جدة- عبد الهادي المالكي
نجحت محافظة جدة بامتياز ونجح ابناء العروس في اعداد احد اجمل البرامج اليومية – مسيرة الحج _في (مهرجان أتاريك) الذي تشهده المنطقة التاريخية الذي انطلق في 30 مارس الماضي وتختتم عروضه اليوم السبت 8 ابريل 2017م .
لحظة الانبهار تبدأ من الساعة الخامسة عصرا عندما تظهر اولى الملامح انطلاقا من خلف مركز المحمل التجاري موقع ميناء جدة الإسلامي سابقا ومرورا بمسار الحج التاريخي خلال شارع الملك عبدالعزيز وسوق الندى الى سوق العلوي وبرحة نصيف الى باب مكة بظهور فوج من الحجاج يرتدون ملابس الاحرام من جنسيات مختلفة وهم يهللون ويكبرون قائلين:” لبيك اللهم لبيك لبيك لاشريك لك لبيك، لبيك اللهم وسعديك تباركت ربنا وتعاليت” ومع هذا الدعاء الرباني الجميل سرعان مايردده المئات من الزائرين ويتوالى عليهم كل من هو قادم الى فعاليات المسار الثاني ببرحة نصيف ومقابل بيت نصيف ومسار سوق العلوي والاسواق المجاورة واذا بلوحة الابداع تكتمل عندما يدقق الزائرون في من يرتدون ملابس الاحرام واذا بهم خلف خيل بخيالها بزيه القديم كمرشد للقافلة وخلفه 3 جمال واحد منها يحمل 6 صناديق تمثل الشنط في الماضي واغراض الحجاج ويطلق عليها “كوبر”والآخر عليه الهودج بطراز الماضي وعليه الكسوة من قماش الخيام كما تستخدم قديما والثالث يحمل عتاد الاقامة للخيام من حطب ومواد غذائية وخلافه يرافقهم عدد من المنشدين يرتدون الزي القديم ونساء يرتدين الجامة وهي العباءة بطريقتها القديمة يرددن مايردده الجميع في لوحة غاية في الدقة والروعة وفي مقدمة الجميع شيخ القافلة قائد المسيرة الشريف خالد حسناوي صاحب الفكرة ورئيس مؤسسة المفتاح العربي والذي التقينا به وسألناه عن قصة هذا العرض الجميل فأجاب :” الفكرة ببساطة تبلورت لي بان اقدم أنموذجاً لمسيرة الحج قديما قبل أكثر من 80 عاماً في بدايات عهد مؤسس الدولة السعودية المفغور له بإذن الله الملك عبدالعزيز واستقبال الحجاج الذين كانوا يأتون للحج بحرا من بلاد بعيدة عن طريق مدينة جدة بوابة مكة المكرمة من موقع ميناء جدة الإسلامي قديما ولم تكن ظهرت الطائرات وكان حجهم عن طريق الخيول والجمال والمشي بالأرجل وقد لاقت الفكرة اعجاب المسؤولين في اللجنة العليا التنفيذية لمهرجان جدة التاريخية وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي محافظة جدة ورئيس اللجنة العليا وكذلك الشركة المنفذة وعلى رأسها الأستاذ زكي حسنين ثم شرعنا في تنفيذها ويقوم بها اكثر من ستين شخصا يكون في المقدمة خدام القافلة مجموعة من الشباب الذين يقودون الخيل والجمال بزيهم القديم ثم الحجاج يليهم السيدات والأطفال وفي الخلف مجموعة من الشباب المنشدين ومعهم جسيس له اغان وأدعية جميلة وحرصنا أن يكون شباب القافلة لهم نفس الزي الذي كان يرتديه أهل زمان سواء من ناحية القماش أو تفصيله ونفس الحال العمامة التي كان يرتديها أهل زمان ايضا وكذلك الأحذية وتبدأ المسيرة من خلف مركز المحمل الراعي للمسيرة عبر مسار الحج التاريخي الممتد من باب البنط وشارع الملك عبدالعزيز وسوق الندى وسوق العلوي وبرحة نصيف الى باب مكة وتتواصل في سيرها الى بيت المتبولي في نهاية سوق العلوي وعند هذا البيت الذي هو محطة الوصول حرصنا ايضا ان نوفر الجلسة التي اعتاد اهل زمان الجلوس عليها وهي المركاز ويتكون من كراسي شريط وهي المقاعد قديما وأمامها طاولة لها فتحة من اقصى يسار توضع فيها الشربة وكذلك مرفع شراب كل وحدة لها اربعة عيون في كل عين يوضع شربة وبجانب المركاز توجد الازيار بالمرافع وهي قاعدة زير . عند بيت المتبولي يقف الفوج ليستعد لإستقبال الحجاج العائدين من مكة والعودة مرة اخرى الى محطته الاولى عند برحة نصيف أمام نفق سوق العلوي.
وقد اسعدنا كثيرا أنه خلال الأيام الأولى لانطلاق الفعالية شارك في حضور مسيرة الحج صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ محافظة جدة ورئيس اللجنة العليا للمهرجان وقد عبر عن سعادته بالمسيرة وتواصل معها وقد سعدنا كثيرا بتشريفه.
نحمد الله تعالى أن المسيرة تلقى متابعة يومية تزيد عن حضور اكثر من 7000 زائر يسيرون خلفها ذهابا وايابا ويوما بعد يوم تزداد الاعداد ونشعر برضا الزوار واعجابهم بها والملفت للنظر ان الاغلبية يسيرون خلفها يرددون الدعاء الذي تقوله القافلة والبعض الآخر الى جانب الدعاء يقوم بتصوير الحدث ويبدون اعجابهم الشديد به”.
والحسناوي قائد القافلة وصاحب الفكرة هو ايضا يرتدي زيا وثوبا وعباءة تكشف عن الحالة التي كان عليها اهل زمان وايضا العمامة التي يطوق بها رأسه تختلف عن مانراه الآن إلا انها تعبر عن مظهر ممتع وشكل مميز كما فوجئنا ايضا ان مسيرة الحج تقوم بعملها يوميا 4 مرات تبدأ الاولى من الخامسة عصرا وتتحرك من بيت نصيف الى بيت المتبولي ثم الثانية من الساعة السادسة والنصف بعد صلاة المغرب ثم الثالثة في التاسعة بعد العشاء مباشرة والاخيرة تنطلق الساعة العاشرة مساء.
ولأننا قضينا يوما كاملا مع مسيرة الحج فقد جذب انتباهنا الكثير من الامور الجميلة ان الرحلة في الذهاب يكون لها دعاء واناشيد دينية تختلف عن رحلة العودة تماما فبمجرد ان تنطلق عائدة من بيت المتبولي الى برحة نصيف يكون النشيد المكاوي الجميل “جو جو حجوا وجو” ويتوالى هذا النشيد حتى الوصول الى نقطة الانطلاق الاولى عند نفق سوق العلوي ومع حالة الازدحام الكبير من الزائرين يفاجأ الجميع (بالنتيرة ) في منطقتين مقابل بيت نصيف ومقابل مركز المحمل اذ يقوم قائد الفوج بالقاء حلوى تحتوي على حمص جوهري وحلاوة حمصية وملبس حمصية ولوزية ويسعد الاطفال بالحلوى الكثيرة التي تلقى عليهم ويتناولونها في ظل طلبهم ان يتوالى اعادة المشهد مرة اخرى حتى ان العائلات تفضل ارضاء ابنائها بالبقاء لموعد الانطلاق الثاني ليفرح الجميع في مسيرة الحج ومهرجان أتاريك.