موسكو – واشنطن – وكالات
“عدنا لأيام الحرب الباردة من جديد”.. هذا التعليق الفوري هو ما نطق به النائب السابق لرئيس المخابرات الأمريكية “سي آي إيه” ردا على إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امتلاك بلاده أسلحة جديدة “غير مسبوقة”، عقب اعلان واشنطن الانسحاب من معاهدة الدفاع المضاد للصواريخ.
وكان بوتين قد اعلن عن امتلاك بلاده نظام إطلاق متطور للقنابل النووية ستعجز الولايات المتحدة الأمريكية عن اعتراضه، بحسب وصفه.
وفي لقاء تلفزيوني له مع قناة “سي بي إس” الإخبارية الأمريكية، علق “مايكل موريل” النائب السابق لرئيس المخابرات الأمريكية “سي أي إيه”، على ذلك بقوله إن هذه التطورات في التصريحات المتبادلة بين الجانبين تدل على أن هناك نزاعا كامنا بين روسيا والولايات المتحدة لا يختلف كثيرا عما كان عليه الوضع خلال الحرب الباردة.
وكان لقاء المسؤول السابق بـ”سي أي إيه”، ببرنامج “سي بي إس إيفنينج نيوز”؛ حيث قال “موريل”: “لا يمكن أن يغفل عن عقولنا أنه بعد الأحداث المتلاحقة مثل غزو روسيا لجورجيا وأوكرانيا والتدخل السافر في سوريا والتدخل السافر في نتائج انتخابات الرئاسة الأمريكية واغتيال المرتزقة الروس للقوات الأمريكية بسوريا، كل هذا لا يدع مجالا للشك في أننا عدنا لأيام الحرب الباردة من جديد”.
وفي خطابه أمام البرلمان الروسي، قال بوتين إن الجيش الروسي أصبح يمتلك عددا من الأسلحة المتطورة من أبرزها صواريخ “سارمات” العابرة للقارات، صواريخ “كينجال”، ومنظومة صواريخ “أفانجارد”، والغواصة المسيرة، ومنظومة الليزر الحربي. واستغلت روسيا مشاركتها في الحرب بسوريا لاختبارها، ووجه بوتين لواشنطن رسالة تحذيرية من مغبة توجيهها هجمات صاروخية أو نووية على روسيا أو حلفائها، قاصدا بشكل خاص أوكرانيا، موضع الصراع بين روسيا وحلف الأطلنطي منذ 2014. كما كشف الرئيس الروسي عن رفع ميزانية التسليح بنحو 4 أضعاف.
وبهذا انطلق عصر جديد من سباق التسلح بتبادل التهديدات عبر كشف كل طرف تحديث ترسانة بلاده العسكرية وزيادة ميزانية الإنفاق بشكل غير مسبوق. وبحسب بوتين، فإن تطوير بلاده لتلك الأسلحة سببه إقدام الولايات المتحدة على الانسحاب من معاهدة الدفاع الصاروخي المضاد.
وهذه الأسلحة هي ضمن اعتماد الجيش الروسي أكثر من 300 نموذج جديد من المعدات العسكرية منذ عام 2012، بينها 80 صاروخا باليستيا جديدا، و102 صاروخ باليستي للغواصات، و3 غواصات استراتيجية من مشروع “بوري”.
رسالة استفزازية :
وفي رسالة استفزازية للولايات المتحدة، وجهت السفارة الروسية بواشنطن الدعوة للمواطنين الأمريكيين للمشاركة في اختيار أسماء للأسلحة الروسية الجديدة.
وعلى حسابها بـ”تويتر”، قالت السفارة: “شارك في المسابقة التي أعلنها فلاديمير بوتين”، مرفقة 3 صور للأسلحة الجديدة المتطورة التي استعرضها الرئيس الروسي في كلمته أمام الجمعية الفيدرالية.
وكان بوتين قال، في كلمته، إنه لم يتم اعتماد تسمية جديدة لهذه الأسلحة، ويمكنكم إرسال مقترحاتكم بشأن التسمية على الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع الروسية، بحسب ما نشرته وكالة سبوتنيك، الجمعة.
وتضمنت الأسلحة الجديدة، سلاح ليزر، وغواصة ذاتية القيادة، وصاروخا مجنحا متطورا.
وفي إطار استمرار تفاخره حول أسلحة بلاده الجديدة التي أزاحت وزارة الدفاع الروسية النقاب عنها مؤخرا، قال بوتين في مقابلة مع قناة “إن بي سي”، امس الجمعة، إن اختبارات الأسلحة الجديدة المقدمة للبرلمان جرت بنجاح، وبعضها يحتاج إلى تعديل، والبعض الآخر متاح بالفعل للجيش وجاهز للاستخدام.
في المقابل، اعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية، الجمعة، أن تباهي بوتين بالصواريخ الجديدة في ترسانة بلاده النووية عمل غير مسؤول، ودليل على أن موسكو تنتهك معاهدات الحد من الأسلحة.
وأدانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر نويرت ما كشفه بوتين خلال خطاب عن التكنولوجيا الجديدة بواسطة عرض مرفق بصور ورسوم بيانية تظهر صواريخ تضرب الولايات المتحدة.
وقالت للصحفيين: “هذا شيء لا نستمتع بمشاهدته بالتأكيد، لا نعتبر ذلك سلوكا مسؤولا للاعب دولي”.
اعتراف أمريكي:
ويأتي ذلك فيما يعمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على تحديث ترسانة جيش بلاده العسكرية، حيث وقَّع في ديسمبر/كانون الأول 2017 مرسوم ميزانية الدفاع الضخمة بمبلغ 700 مليار دولار، ووصفت حينها بأنها أكبر ميزانية في تاريخ أمريكا، بل والعالم كله.
وفيما يخص النشاط النووي، خاصة مع التحديات القادمة من روسيا وكوريا الشمالية في هذا المجال، قال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، إن “التهديدات تفاقمت بشكل خطير.. الولايات المتحدة تواجه بيئة أصبح فيها التهديد النووي أكثر تنوعا وتقدما من أي وقت مضى”.
واقترحت الوزارة تطوير نوعٍ جديدٍ من الأسلحة النووية قدرته محدودة، على شكل أسلحة تكتيكية توصف بـ”الأسلحة النووية المصغرة”، تحقق نسبة اختراق أكبر وقادرة على تدمير التحصينات والمنشآت تحت الأرض.