جدة ــ وكالات
مع بدء سريان قرار المملكة بتعليق رحلات الطيران بين أوتاوا والرياض اعتبارا من امس “الاثنين” أكد سياسيون كنديون أن الأزمة الدبلوماسية التي أثارتها كندا مع المملكة أظهرت مدى عزلة كندا وابتعاد حلفائها عنها.
وقالت مديرة السياسات في حكومة رئيس الوزراء السابق ستيفن هاربر رايتشل كارن، في تغريدة على حسابها بتويتر: “ليس لدينا صديق واحد في العالم أجمع.. وهذا أمر ليس من فراغ”، في إشارة إلى سياسات رئيس الوزراء الحالي جاستن ترودو.
وجاءت تصريحات كارن تعقيبًا على الرد الأمريكي المحايد بشأن الخلاف الكندي السعودي، بينما حافظ الاتحاد الأوروبي على صمته بشأن المسألة.
وقال الزعيم السابق للحزب الليبرالي الكندي بوب راي: “البريطانيون والترامبيون (الأمريكيون) قد هربوا بحثًا عن غطاء وقالوا إنهم أصدقاء مع الطرفين وفق ما نقل موقع “ذا جارديان”.
من جانبه، اعتبر البروفيسور توماس جانوا أن هذه الأزمة “أثارت القلق” بشأن وضع كندا العالمي، قائلًا: “يجدر بهذا الأمر أن يشكل مصدر قلق حقيقي.. عندما تحل كارثة حقيقية ونحن وحيدون، ماذا نفعل؟”.
أما وزير الخارجية الكندي السابق جون بيرد، فطالب خلال لقاء مع سكاي نيوز عربية، الحكومة الكندية بالتحرك بسرعة لتحسين العلاقات مع السعودية، مؤكدًا أنه ينبغي على كبار المسؤولين في كندا، زيارة الرياض لتحسين العلاقات.
فيما وصفت صحف فرنسية كندا بـ”الدولة المعزولة” بعد أزمة دبلوماسية لا يعلم أحد متى تنتهي
وألقت الصحف الفرنسية باللوم على الحكومة الكندية بعد تجاوزها بالتعليق على شأن داخلي سعودي، ما دفع الرياض لاستدعاء سفيرها واعتبار سفير كندا شخصا غير مرغوب فيه وتعليق علاقتها التجارية معها.
وقالت صحيفة “لوفيجارو” الفرنسية إن “رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو خرج عن صمته في محاولة للتهدئة، قبل يومين قائلاً: “لا نريد أن تكون لنا علاقات سيئة مع السعودية، وهي بلد لا تزال لها أهمية في العالم”، إلا أن تلك التصريحات لم تسهم في حل الأزمة.
وأشارت الصحيفة إلى أن وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند، حاولت الاستعانة بحلفائها الأوروبيين (ألمانيا، والسويد) والتماس الدعم السياسي والتدخل في التهدئة لحل الأزمة، قبل أن تكتشف أن الموقف الأوروبي بدا أكثر تحفظاً.
ولفتت الصحيفة إلى واقعة بكاء فريلاند أمام مجموعة من الصحفيين حين تعثرت مفاوضات “سيتا” للشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي عام 2016، معتبرة أن الأزمة مع المملكة “سوف تكبد كندا خسائر وستتطلب أمراً أكثر من مجرد الدموع”
وفيما يتعلق بالتجارة بين الرياض وأوتاوا، أوضح وزير المالية الكندي بيل مورنو، أن حجم التبادل التجاري المشترك بلغ قرابة 4 مليارات دولار، مشددا على أن “هذا الوضع في العلاقات لابد من تجاوزه”.
وفيما يتعلق بصناعة السلاح الكندية لفتت الصحيفة إلى أن “الصناع قلقون، بشأن عقد مبرم مع المملكة بقيمة 15 مليار دولار لشراء سيارات، والذي من الممكن أن يتوقف جراء تلك الأزمة، مثلما ألغي عقد شركة “إس ان سي لافلين” الهندسية.
وأشارت الصحيفة إلى أن تغريدة من قبل الحكومة الكندية كبدت أوتاوا خسائر طائلة، ستؤدي إلى نزيف حتمي لاقتصادها.
من جانبها، عنونت صحيفة “لوموند” الفرنسية، قائلة إن كندا معزولة في أزمتها الدبلوماسية مع المملكة ، مشيرة إلى أن أوتاوا تواجه عقوبات اقتصادية فرضتها الرياض، بعد انتهاكها لسيادة المملكة.
وأضافت الصحيفة أنه “بتعليق رحلات خطوط الطيران السعودية بين كندا والمملكة، دخلت الأزمة إلى مستوى جديد، ولا يعلم أحداً متى ستنتهي في ظل عزوف الحلفاء الأوروبيين عن التدخل لرأب الصدع”.
الى ذلك حذرت صحيفة “تورنتو صن” الكندية، من أزمة جديدة تلوح في الأفق، تتعلق بمفاوضات اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية “نافتا” (NAFTA)، والتي تضم الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وقالت الصحيفة الكندية في افتتاحيتها، إنه عندما يعود رئيس الوزراء الكندي “جاستن ترودو”، وفريقه الحكومي إلى طاولة المفاوضات لـ”نافتا”، يجب عليهم التحلي بـ”التواضع”، عقب أزمتهم الأخيرة مع المملكة، على خلفية إجراءات حازمة من الرياض، ضد محاولات من “أوتاوا” للتدخل في شؤون المملكة.
وأجرت الدول الثلاث، المكسيك وكندا وأمريكا، خمس جولات من التفاوض حتى الآن، حول إبقاء الاتفاقية أم إلغائها، وفيما تدفع المكسيك وكندا ببقاء الاتفاقية، تسعى إدارة ترامب لإلغائها وتصفها بالكارثة على الاقتصاد الأمريكي، وأنها أسوأ صفقة أبرمت في تاريخ الولايات المتحدة.
وأضافت أن الولايات المتحدة الأمريكية، انخرطت -خلال الأسبوع الماضي- في مناقشات ثنائية مع المكسيك حول مجموعة متنوعة من القضايا، ومن المتوقع أن تستمر المحادثات هذا الأسبوع.
وتابعت: “وحسبما أورد موقع Canadian Press على مصدر مطلع، فإن المفاوضين الكنديين لن يعودوا إلى طاولة التفاوض الخاصة بـ”نافتا” في واشنطن، حتى يجد شركاء أوتاوا -الولايات المتحدة والمكسيك- أرضية مشتركة حول القضايا، خاصة النقاط الشائكة.
وذكرت الصحيفة أن هذا يعني أنه سيأتي وقت قريب عندما يجب على كندا أن تجلس مع الولايات المتحدة الأمريكية الأكثر جرأة، للتفاوض على بنود مماثلة.
وأوضحت أن هذا يأتي في أعقاب رد الفعل السعودي القوي على تغريدة وزير الخارجية كريستيان فريلاند، المثيرة للجدل، والتي اعتبرتها الرياض تدخلًا صارخًا في شؤونها الداخلية، وبناء عليها طردت السفير الكندي، وجمدت التجارة وأوقفت البعثات والتبادل الطلابي بين البلدين.. وغيرها.
وتساءلت الصحيفة حول ما إذا كانت وزيرة الخارجية على حق بالمطالبة بالإفراج الفوري عن الناشطين، لا سيَّما في تغريدة تم نشرها باللغة العربية، مضيفة أن السؤال الذي يجب طرحه هنا هو متي وكيف يتم طرح قضايا حقوق الإنسان وحقوق المرأة؟.
وشددت الصحيفة على أن وزيرة الخارجية قدمت خلال الصيف الماضي، طلبات تضعف موقفنا التفاوضي خلال مفاوضات التجارة الحرة “نافتا”، بحيث وضعت مسائل مثل المساواة بين الجنسين، والدفاع عن البيئة في مقدمة القضايا. وقالت: “أيًّا كان رأيك في هذه القضايا، فهي ليست الخبز والزبد في الصفقات التجارية.. ما يهم خلال تلك المفاوضات واضح تمامًا وهو التجارة”.
وكشفت مذكرة خاصة أصدرها رئيس الوزراء الكندي السابق “ستيفن هاربر” في أكتوبر الماضي، إلى موكليه، أنه علم أن واشنطن محبطة وتشعر بالحيرة بشأن السبب الذي يجعل الحكومة الكندية تنحرف في هذا الاتجاه، مخاطرة بالخروج من المحادثات التجارية، وعرقلة شركائها.
وأوضحت الصحيفة، نحن نواجه تعريفات جمركية محبطة، ومن المهم ألا نتلقى ضربة أخرى لاستقرار اقتصادنا، ولابد من ترك الأمور القديمة وراء ظهورنا”.