكثر من لغة من لغات العالم وأعطت صوره مثلى لما تقوم به المملكة العربية السعودية من جهود كبيرة لخدمة المسلمين في أداء ركنهم الخامس، واكب ذلك حراك ثقافي بغية إظهار القيمة الحضارية والثقافية للإسلام، حيث اهتمت المكتبة منذ نشأتها برصد التراث الحضاري والثقافي والعلمي للحج وللحرمين الشريفين من خلال الكتب والصور النادرة للحرمين الشريفين لمحمد صادق سنة 1881م وأحمد ميرزا ،والمخطوطات التي كتبت في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمسكوكات الإسلامية، التي تم سكها منذ ما يزيد عن الألف سنة التي تنفرد مكتبة الملك عبدالعزيز العامة باقتنائها، مثل الدرهم العباسي الذي ضرب في مكة سنة 291هـ والدينار العباسي الذي ضرب في مكة سنة 293هـ والعديد غيرها، إضافة إلى المواد الفيلمية المتنوعة سواء ما أقتنته المكتبة أو أنتجته، ويمثل هذا التراث الفكري ذاكرة متكاملة للحرمين الشريفين وتوثيق تاريخ المملكة العربية السعودية.
وحازت جائزة الملك عبدالله العالمية للترجمة على ثقة مراكز الترجمة والتعليم والجامعات العالمية، واعترافاً دولياً كبيراً لأهمية الجائزة وما تقدمه من جهود كبيرة، توجت باستضافة حفلها الختامي السنوي في مقر الأمم المتحدة في جنيف، ومقر حاكم ولاية ساوباولو البرازيلية، ومقر اليونسكو بباريس، إضافة إلى تنقل الحفل الختامي بين العديد من دول العالم وحضور قادة ورؤساء ومفكرين من مختلف أصقاع الارض، باعتبار الجائزة دعمت أعمال الترجمة من اللغات العالمية إلى العربية والعكس، إضافة إلى أن الترجمة اليوم تمثل نافذة كبيرة لاستشراف الثقافات العالمية.
كما أصبح مركز الفهرس العربي الموحد الذي أطلقته مكتبة الملك عبدالعزيز العامة مطلع أبريل 2007 م لخدمة الثقافة العربية وربطها بالثقافات العالمية الأخرى، علامة فارقة في سماء مؤسسات الفكر والنهضة المعرفية، حيث لقي إشادة وزراء الثقافة والتعليم في الوطن العربي والإسلامي لما أسهم به من إطلاق بوابات معرفية للدول العربية تسهم في جمع المكتبات عبر منصة واحدة، تسهل عملية نشر الإنتاج الفكري خارج إطار الدول وذلك عبر شبكة الفهرس العربي الموحد وشراكتها المعرفية وتنسيقها المتبادل مع شركة المكتبات المحوسبة الأمريكية .OCLC
وثمنت منظمة الأمم المتحدة الدور المعرفي الذي تنهض به مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، عبر إشادة كبير المستشارين في العلم و التكنولوجيا للتنمية البروفيسور محمد مراياتي مشيراً إلى أهمية مركز الفهرس العربي الموحد والمكتبة الرقمية العربية، ومؤكدا أهميتهما للدول العربية اقتصادياً و اجتماعياً و ثقافياً، فهو يوحد العمل المكتبي في 22 دولة كما يسهم في التوفير المالي والزمني ويوفر الاطلاع على كل المكتبات العربية من أي مكان و في أي زمان.
وعزز الفهرس العربي الموحد وعبر شراكته مع برنامج المكتبة الإلكترونية في الأونروا، قيام بنية تحتية في مجال المكتبات والمعلومات في أقاليم عمل الأونروا خاصة في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، كي يصبح عمل المكتبات ومراكز المعلومات منسجماً مع المعايير والمواصفات العالمية، لتكون المكتبات ومراكز المعلومات في الضفة الغربية وقطاع غزة جزءاً من العمل العربي المشترك الذي تقوده مكتبة الملك عبدالعزيز العامة مما يسهم في الحفاظ على التراث ويعزز العمل الثقافي على المستوى العربي.
كما تعد المكتبة الرقمية العربية الصينية التي صممت بأفضل المواصفات الفنية والعلمية، أحد أهم المشروعات المعرفية والثقافية التي يعول عليها بين الدول العربية والصين، وأحد أذرع وآليات التعاون بين الحضارتين، حيث أسندت جامعة الدول العربية تطويرها إلى مكتبة الملك عبدالعزيز العامة لنجاحها في إطلاق مركز الفهرس العربي الموحد، والمكتبة الرقمية العربية الموحدة، إضافة إلى خبرتها في صناعة المعرفة ونقل الموروث وترسيخ أسس الشراكة المعرفية والثقافية، داخل المجتمعات لتحقيق طفرة في مجال المكتبات والمعلومات ، وقد حظي هذا الحدث باهتمام كبير داخل جمهورية الصين الشعبية باعتباره خطوة جيدة لبناء شراكات مجتمعية قائمة على نقل التاريخ والموروث والتعريف بالكنوز المعرفية وتوفير خدمات المعلومات للباحثين والدراسين وصناع القرار والمهتمين والإنتاج الفكري عبر أشكال متعددة.
ويعد التنوع والنهل من مختلف أنواع الثقافة هو المرتكز الأول الذي تتسم به المادة المعرفية بمكتبة الملك عبدالعزيز العامة، حيث نجد على أرففها مختلف العلوم والمعارف بما يخدم القراء والباحثين بمختلف أطيافهم وتوجهاتهم العلمية والبحثية، وتمتلك المكتبة مصادر ضخمة ثرية من المعلومات، كما تضم مقتنيات كثيرة من مصادر المعرفة بمجموعة متميزة من الكتب العربية والنادرة التي تعد من بواكير الكتب العربية التي تمت طباعتها في أوروبا، بالإضافة إلى مجموعات من المجلات العربية التي يعود تاريخ بعضها إلى العام 1860م، وما يقرب من 130 ألف وثيقة وما يزيد على 35 ألف من الكتب النادرة التي تفيد في حركة التاريخ الأدبي والعلمي والثقافي بوجه عام .
وتضم مكتبة المؤسس نحو ” 12.000″ ألف مخطوطة وأكثر من “12.000” آلف صورة فوتوغرافية، ومجموعة من الخرائط تزيد على “700” خريطة، كذلك تضم “9500” من العملات النادرة، وألف كتاب للأطفال، و”60″ ألف من الدوريات و”16″ ألف من الرسائل الأكاديمية .
وفي مجال النشر والطباعة أصدرت المكتبة نحو “800” عنوان من الكتب والإصدارات الثقافية والعلمية والأعمال المترجمة، طبع منها نحو مليوني نسخة ، وتحتوي على عدد من الكتب العلمية المحكمة والمترجمة والأدلة التعريفية والدوريات وكتب الأطفال .
ولا تكتفي مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بما تضمه من مواد معرفية متنوعة أو مشروعات عالمية رائدة، حيث تقدم أنشطة وبرامج ثرية عبر مسؤوليتها المجتمعية، إضافة لتقديمها عدة برامج وأنشطة منها..اللقاء الشهري للكتاب، والمشروع الوطني لتجديد الصلة بالكتاب، والمكتبة المتنقلة، ومصادر التعلم المتنقلة، ومكتبات المطارات، وبرامج القراءة الحرة، وأندية القراءة، وتقوم بحفظ التراث عبر قاعدة الملك عبدالعزيز التاريخية، ومركز دراسات الفروسية، والموسوعات الوطنية الشاملة للمملكة العربية السعودية .
وتعمل مكتبة الملك عبدالعزيز العامة على تعزيز محتواها المعرفي وتنويع مصادر المعرفة واقتناء كل ما يسهم في خدمة الباحثين والدارسين، من مواد ثقافية وعلمية متنوعة، فيما تعمل على إثراء المشهد الثقافي وتشكيله ومده بكل جديد من البرامج والأنشطة واللقاءات الثقافية المتنوعة.