متابعات

متزوجون يعترفون : أبناؤنا سبب استمرارنا.. والطلاق حتى إشعار آخر

جدة – ليلى باعطية

أثارت نتائج استطلاع لأحد المستشارين الأسريين في المملكة، علامات الاستفهام، حيث كشفت أن هناك 75% من الأزواج مستمرون مع بعضهم البعض فقط؛ من أجل الأبناء، بمعنى خلو حياتهم من أي عاطفة.

ولأن رعاية الأبناء وتنشئتهم ومتابعتهم خلال سير حياتهم تعتبر مسؤولية الوالدين، لذلك نجد الكثير من الأزواج يتجاوزون مشاكل عدة، تخص علاقتهم الزوجية ويقاسون الكثير فيما بينهم، وقد يعاني طرفٌ دون الآخر سوء المعاملة والإهمال، وعدم تقبله للآخر فقط، من أجل أن يستمر الزواج حتى لا تتأثر نفسيات أبنائهم، لذلك نسمع عن زيجات تنتهي بالطلاق، بمجرد أن يتزوج الأبناء بعد مرور 40 سنة وأكثر.

هل تؤيدون أن هناك زيجات عديدة مستمرة في مجتمعنا فقط من أجل الأبناء؟، كان هذا هو السؤال الذي طرحته (البلاد) على قرائها، لمعرفة حقيقة وجود أزواج كثيرين يعانون من الانفصال؛ عاطفياً وجسدياً وحوارياً في مجتمعنا، وأن وجود الأبناء هم سبب استمرارهم بمسمى (متزوجين). مجتمعٌ يُجيد الضحك على نفسه:

قالت هوازن جمال :” في هذا الموضوع أنتم وقعتم على الجرح، فنحن مجتمع يُجيد الضحك على نفسه، لذلك نرى أن كل الزيجات مستمرة، بسبب الأولاد أو مصالح بطريقة أو أخرى”.

وأيّد الأستاذ أمجد مهيوب وجود الكثير من الأزواج المنفصلين فيما بينهم، ومتزوجين أمام الناس، وبمجرد أن يكبر أبناؤهم يبادرون بالانفصال عن رضا وقناعة واتفاق.

الانفصال أفضل:
أمّا من وجهة نظر الأستاذة لولوة الدوسري، فترى أن الانفصال أفضل مع بقاء الاحترام والصورة النقية للطرفين، وأنه أفضل من الاستمرار ويكون الكره، و النفور بينهما، وفيما يخص الأبناء فترى أن مصيرهم أن يكبروا وعدم إحساسهم بالحرمان عائد على الوالدين باحترامهم وتقديرهم لبعضهمن والتعاون لمصلحتهم، فذلك أفضل بكثير من الاستمرار في علاقة غير ناجحة ومليئة بالمشاكل بذريعة الأبناء.

وأشارت أنه يوجد من هذه الحالات الكثير، وغالباً يكون التحمّل من قِبل المرأة لسببين رئيسيين : أولهما حتى لا تفقد أبناءها؛ بسبب أخذ الأب لهم، ويرجع ذلك لجهلها بالأحكام القضائية. أما السبب الثاني فلكون الأم في بعض الحالات لا تستطيع تحمل نفقتهم وحدها، ولا تستطيع تأمين مسكن مناسب لهم، ويكون وضع أهلها لا يسمح بانتقالها عندهم.

الاستمرار جلدٌ للذات:
أما المحامية سفانه دخلان، فقد أيدت ذلك موضحةً أن المجتمع مليءٌ بهم، لكنها أشارت بأنه رغم كثرتهم إلا أنها ضد استمرار الزواج؛ من أجل الأطفال مبررةً ذلك أن للنفس حقا، والزواج أساسه السكن والسكينة والمودة والرحمة ونتاجه الأطفال. حيث إن استمرار الزواج من أجل الأطفال فقط، يعتبر جلداً للذات وإجحافاً بحقها، مما سينعكس سلبا على الجو العائلي، ويجعله كئيبا، ومتوترا، وهذه ليست بيئة صحية، لا على الأطفال ولا على الزوجين. وأشارت إلى أن هناك متزوجات يستمررن في الزواج بحجة الأطفال فقط، إلا أن الأسباب الحقيقية هي النفقة والأطفال. في هذه الحالة أعتقد أن الاستمرار مسوغاته مقبولة؛ لأنها حصلت من هذه العلاقة قيمة ذاتية.

الجيل الحالي مختلف:
وأكدت إيمان سعيد وجود زيجات مستمرة؛ خوفاً على الاطفال رغم الجفاف العاطفي بين الزوجين، فنجد أحد الأبوين أو كلاهما يضحي من أجلهم، أما الجيل الحالي فوصفت بأنه من النادر جداً أن يتحمل الزوجان بعضهما من أجل الأبناء.

وتؤيد سوزان شهاب الانفصال بين الزوجين في حال عدم الوفاق بينهما، ولا تؤيد بقاءهم من أجل الأبناء؛ حتى لا تستمر المشاحنات والمشادات، ويتعرض الأبناء لأزمات نفسية.

استمرار بالتراضي:
أما الأستاذة ميثاء آل مساعد فترى أن الأمر لم يصل إلى هذا الحد قائلة :” صحيح أن هناك انفصالٌا عاطفيا، لكن بسبب الأطفال تستمر الحياة بالتراضي، والكثير من الأزواج يتجه إلى منحىً آخر، وهو الزواج بأخرى”.

ورفض الأستاذ محمد السليماني وجود أزواج كثيرين يعيشون مع بعضهم من أجل أبنائهم، وسبب ذلك كونه يرى أن الكثيرين تحرروا من قيود وضغط المجتمع، والذين يعيشون من أجل أبنائهم يعتبرهم قلة؛ خصوصاً إذا تجاوز الأبناء سن الحضانة.

الرأي النفسي:
وبعد الاستماع لآراء القراء، اتضح لنا مدى الاختلاف في وجهات النظر، التي كانت ما بين مؤيدٍ لاستمرار الزواج من أجل الأبناء والعكس؛ لذا توجهنا إلى الأخصائي النفسي متعب المرشدي لمعرفة البعد النفسي لهذه الحالات، وهل يوجد الكثير منهم يترددون على العيادات النفسية؟، والنقاش حول الأسباب والنتائج المترتبة من بقاء الوالدين أو انفصالهم.

فأشار إلى أنه بحسب الحالات التي تصلهم والاستشارات التي تردهم، وأيضاً بناء على القضايا في المحاكم، فإنه عند الحديث عن الأسباب فهي تختلف من شخص إلى آخر، لكن بنسبة كبيرة النساء فوق عمر ٣٥ ،لا تستطيع الكثيرات منهن أن يتخلين عن أبنائهن ويرحلن، لأن أبناءهن قد يكونون في مرحلةٍ عمرية حرجة، وأيضا فرص الزواج بعد ذلك تقل تجاهها. وعندما يحصل انفصال عاطفي، المقصود به انعدام المشاعر والمودة، بمعنى وجود الاحترام فقط من أجل الابناء، فإن مهام الوالدين تتمحور حول أن الأم تربي والأب يصرف فقط لا غير. والأب كثيراً ما يختلف وضعه، منهم من يتزوج بأخرى، أو يعيش خارج المنزل، ويلتقي بعائلته على وجبة واحدة، أو ينام في غرفة مستقلة.

وهناك بيوت كثيرة تعاني من الانفصال العاطفي، وعن النتائج المترتبة، فإنها تتشكل وتنعكس على الأطفال بأن يصبح لديهم احتياج عاطفي، والغالبية يبدأ في البحث عن العاطفة في الخارج ويصبح فريسة سهلة للآخرين لكلا الجنسين؛ كون الوالدان يفتقدان إلى هذا العطاء، وأيضاً فإن تضارب آراء الوالدين ينتج عنه مشاكل نفسية لديهم، وتعبهما أيضاً، يسبب عدم ارتياح أبنائهم.

وعند الحديث عن الحلول، فإنها تتمثل بتقديم تنازلات من قبل الوالدين، وتقبل كلا الطرفين للآخر من أجل الأبناء. وأشار إلى أن الكثيرين يسعون إلى الحياة المثالية، وهذا أمر خاطئ ويفسد البيوت والحياة، ويجب تقبل الوضع الذي قسمه الله لهم، واحترام كل طرف للآخر؛ لأن الاحترام سيد الأخلاق، ويساهم في استمرار الحياة بكل هدوء.

ولا ينسى الأستاذ متعب قصة السيدة الخمسينية، التي لديها أبناء وبنات كبار؛ ما بين مهندسين ومعلمين، تطلب الانفصال بسبب معاناتها من الانفصال العاطفي من زوجها.

الرأي القانوني:
المحامية نورة السلامة، أوضحت بدايةً أنه يوجد الكثير من هذه الحالات بدول العالم، حيث تجد نساء كُثر على مستوى العالم يتجاوزن أمر الانفصال العاطفي، إلى التعدي والضرب والاعتداء، وترضخ المرأة وتسعى لاستمرار العلاقة الزوجية؛ إمّا للمحافظة على كيان الأسرة لعدم قدرتها على تحمل مسؤولية تربية الأطفال، أو خوفها من الابتعاد عنهم.

وعن الاجراءات النظامية التي يتبعها الزوجان في حال رغبا بالانفصال في مثل هذه الحالات السابقة، أوضحت أنها تختلف حسب المتقدم بالطلب، فإذا كان *الزوج* فتكون إجراءات إثبات واقعة طلاق، ويصدر الصك خلال ساعة عمل. أما إذا كانت *الزوجة* هي من ترغب بالانفصال، فالأمر يأخذ إجراءات أطول، حيث تختار بالتقدم بطلب : الخلع، أو فسخ النكاح .

وعن دورهم كمحاميين عندما تصل لهم مثل هذه القضايا، أوضحت نورة أنه في البداية يجب معرفة أن المحامي ليس بأخصائي اجتماعي؛ لذلك عادة ما ننصح العملاء قبل اللجوء إلى القضاء، التواصل مع مراكز الإصلاح الأسري ونزودهم بأقرب فرع يمكنهم التواصل معه. أما اذا كانت القضية وصلت إلى القضاء، فإن القضاء له نهجه في السعي نحو الإصلاح والسعي للمحافظة على لمّ شمل الأسر.

فقبل الفصل في أي قضية فسخ نكاح، يحيلها القاضي إلى لجنة الإصلاح، وإذا فشلت مساعي الصلح بين الزوجين فيتم تعيين حكميين ينظران بحال الزوجين، وبعد الجلوس معهما وسماع دعواهما، يرفعان للقاضي ما يرونه سواء *الجمع* إذا رأيا بوادر الصلح وإمكانية استمرار حسن العشرة بينهما أو *التفريق* اذا استحكم الخلاف بين الزوجين ولم توجد بوادر للصلح. وقد يريان الفرقة بدون عوض أو بعوض (برد المهر أو جزء منه)، بعدها القاضي يفصل في القضية حسب مايراه، وماقدم له من أدلة وبينات وسماعه لأقوال الزوجين، و اطلاعه على قرار قسم الإصلاح بالمحكمة.

مفاهيم خاطئة:
ونوهت المحامية نورة عن أبرز المفاهيم الخاطئة، منها أن هناك بعض النساء يعتقدن أن لهن حق البقاء في منزل الزوجية بعد الطلاق، أو أن الزوج ملزم بالنفقة عليها بعد طلاقه لها، وهذا تصور خاطئ. النفقة وتوفير المسكن يكون للأبناء، ويكون لها الحق في البقاء معهم، إذا كانوا في سن الحضانة وكانت هي الحاضنة لهم. أما إذا كان جميع الأبناء بالغين، فلا يلزم الرجل بتوفير مسكن لطليقته أو الإنفاق عليها. وأيضا من المفاهيم الخاطئة هو اعتقاد أن المرأة إذا أنجبت الاطفال فإنها غير ملزمة برد المهر في حال طلبها الطلاق، وذلك غير صحيح إذا كان طلب الانفصال من المرأة والزوج يرفض الطلاق، فيكون للمرأة الخلع برد المهر أو جزء منه، أو إقامة دعوى فسخ نكاح، مستندة إلى سبب موجب لفسخ النكاح.

الزوجات أكثر تعنتاً ورغبةً في الطلاق
من جانبه، أوضح المستشار عبدالرزاق العنزي، من فريق عمل مراكز الإصلاح الأسري في مدينة الرياض، أنه يصل إليهم الكثير من هذه الحالات، مبيناً استغرابه كيف تكون الرغبة ملحّة في الانفصال وانتفاء الود فيما بينهم بعد انقضاء أعوامٍ طوال ووجود الأبناء.

وعن مجمل الأسباب التي استنتجها من خلال الحالات التي تأتيهم بالمركز ، أشار إلى أن السبب الرئيسي هو انتفاء الود فيما بين الزوجين، وتتمثل البقية في وجود تراكمات سابقة تنفجر بعد مرور السنين في ظل وجود الوعي عند أغلبية النساء؛ كونها تستطيع أخذ حقوقها بعد الانفصال، وأيضاً دعم من حول الزوجة لها بالتخلص من هذا الزوج، الذي بحد زعمهم، صبرت عليه منذ سنين، وأيضاً من الأسباب الرئيسية استقلال المرأة المادي؛ سواء عن طريق وظيفتها أو ورث حصلت عليه، وأيضاً تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الكثير من النساء، لتصبح متطلباتها أكبر.

وصرّح العنزي أن الطرف الأكثر تعنّتاً ورغبةً في الحصول على الانفصال هن الزوجات، موضحاً أنه عند الوقوف عند أسباب البعض منهن تكون تافهة وسطحية وغير منطقية. أما بعض الأزواج فيكون بوعيه رافضاً وليس لديه الرغبة في الانفصال؛ خصوصاً بعد انقضاء سنين طوال، فيما بين الطرفين ووجود أبناء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *