أرشيف صحيفة البلاد

لا للانحلال .. لا للتشدد .. وألف لا للتدخل بالشأن الداخلي

جدة – البلاد

ترتكب بعض الحكومات حماقة عندما تقحم نفسها في شأن محلي يخص دولة ذات سيادة محمية بالقانون والنظام الدولي الذي لا يجيز مثل هذه التصرفات الممقوتة خاصة إذا صدرت تلك المواقف والتدخلات من دولة لم تتثبت من الحقائق بما يؤكد وجود أجندات خفية ذات خلفيات واضحة.

المملكة العربية السعودية حرصت ولازالت على عدم التدخل في الشأن المحلي للدول وقدمت نموذجاً يحتذى في هذا الشأن على امتداد سياستها المعتدلة وعلاقاتها المتشعبة فكانت ولا تزال محل التقدير والاحترام.

ويأتي الخطأ الطائش لوزيرة الخارجية الكندية التي بنت على معلومات مغلوطة لتتحدث عن حقوق الإنسان في وطن انتهج الاعتدال ويرفض الانحلال مثلما يرفض التشدد بل ذهبت إلى أبعد من ذلك في وصايتها على مجتمع يدين بالإسلام ويطبق مبادئه الحنيفة ويمقت التفكك والفتنة ويصد المؤامرات الداعية للفوضى الخلاقة بعد أن اكتوت المجتمعات العربية بشرار نيرانها من خلال ما سمي زوراً وبهتاناً بالربيع العربي.

لا يمكن قبول التدخلات السافرة في الشأن المحلي ولهذا كان موقف المملكة العربية السعودية حازماً وصارماً وثابتاً مؤكداً أهمية احترام المبادئ وللمملكة مواقف مماثلة بغض النظر عن حجم المتدخل في الشأن المحلي.

إن الوسطية والاعتدال مبدأ ثابت يمثل المعادلة الأساسية في نهج المملكة القائم على الشريعة السمحاء ، وذلك منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز- رحمه الله – تحت راية التوحيد، وسار على هذا النهج أبناؤه البررة ، ويتجلى التطبيق الحي للاعتدال في قيم وسياسة الحوار في الداخل وفي نفس الوقت التفاعل مع الثقافات المختلفة، بل دعوتها العالم بأسره إلى التعايش الحضاري الواعي، ونبذ كل أسباب الفرقة والتعصب ومظاهر الظلم ، والبعد عن التطرف والغلو، فلا إفراط ولا تفريط.

استقلالية وعدالة القضاء
تأتي استقلالية القضاء وموثوقية نزاهته باعتباره ركيزة اساسية من ركائز بناء المملكة ، فنزاهة الأحكام القضائية تخضع للمراجعة والتمييز، من أجل الوصول إلى إرساء الأحكام العادلة التي يطمئن أفراد المجتمع كافةً إليها، من خلال القضاء العادل أيا كانت القضايا.

ولعل المتابع تاريخيا لقرار الإفراج والحكم الشرعي الصادر قبل سنوات بحق معتقلين سعوديين عائدين من غوانتانامو والبالغ عددهم ثمانية وعشرين مواطناً وآخر سعودي المولد، بعد أن اكتسب الحكم الصادر ضدهم الصفة القطعية ،

ومن ذلك تطبيق مواد النظام ومنها المادتان رقم (217/216) من نظام الإجراءات الجزائية حيث تنص المادة 216على (يفرج في الحال عن المتهم الموقوف إذا كان الحكم صادراً بعدم الإدانة أو بعقوبة لايقتضي تنفيذها السجن أو إذا كان المتهم قد قضى مدة العقوبة المحكوم بها في أثناء توقيفه)، والمادة 217التي تنص على (إذا كان المحكوم عليه بعقوبة السجن قد أمضى مدة موقوفاً بسبب القضية التي صدر الحكم فيها وجب احتساب مدة التوقيف من مدة السجن المحكوم بها عند تنفيذها ولكل من أصابه ضرر نتيجة اتهامه كيداً أو نتيجة إطالة مدة سجنه أو توقيفه أكثر من المدة المقررة الحق في طلب التعويض)،

والتي بموجبهما تم الإفراج عن احد عشر مواطناً بالأمر القضائي الصادر بتاربخ 1427/11/28ه لاستنفاذهم ما حكم عليهم خلال مرحلة التحقيق ، وهو منا يؤكد نزاهة وعدالة القضاء السعودي، حيث راعت المحكمة والسلطات التنفيذية ظروف اعتقالهم ومدة حبسهم، وقدرت أن مدة الحبس التي قضوها كافية، لذا جاء هذا الحكم وقرار الإفراج بصيغته المنوه عنها متناسباً مع الحدث.

أقنعة الفتنة
يرى خبراء استراتيجيون أن ما وصلت إليه الحروب البشرية اليوم، وتحديدا مايسمى حروب الجيل الخامس، تعتمد في سمومها على خلق تناقضات ما بين الدولة والمجتمع، باستغلال كافة الوسائل، في محاولات خبيثة لإحداث فتن مستهدفة التشكيك بالكذب والخداع والترويج لإدعاءات كاذبة ثم تبيح قوى وجهات مفرضة لنفسها التدخل في شؤون الدول الداخلية سعيا للنيل من تماسكها الوطني ، وهو ماينطبق على التصريحات الكندية المسمومة التي تصدت لها المملكة رسميا وعلى كافة المستويات والصعدة بكل حزم وسرعة من خلال بيان وزاة الخارجية والإجراءات الفورية القوية التي اتخذتها المملكة تجاه كندا.

هنا في المملكة ومعنا شعوب العالم نتذكر جيدا المخطط لتآمري القطري المدعوم منذ سنوات من نظام الملالي وقوى شريرة ضد العديد من دول المنطقة ، حتى أحدثوا فيها فوضى ودمار. ومضت المؤامرة القطرية فى تنفيذ خطوات ميدانية، عكسها التآمر الإلكترونى من أجل إشعال الفوضى، رافقها مخطط تحريضى من جانب قناة الجزيرة.

المملكة غير
المملكة أكدت وتؤكد دائما وفي كل حدث ومستجد ، أن سيادتها واستقلالها وحمايتها لوحدتها الوطنية خط أحمر لايمكن القبول بأي مساس به أو التعرض له ، فلطالما ظلت الوحدة الوطنية واقعا راسخاً في الانتماء الوطني ، ودائما يظل التلاحم بين الشعب والقيادة الحكيمة سمةً بارزةً ن بل إن الوحدة الوطنية تعد المحور الأساس للانصار في المواطنة دون تفريق ولا تمييز، وهو ما أكدت عليه رفعة التشريعات السعودية الوطنية فالمواطنون جميعهم سعوديون في بوتقة الوحدة الوطنية بكل مكونات المجتمع.

من هنا يؤكد الشعب السعودي عمليا رسوخ وعيه في كشف أية دعوات مشبوهة من أي دولة أو جهة أو أشخاص لزعزعة أمن الوطن، ولطالما وقف بصلابة في وجه الفتنة ورفض كل أشكال الفوضى، مما يجسد قوة التلاحم بين القيادة والشعب، مستشهدين بفشل الحملات الإعلامية المحرضة التي تستهدف المملكة وهي قلب الأمة ورمانة ميزان المنطقة واستقرار العالم على الفرقة والتشكيك والشائعات الكاذبة.

هكذا تنطلق المملكة بكل يقين وثقة في نهجها وسياستها وتشريعاتها وعدالة ونزاهة قضائها واستقلاله المدعوم من القيادة الرشيدة وتأصيل حقوق الإنسان لكافة مواطنيها وللمقيمين على أرضها ، والضمانات الراسخة للعدالة سواء في الإجراءات التنفيذية وفي كافة مراحل التقاضي بما يكفل العدالة التامة والناجزة في صدور الأحكام. وقد أثبت المواطن السعودي أنه على مستوى المسؤولية بوعي وانتماء وطني ناصع وراسخ ، ولا يتأثر بالموتورين وأبواق الفتنة من أي جهة ، وتمحوره حول الوطن صفا واحد لبناء وطنهم والمشاركة الحقيقية في بنائه والذود عنه والحفاظ على مكتسباته العظيمة، والتطلعات الطموحة للمستقبل التي يترجمها ولاة الأمر – حفظهم الله – لتأخذ المملكة مكانتها المستحقة بين الأمم المتقدمة ، وتظل بلادنا بإذن الله حصناً منيعاً ضد الحاقدين والحاسدين ، ويكفي أن المجتمع السعودي يعيش أمناً وأماناً واطمئناناً وعدلاً ورخاءً لا مثيل له ويقل نظيره في المنطقة والعالم، و يعد من النعم التي لا تخلو من حساد، ولاينكرها إلا جاهل وحاقد.

من هنا جاء الموقف القوي من المملكة تجاه نزق تصريحات كندية في الاتجاه الخاطئ ، وبدأ مسؤولها يدركون فداحة الفاتورة سياسيا واقتصاديا ، وهي رسالة وصلت لقادتها ولكل دولة ، بل لكل جهة تظن أن بمقدورها العبث مع المملكة والمساس بثوابتها وسيادتها.