جدة – وليد الفهمي
استبشر العديد من المواطنين والمتهمين بالبيئة بقرار إدارة التشجير والمتنزهات بوزارة الشؤون البلدية والقروية بإلزام الأمانات والبلديات في مختلف المناطق بالمحافظة على الأشجار المعمرة بشكل خاص والأشجار بشكل عام ومنع قطعها إلا في الحالات القصوى التي يتضح من خلال الرفع للجهة المختصة بالوزارة أسباب قص وتقزيم الأشجار عند اعتماد الطرق التي تعبر الغابات أو المتنزهات التابعة لها، في حال وجود إزالة للأشجار.
حيث أكد الكثيرون من المختصين بأن هذا الأمر يعد خطوة في الاتجاه الصحيح، وسوف يزيد رقعة الغطاء النباتي وزيادة جودة الهواء ونقائه في المدن وتقليل زحف الرمال، وذلك بعد مطالبات شهدتها منصات مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأشهر الماضية انتشار العديد من الحملات التي تدعو إلى تشجير المدن وعدم تقزيم الأشجار، حفاظا على الغطاء النباتي والمظهر الجمالي للمملكة الأمر الذي اعتبره المهتمون قبولاً من قبل الجهات المعنية ، بعد أن عانت الأشجار في المدن الكبيرة من ممارسة سلبية بحق اختفاء الرقعة الخضراء بها وارتفاع درجات الحرارة بشكل مبالغ فيه.
مطالب شعبية وامتصاص غضب مواقع التواصل
ومن جانبه قال الدكتور محمد بن حسين المرشدي الخبير في إدارة وصون الأراضي والمياه في اعتقادي أن قرار وزارة الشؤون البلدية في إيقاف تقزيم الأشجار لم يكن مدروسا من الناحية العملية والعملية، فالقرار يتسم بمحاولة امتصاص مطالب شعبية من بعض قيادات الجمعيات المدينة والتي إنشئت على أن هدفها حماية البيئة لكنها للأسف تدار بواسطة غير المختصين في مجال الزراعة والبيئة أو ممن لا يملكوا الخبرة الكافية لتلك الأعمال لذا يسببوا إخفاق جودة الرأي والعمل.
وأوضح المرشدي أن عدم التدخل في السابق من إيقاف تقطيع الأشجار، دون تدخل من الجهات المعنية يعود إلى عدم وجود احترافية ودراية في أعمال التشجير، تقليم أو تقطيع الأشجار في أغلب الأحيان ضروري لسلامة الطريق ومستخدميه من قائدي المركبات أو المشاة على حد سواء، ويكمن السبب الرئيسي للخطر هو أن التشجير على جانبي الطريق ومنتصفه عندما لا يتم تصميمه من المختصين في الحدائق فأنه قد يحجب الروية للسائقين أو المارة ويحجب مشاهدة لوحات المرور الإرشادية والتي بدورها ستصبح مطموسة فننخفض السلامة المرور، أيضا،
فإن تزداد حجم المجموع الخضري للشجرة في ضل الضعف الغير مشاهد للمجموع الجذري تحت سطح الأرض، فسبب عدم الاتزان للأشجار ويؤهلها لسقوط أو قلعها عند هبوب رياح متوسطة السرعة أو وجود عاصفة (لا سمح الله) مشيراً إلى أن عامة الناس ومنهم بعض القياديين للجمعيات البيئية حديثة التأسيس والخالية من المحترفين في مجالات التشجير وتنسيق الحدائق يطالبوا عبر وسائل التواصل الاجتماعي الغير مقننه بالمعلومات السليمة “بإيقاف التقزيم” بدون معرفة بالمحاذير تلك المطالبة في سلامة الطرق على المارة والمركبات.
وأضاف المرشدي أن أغلب المعلومات والمطالبات تصدر ممن هم لا يعلمون أسس أعمال تشجير الشوارع وعن كيفية التطبيقات السليمة عند تنسيق الحدائق المنزلية أو العامة منها، والذي يدوره يظهر التخبط للأعمال الميدانية في تنفيذ أعمال التشجير على جانبي الطريق أو الميادين المتمركزة في وسط الطرق أو الحدائق العامة والخاصة.
وعن كيف يرى الأمر ومدى فعاليته في وضع حد لحرارة الأجواء وتلطيف الأجواء؟ قال المرشدي ليس هناك أدنى شك في منافع الغطاء النباتي (أشجار – شجيرات – مسطحات خضراء) وفعالية، فالغطاء النباتي ليس له نظير مقارنة بمثيلاته الصناعية التي تحقق منافع في حيز ضيق وبسيط لكن للأسف ينجم عن تلك المثيلات الصناعية مضار متعددة ولا يمكن تقنينها أو حجبها في أغلب الأحيان، مستدركاً أن الغطاء النباتي عامل مهم وان الغطاء النباتي منافعه عديدة لا يمكن حصرها، فهو من الضروريات لتحقيق التوازن البيئي لاستدامة المدن والحضارات القديم منها أو الحديث ولا يمكن أن يعتبر الغطاء النباتي عامل رفاهية يمكن الاستغناء عنه. بل إن المحافظة أو الاستزادة للغطاء النباتي في المدن من الضروريات لرفع المستوى الصحي المدينة ولمن يسكن بها.
من ناحية أخري، قال سليمان السهلي المهتم بالبيئة والحياة الفطرية إن هذا قرار جيد وتأخر كثيراً ، حيث تسبب تقزيم الأشجار بتقليص الغطاء النباتي داخل المدن وفي كثير من الأحيان وشوه صورة الشجرة وحرم البيئة من فوائد الأشجار بصد الغبار والعوالق الترابية وتخفيف الضوضاء وزيادة الأكسجين وحرمان المارة من ظلها وجمالها شاكرا وزارة الشئون البلدية على هذا القرار الصائب والتزام جميع البلديات بما ورد فيه.
وأكد السهلي أنه ورغم صدور قرار الوزارة بمنع تقزيم الأشجار إلا أن هذا لا يعفي البلديات من المسؤولية، حيث يعد هذا مخالف لما ورد في لوائح التشجير الواردة أصلاً بتعليمات الوزارة المنشورة في موقعها الالكتروني.
وعن رؤية السهلي للقرار ومدى فعاليته في وضع حد لحرارة الأجواء وتلطيف الأجواء قال لـ”لبلاد” أنه لا شك أن زيادة الغطاء النباتي له دور فعّال في تخفيف حرارة الأجواء المحيطة، ويتضح هذا جلياً حين المرور بشارع كثيف الأشجار أو التنزه في حديقة 50٪ منها مزروع بالأشجار الظليلة ، بخلاف المسطحات الخضراء بلا أشجار التي لا يستطيع الناس الجلوس فيه بالنهار بدون ظل مبيناً أن الغطاء النباتي ليس ترفيهاً فقط، بل نحن بحاجة لظل وفائدة أي شجرة ويجب الحفاظ عليها كثروة وطنية لا تقدر بثمن.