أرشيف صحيفة البلاد

لا صوت يعلو على صوت المملكة .. الملك سلمان صاحب الأيادي البيضاء في دعم الأشقاء

 جدة – البلاد

على مدى تاريخ القضية الفلسطينية لم تفتر مواقف المملكة لحظة واحدة ، ولم تتأخر يوما عن دورها الرائد في دعم ومؤازرة ومساندة الشعب الفلسطيني وحقوقه العادلة . بل تلازمت هذه المواقف المضيئة مع كافة مراحل الصراع العربي الاسرائيلي ، تتوجها مشاركة المملكة في حروب تحرير فلسطين وامتزاج الدماء السعودية بدماء الأشقاء الفلسطينيين . وعلى الصعيد الاقتصادي كان ولايزال الدعم السعودي حجر الزاوية في تعزيز صمود الشعب الفلسطيني حتى ينال حقوقه المشروعة في اقامة دولته المستقلة على ارضه وعاصمته القدس الشرقية ، ودعمت المملكة خيارات الفلسطينيين تجاه جهود احلال السلام دون أن تهرول كغيرها الى التطبيع مع الاحتلال ، بل التأكيد على تطبيق قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام ، وفي هذا جلس الفلسطينيون مع الاسرائيليين على طاولات مفاوضات مشتركة ، فيما ظل الموقف السعودي رافضا للجلوس مع الاحتلال متمسكا بالحقوق الفلسطينية.

بدءاً من ريال فلسطين وانتهاءً بالمليارات التي تعد ترياق الحياة لثبات الموقف الفلسطيني على حقوقه المشروعة في وجه مخططات الاحتلال الغاصب.
تاريخيا يمكن بلورة مواقف المملكة الداعمة للقضية الفلسطينية في أكثر من محطة طبقا للسياق الزمني والتاريخي لتطورات القضية. وقد بدأ موقف المملكة من قضية فلسطين منذ عهد الملك عبد العزيز- طيب الله ثراه- حيث بدأت من مؤتمر لندن عام 1935م المعروف بمؤتمر المائدة المستديرة لمناقشة القضية الفلسطينية، وقامت المملكة بدعم ومساندة القضية الفلسطينية على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

•مشروع الملك فهد للسلام
في مؤتمر القمة العربي الذي عقد في مدينة فاس المغربية عام 1982 ، أعلن مشروع الملك فهد بن عبد العزيز للسلام، ووافقت عليه الدول العربية وأصبح أساساً للمشروع العربي للسلام كما كانت هذه البادرة أساسا لمؤتمر السلام في مدريد عام 1991م. ويتكون المشروع من المبادئ التالية:

– انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة عام 1967م بما فيها مدينة |القدس.
– إزالة المستعمرات التي أقامتها إسرائيل في الأراضي العربية بعد عام 1967م.
– ضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان في الأماكن المقدسة.

– تأكيد حق الشعب الفلسطيني في العودة وتعويض من لا يرغب في العودة.
– تخضع الضفة الغربية وقطاع غزة لفترة انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة ولمدة لا تزيد عن بضعة أشهر.

– قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. تأكيد حق دول المنطقة في العيش بسلام.
تقوم الأمم المتحدة أو بعض الدول الأعضاء فيها بضمان تنفيذ تلك المبادئ.

* مبادرة الملك عبدالله
أيضا المبادرة الشجاعة التي طرحها الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة بيروت مارس 2002م، وتبنتها الدول العربية كمشروع عربي موحد لحل النزاع العربي الفلسطيني والتي توفر الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة وتؤمن حلاً دائماً وعادلاً وشاملاً للصراع العربي الإسرائيلي.

لقد اتسمت المبادرة بالشمولية والوضوح ، واستهدف طرحها إنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود 1967 وعودة اللاجئين وانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، وقد نالت هذه المبادرة تأييدًا عربيًا. أما النص الحرفي لمبادرة السلام العربية: «مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة المنعقد في دورته الرابعة عشرة، إذ يؤكد ما أقره مؤتمر القمة العربي غير العادي في القاهرة في حزيران يونيو 1996 من أن السلام العادل والشامل خيار استراتيجي للدول العربية يتحقق في ظل الشرعية الدولية، ويستوجب التزاما مقابلا تؤكده إسرائيل في هذا الصدد. وقد دعا الملك عبد الله بن عبد العزيز(ولي العهد آنذاك) في كلمته إلى انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ 1967، تنفيذا لقراري مجلس الأمن (242 و338) والذين عززتهما قرارات مؤتمر مدريد عام 1991 ومبدأ الأرض مقابل السلام، وإلى قبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية.

تتلخص المبادرة فيما يلي:
– الانسحاب من الأراضي المحتلة حتى حدود 4 يونيو 1967.
– القبول بقيام دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وغزة وعاصمتها القدس.

حل قضية اللاجئين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
وأشارت المبادرة إلى أن قبول إسرائيل بالمطالب العربية يعني قيام علاقات طبيعية بينها وبين الدول العربية.

* اتفاق المصالحة الفلسطينية
بالتوازي مع دعم المملكة لصمود الشعب الفلسطينيي ومبادراتها لتحقيق الحل العادل ، فقد حرصت أيضا على وحدة الصف الفلسطيني وانهاء مخاطر الانقسام ، وفي اطار هذه الجهود كان اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس والذي تم توقيعه في مكة المكرمة في 8 فبراير 2007 م ،

حيث نجحت الجهود السعودية في لم شمل الفرقاء الفلسطينيين بعد أن توصل وفدا فتح وحماس في مكة المكرمة إلى اتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية. نَصًّ الاتفاق على التأكيد على حرمة الدم الفلسطيني واتخاذ كافة الإجراءات والترتيبات التي تحول دون ذلك. مع التأكيد على أهمية الوحدة الوطنية كأساس للصمود الوطني والتصدي للاحتلال. وتحقيق الأهداف الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني. واعتماد لغة الحوار كأساس وحيد لحل الخلافات السياسية في الساحة الفلسطينية. الاتفاق وبصورة نهائية على تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية وفق اتفاق تفصيلي معتمد بين الطرفين والشروع العاجل في اتخاذ الإجراءات الدستورية لتكريسها. المضي قدمًا في إجراءات تطوير وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، وتسريع عمل اللجنة التحضيرية استنادا لتفاهمات القاهرة ودمشق. تأكيد مبدأ الشراكة السياسية على أساس القوانين المعمول بها في السلطة الوطنية الفلسطينية وعلى قاعدة التعددية السياسية وفق اتفاق معتمد بين الطرفين.

* الدعم المالي للصمود
لم تتوقف المملكة يوما عن تقديم الدعم المادي والمعنوي للسلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني منذ بدأت القضية الفلسطينية. قدمت المملكة تبرعاً سخياً في مؤتمر القمة العربية في الخرطوم عام 1967م، كما التزمت المملكة فـي قمة بغداد عام 1978م بتقديم دعـم مالي سنوي للفلسطينيين قدرة مليار وسبعة وتسعين مليوناً وثلاثمائة ألف دولا ، وذلك لمدة عشر سنوات (من عام 1979موحتى عام 1989م). في قمة الجزائر الطارئة عام 1987م قررت المملكة تخصيص دعم شهري للانتفاضة الفلسطينية مقداره 6 مليون دولار كما قدمت المملكة في الانتفاضة الأولى عام 1987م تبرعاً نقدياً لصندوق الانتفاضة الفلسطيني بمبلغ مليون وأربعمائة وثلاثة وثلاثون ألف دولار، وقدمت مبلغ مليوني دولار للصليب الأحمر الدولي لشراء أدوية ومعدات طبية وأغذية للفلسطينيين.

ايضا تعهدت المملكة بتمويل برنامج إنمائي عن طريق الصندوق السعودي للتنمية بلغ حجمـه ثلاثمئة مليون دولار يهتم بقطاعات الصحة والتعليم والإسكان تم الإعلان عنه في مؤتمرات الدول المانحة خلال الأعوام 94 – 95 – 97 – 1999م. بالإضافة إلى الإعفاءات الجمركية للسلع والمنتجات الفلسطينية. وقد أوفت المملكة بكامل مساهماتها المقررة حسب قمة بيروت مارس 2002م لدعم ميزانية السلطة الفلسطينية، وما أكدت علية قمـة شرم الشيخ مارس 2003م بتجديد الالتزام العربي بهذا الدعم، حيث قامت بتحويل كامل الالتزام وقدرة 184,8 مليون دولار للفترة من 2002م ـ 2004م. كما أوفت بكامل التزاماتها المقررة حسب قمة تونس مايو 2004م الخاصة باستمرار وصول الدعم المالي لموازنة السلطة الفلسطينية لستة أشهر تبدأ من أبريل حتى نهاية سبتمبر 2004م، حيث قامت بتحويل كامل المبلغ وقدرة 46،2 مليون دولار.

بادرت المملكة في مؤتمر القمة العربي في القاهرة 2000م باقتراح إنشاء صندوقين باسم صندوق “لأقصى وصندوق انتفاضة القدس برأسمال قدره مليار دولار وتبرعت بمبلـغ 200 مليون دولار لصندوق الأقصى الذي يبلغ رأسماله 800 مليون دولار، وتبرعت بمبلغ 50 مليون دولار لصندوق انتفاضة القدس الذي يبلغ رأسماله 200 مليون دولار. كما اهتمت حكومة المملكة بمشكلة اللاجئين الفلسطينيين ، حيث قدمت المساعدات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين مباشرة أو عن طريق الوكالات والمنظمات الدولية التي تعني بشئون اللاجئين مثل الأنرو ،

ومنظمة اليونسكو، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي والبنك الدولي، والبنك الإسلامي، كما تلتزم المملكة منتظمة في دفع حصتها المقررة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئـين الفلسطيني الأنروا المتمثلـة في مساهماتها السنوية البالغة مليون ومائتين ألف دولار لميزانية الوكالة، وقدمت لها تبرعات استثنائية بملايين الدولارات لتغطية العجز في ميزانيتها وتنفيذ برامجـها الخاصة بالفلسطينيين.

*ريال فلسطين
المواقف العروبية الخالدة التي سطرتها المملكة بقيادتها الحكيمة تجاه الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ، لم تقتصر على الجهود والمبادرات الرسمية، بل امتدت في العمق الاجتماعي لتبقي عبر المشاركات الشعبية لتبقى القضية حية ومتجددة في ضمير ووجدان الشعب السعودي ، وفي ذلك لن ينسى طلاب المدارس في المملكة العربية السعودية اضاءات مشرقة منذ تأسيس المدارس الحكومية في الخمسينات الميلادية من القرن الميلادي الماضي ، وذلك بالتزامهم بدفع ريال فلسطين في جميع مراحل دراستهم يعود مجموعها لصالح الشعب الفلسطيني بما يدعم قدرته على مواجهة الاحتلال وتعزيز قدرته على التمسك بأرضه . فكان تحصيل الريال باسم فلسطين يتم على جميع الطلاب، ومن المفارقات الجميلة في ذلك أن العديد من الاباء مازالوا يحتفظون بقسائم دفع الريال من اجل فلسطينة ، وقسائم الطلاب المتبرعين من مصروفهم اليومي رغم أن الريال في ذلك الزمن القديم كان يساوي المئات في زماننا الحالي.