مركز المعلومات – البلاد
لم يقتصر اهتمام الدولة على تعليم البنين، بل اهتمت بتعليم الفتاة أيضا، فالمرأة بحاجة إلى تعلم كل ما يلزمها في حياتها ويهم مجتمعها من أمور دنياها ودينها بما يتلاءم وطبيعتها، وينسجم مع أهداف الشريعة الإسلامية.وعلى الرغم من انشغال الملك عبد العزيز، بعد توحيد البلاد في بناء الدولة وتأسيس أنظمتها الداخلية والخارجية، فإنه لم يغفل تعزيز مكانة المرأة في المجتمع أسوة بالرجل، فدعم إنشاء أكثر من 180 دارا للكتاتيب، بالإضافة إلى الدور التي كانت موجودة قبل عهده، التي انضم إليها الكثير من النساء لتعلم علوم الدين الشرعية والحياتية.
كانت الكتاتيب منتشرة في مناطق المملكة سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً. وقد قامت تلك الكتاتيب بتعليم الناس أمور دينهم على الوجه المناسب. ومن أولويات التعليم في الكتاتيب النسائية تعليم المرأة الكبيرة مبادئ القرآن الكريم، وحفظ بعض سوره القصيرة وعدد من الأحاديث النبوية الشريفة إضافة إلى تدريس ما يتعلق في الأمور الدينية .. وأما البنات الصغيرات فإن أولويات تعليمهن مبادئ القراءة والكتابة في نفس الوسائل التعليمية التي يستخدمها الذكور، من ألواح خشب وأقلام غصون الشجر.
وأما المرحلة الثانية فكانت المدارس المنزلية أو شبه النظامية حيث تبدأ هذه المرحلة من تاريخ (1360ه) واستمرت إلى تاريخ إنشاء المدارس النظامية لتعليم البنات في عام (1379ه). وتشير بعض الإحصائيات أن هناك ما يقارب خمسة عشر مدرسة شبة نظامية، ومن أشهرها مدرسة كريمات الملك سعود في الرياض (1370ه)، أنشأها الملك سعود رحمه الله داخل القصر.
ومدرسة دار الحنان في جدة (1375ه) التي أنشأها الملك فيصل رحمه الله لرعاية اليتيمات وأسند مهامها إلى حرمه الأميرة عفت. ومبرة الكريمات التي بدأت لإيواء الفتيات اليتيمات في الرياض في عام (1376)، ثم صارت أول مدرسة للبنات في الرياض. ومبرة الملك عبد العزيز في قصر الملك عبد العزيز بحي المربع بالرياض في عام (1378ه) وتولى الأمير طلال بن عبد العزيز مسؤولية إنشائها.
وكان نظام التعليم القائم في تلك المدارس شبة النظامية مثل تعليم البنين، ولكن يضاف إليها بعض العلوم الأخرى مثل الخياطة والتفصيل والتطريز، أما المعلمات فغالباً ما يكون من بعض الأقطار العربية المجاورة مثل مصر ولبنان وفلسطين.واما المرحلة الثالثة فهي المدارس النظامية وفي هذه المرحلة تم إنشاء مدارس البنات النظامية في يوم الجمعة 21 ربيع الثاني من عام (1379ه)
ومع مرحلة توحيد البلاد كانت هناك العديد من المدارس الأهلية لتعليم البنات، إلا أنها كانت بأعداد محدودة وفي المدن الكبيرة فقط
لذا فكرت الدولة في وضع نظام يكفل تعليم البنات في ضوء الشريعة الإسلامية، وأن يكون لهن مدارس خاصة بعيدة عن الاختلاط ؛ لأن دستور هذه الدولة هو القرآن الكريم والسنة النبوية، فتم إنشاء (الرئاسة العامة لتعليم البنات) عام 1379هـ / 1959م كجهاز مستقل يتولى مسؤولية تعليم البنات، ويعد ما اتخذته المملكة تجربة فريدة في تاريخ التعليم.
فصدر الأمر السامي الكريم يوم الخميس 20 / 4 / 1379هـ الموافق 22 / 10 / 1959م القاضي بفتح مدارس لتعليم البنات بالمملكة العربية السعودية، لتكون هيئة رسمية تعليمية تتولى التخطيط والإشراف وإدارة تعليم البنات، ومراكز التدريب المهني الخاص بالفتيات . وفق ضوابط معينة تحت إشراف جهاز رسمي باسم (الرئاسة العامة لتعليم البنات)، وتتلخص هذه الضوابط بما يلي:
1 – أن يكون فتح المدارس لتعليم العلوم الدينية وغيرها من العلوم التي تتمشى والعقيدة الإسلامية.
2 – تشكيل هيئة تحت إشراف سماحة المفتي آنذاك الشيخ محمد إبراهيم آل الشيخ لتنظيم هذه المدارس وما سبق فتحه من قبل، ووضع برامجها ومراقبة سيرها.
3 – اختيار المعلمات ممن يتحقق فيهن حسن العقيدة وصدق الإيمان.
وقد صادف فتح مدارس للبنات معارضة أول الأمر، إلا أنه سرعان ما اقتنع المعترضون بأن الدين الإسلامي يدعو إلى تعليم البنات مثلما يدعو إلى تعليم البنين، وأن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، وأن الدولة التي اتخذت العديد من الضمانات التي تؤكد حفاظ الفتاة المتعلمة على دينها وأخلاقها وتقاليدها إضافة إلى إعدادها للقيام بوظيفتها كأم وزوجة ومواطنة صالحة في المجتمع.
وقد شمل تعليم البنات كل مراحل وأنواع التعليم ابتداء من رياض الأطفال وحتى تعليم الكبار والتعليم الخاص والفني والجامعي.
ووفرت جامعة الملك سعود التي أنشئت عام 1957 م أول فرصة للفتاة السعودية للالتحاق بالتعليم العالي داخل المملكة حيث سمحت للفتاة عام 1961 م بالانتساب للجامعة من خلال كلية الآداب والعلوم الإدارية . وتوالت بعد ذلك الجامعات في فتح المجال للراغبات من البنات في مواصلة تعليمهن بنظام الانتساب .
وفي عام 1970 ـ 1971 م قامت الرئاسة العامة لتعليم البنات بإنشاء أول كلية خاصة بالبنات، وهي كلية التربية بالرياض وصولاً إلى افتتاح العديد من أقسام الطالبات في جامعات البنين التابعة لوزارة التعليم .
و في ظل ما يحظى به التعليم عموماً من اهتمام كبير من قبل المسؤولين في المملكة استفادت أعداد كبيرة من الطالبات من برامج الابتعاث التي تقدمها الجامعات والكليات للدراسات الجامعية والعليا لمختلف دول العالم، وخصوصا أوروبا وأمريكا الشمالية، وكذلك من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي .
وفي عام 1429 هـ تم وضع حجر الأساس لجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن ، التي تعد أول مدينة جامعية حكومية متكاملة خاصة بالمرأة في المملكة العربية السعودية ، وعينت سمو الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد بن محمد بن عبدالرحمن، أول مديرة للجامعة ، مما جعل طموح المرأة السعودية بلا حدود.
ونتيجة لاهتمام ولاة الأمر في المملكة بتعليم المرأة ، واعتباره في سلم أولويات الحكومة السعودية فقد تمكنت المرأة السعودية من السير بخطوات واثقة في تحقيق طموحاتها وأهدافها حتى برزت في شتى المجالات العلمية والعملية ، كالتعليم والطب، والفيزياء والرياضيات والإدارة وغيرها، على المستويين المحلي والدولي . وأثبتت قدرتها على تحمل المسؤولية حتى أصبحت شريكة في تحقيق التنمية في المملكة، ونالت مميزات وحقوقاً أسهمت في تسريع الارتقاء بمكانتها وزادتها تقدماً، مع الحفاظ على هويتها وتميزّها.
ونتيجة لما حققته المرأة السعودية من تميز فقد تبوأت مراكز قيادية في مجالات متعددة، حيث عينت في عام 1430 هـ أول امرأة بمنصب نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنات .ونظراً لاهتمام المملكة بدخول المرأة في مجال التعليم الفني والتدريب المهني والتقني، فقد تم تعيين سيدة في منصب نائب مساعد للتدريب التقني والتطوير للبنات بالمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني والتقني بالرياض.