دولية

كرة الثلج تتدحرج إلى عقر دار ملالي طهران

طهران ــ وكالات

على وقع الازمات المتلاحقة التي تعيشها طهران جراء سياسة الملالي التوسعية، تتواصل حرب التصريحات بين الولايات المتحدة الامريكية والنظام الإيراني، حيث رد وزير خارجية طهران، محمد جواد ظريف، على تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقال له “كن حذرا”.

وإثر تهديدات ترامب للقادة الإيرانيين كتب ظريف “لا شيء يثير الاهتمام! نحن هنا منذ آلاف السنين وشهدنا سقوط إمبراطوريات، بما فيها إمبراطوريتنا (الفارسية) التي استمرت أكثر من بعض البلدان. كن حذرا” على حد قوله.

ويأتي التصاعد الكلامي بين البلدين، في الوقت الذي تتواصل فيه التحركات الأميركية بين عواصم العالم من أجل فرض عقوبات جديدة على طهران، تعد حتى الآن الخيار الأبرز بالنسبة للأميركيين، لبلوغ هدفهم.

وبدأ التهديد والوعيد بين الطرفين، الأحد، بعدما حذرت إيران الرئيس الأميركي، دونال ترامب، من عواقب ما وصفته بـ”اللعب بذيل الأسد”، لكن يبدو أن هذه العواقب لم ترعب الأميركيين.

فلم تغير تهديدات الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بأن “الحرب مع إيران ستكون أم كل الحروب” شيئا من موقف واشنطن، “بينما السلام معها هو السلام الحقيقي”، على حد وصفه.

وكعادتها لوحت طهران بأوراق ضغط لا تملكها أصلا، فأشاد مرشدها علي خامنئي بتصريحات روحاني، التي هدد فيها بإغلاق مضيق هرمز، في حال لم تتمكن إيران من تصدير نفطها عبره.

في المقابل، أوضحت الإدارة الأميركية أنها ماضية في نهج المواجهة إلى النهاية. وسريعا جاء رد ترامب على تهديدات نظيره الإيراني، قائلا: “إياك أن تهددنا مجددا، وإلا فستواجه تداعيات تشبه تلك التي واجهها قليلون قبلك في التاريخ”.

وأضاف: “الولايات المتحدة ما عادت البلد الذي يتهاون مع كلماتك المليئة بالعنف والقتل”.

وبلهجة ليست أقل حدة، حذر وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، من أن واشنطن لا تخشى “استهداف” النظام الإيراني على أعلى مستوى.

وفي نظر بومبيو فإن روحاني ووزير خارجيته مجرد واجهتين براقتين على الصعيد الدولي، لنظام الملالي الذي وصفه بـ”الخداع”.

وتابع “إيران تدار من شيء يشبه المافيا وليس حكومة، وعلى هذه المافيا أن تدفع الثمن”، مشيرا إلى ما وصفه بأنه ثراء فاحش وفساد بين زعماء إيران.

ويبدو أن الحرب الكلامية لن تهدأ، فصعدت إيران من لهجتها، وقال القائد الكبير بالحرس الثوري الإيراني، غلام برور، إن التهديدات التي وجهها ترامب لطهران تصل إلى حد “الحرب النفسية”، وإن إيران ستستمر في مقاومة أعدائها.
فيما اهتمت اغلب الصحف الغربية بالحرب الكلامية التي اندلعت بين واشنطن وطهران.

وتقول صحيفة الغارديان البريطانية في افتتاحيتها إن إدارة ترامب “ماضية بقوة نحو تحجيم إيران، ولا يتعلق الأمر بإخراجها من سوريا واليمن، ولا بإضعاف نفوذها الهائل على العراق ولبنان، بل إن كرة الثلج تتدحرج نحو استهداف النظام الإيراني في عقر داره”.

وتضيف أن طهران “رغم سيطرتها على آلة النفوذ الهائلة في أربعة بلدان عربية، ورغم تهديداتها العالية السقف، فإنها على الأغلب ستتحسب من استخدام أوراقها في سوريا أو لبنان، لأنها بذلك تعطي حجة لضربة أمريكية ـ إسرائيلية كبيرة يمكن أن تتوسع بعد ذلك”.

وتتابع “على الأسد الإيراني، بهذا المعنى، أن يخفي ذيله، وعلى آلته الدعائية أن تتوقف عن تكرار استخدام تعبير أم الحروب، وأن يعيد تجميع حساباته وتقليص اتساع جبهاته، فربما يصل إلى نتيجة أن الحفاظ على رأس الأسد أهم من الحفاظ على الذيل”.

وتحت عنوان “من أم المعارك إلى أم الحروب”، يقول فاروق يوسف في موقع “ميدل إيست أونلاين” إن التهديد بـ”أم الحروب” على لسان روحاني “يذكر بـ”أم المعارك” التي لوح بها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين حين تحدى القرارات الدولية التي نصت على وجوب انهائه لاحتلال الكويت”.

ويضيف “مثلما كانت أم المعارك بمثابة الضربة القاضية التي وجهت إلى النظام العراقي، فإن أم الحروب ستكتب السطر الأخير في حياة النظام الإيراني”.

ويرى يوسف أن تصاعد منسوب التوتر في طهران ظهر جلياً في تصريحات روحاني التي لجأ فيها إلى “تعابير من قاموس صدام حسين”.
ويقول يوسف “واضح أن الشرق الأوسط يتجه نحو شهور صعبة، وأن التوتر ينتقل من الملف السوري إلى الملف الإيراني. وواضح أيضاً أن الخيارات الإيرانية صعبة؛ إما تجرع سم العقوبات مجدداً وانتظار رحيل ترامب، وإما القبول بمفاوضات حول البرنامج النووي والدور الإقليمي معاً”.

ويضيف “الخياران صعبان للمرشد وجنرالات الحرس. أما الذهاب إلى ‘أم المعارك’ فتجربة صدام حسين لا تشجع على ارتكاب رحلة مدمرة من هذا النوع”.

في غضون ذلك يواجه الإيرانيون أزمة حادة أثناء سفرهم خارج البلاد بسبب التداعيات السلبية لسوق النقد الأجنبي، وتجاوز سعر الدولار الأمريكي حاجز 9000 تومان إيراني، حيث ارتفعت أسعار حجوزات بطاقات الطيران بشكل غير مسبوق.

وأشارت صحيفة “همشهري” الإيرانية إلى أن وكالات السياحة والسفر الإيرانية استغلت أزمة سوق النقد الأجنبي لترفع أسعار حجوزات الرحلات الخارجية، الأمر الذي ضاعف نفقات المسافرين الإيرانيين، غير أنها ألمحت إلى قرار البنك المركزي بإيقاف تزويد المسافرين الإيرانيين بمبالغ مالية من العملة الصعبة.

واعتبرت الصحيفة الإيرانية أن هذا القرار أسهم بشكل غير مباشر في تأجيج أزمة غلاء أسعار الحجوزات السياحية، حيث وصلت قيمة الرحلة الأسبوعية إلى صربيا على سبيل المثال إلى نحو 4 ملايين تومان إيراني، بعد أن كانت قيمة الرحلة نفسها تصل إلى النصف قبل شهر واحد.

ويرى “ردايو فردا” الناطق بالفارسية أن المستهلكين الإيرانيين باتت لديهم نظرة تشاؤمية إزاء تقلبات الأسواق داخل البلاد، خاصة أن سعر الصرف الأجنبي يشهد زيادة مطردة يوميا، وسط عجز حكومي في الوقت الذي تتقلص فيه العوائد النفطية.

وزادت مصاعب المسافرين الإيرانيين خلال رحلاتهم إلى خارج البلاد منذ بداية السنة، حيث زادت نسبة الرسوم الحكومية المقررة إلى 3 أضعاف، ويدفع المسافر في الرحلة الأولى نحو 220 ألف تومان، بزيادة 50% حال السفر لمرة ثانية، و100% للمرة الثالثة.

وأسهمت أزمة شح العملة الصعبة في تفاقم هذه المصاعب وسط إغلاق السلطات الحكومية للصرافات، ما حدا بهؤلاء المسافرين للبحث عن الدولار بالسوق السوداء لتدبير مطالبهم لكن دون جدوى أحيانا.

وتفاقمت أزمة شح النقد الأجنبي في السوق الإيرانية بعد قرار حكومة طهران مؤخرا توحيد أسعار الدولار عند 4200 تومان بالسوق الرسمية في مسعى لوقف صعود الدولار.

وعلى صعيد متصل، حذر عالم اجتماع إيراني من احتمالية اندلاع موجة هجرة جديدة خارج البلاد، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها إيران، إلى جانب تزايد حدة التذمر الشعبي من سوء جودة الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه.

واعتبر بهرام صلوتي، أستاذ علم الاجتماع بمعهد الدراسات الديموغرافية التابع لوزارة العلوم الإيرانية، في مقابلة مع وكالة إيلنا الإيرانية، أن البطالة باتت أحد أبرز المعضلات التي تواجه الشباب داخل البلاد، مشيرا إلى وجود رغبة متزايدة لدى الإيرانيين وحتى الجنسيات الأجنبية المقيمة على أراضيها لمغادرتها، قبل أن يؤكد ارتفاع نسبة الشباب العاطلين عن العمل إلى نحو 20%.

فيما اندلعت موجة جديدة من إضراب سائقي الشاحنات في أنحاء متفرقة من إيران، وذلك بسبب تردي الأوضاع المعيشية، وارتفاع أسعار قطع الغيار اللازمة، وسط تجاهل حكومي لأزماتهم.

وأشارت حسابات مناهضة للنظام الإيراني على موقع تليجرام، من بينها “اتحاد العمال الحر”، أن تلك الاحتجاجات اندلعت في عدد من المدن والمحافظات الإيرانية الرئيسية مثل أصفهان، اعتراضا على عدم تنفيذ وعود حكومية سابقة.
وأكد المحتجون أن مطالبهم تتمثل في رفع أجورهم المتدنية في ظل موجات الغلاء التي تضرب الأسواق، وتأمين الوقود اللازم لهم لتسيير شاحناتهم على خلفية أزمة نقص المحروقات التي ضربت البلاد مؤخرا.

وشارك نشطاء إيرانيون، صورا ومقاطع فيديو تظهر تكدس الشاحنات على جانبي طرقات رئيسية في مناطق مختلفة من إيران مثل أصفهان، وتبريز، وبوشهر، وكرمانشاه، وشيراز، وقزوين، وكذلك طهران، والأحواز.

وحاولت وسائل إعلام إيرانية رسمية من بينها وكالتي “إرنا”، و “تسنيم” التعتيم بعد تداول أنباء عن تجدد احتجاجات سائقي الشاحنات، والتي اندلعت قبل شهرين وأدت إلى حالة شلل بكافة أرجاء البلاد.

ونقل التلفزيون الإيراني الرسمي، تصريحات عن أحمد رحمانيان أحد المسؤولين القضائيين بمحافظة فارس، هدد فيها بشن اعتقالات ضد السائقين المحتجين بدعوى تهديدهم للأمن العام.

وهاجم رحمانيان، من وصفهم بـ “أعداء إيران” في الداخل والخارج، متهما إياهم بالوقوف وراء تلك الاحتجاجات الفئوية، والعقوبات الاقتصادية، على حد زعمه.

وتفجرت موجات من الغضب الشعبي على مدار الأشهر الأخيرة في إيران، حيث احتج عمال، ومعملون، وطلاب، ومتقاعدون ضد التدهور الاقتصادي، والمغامرات العسكرية بالخارج.

وتضامنت منظمات حقوقية ونقابية دولية مع مطالب المحتجين الإيرانيين؛ فيما نددت بعنف السلطات الأمنية والقضائية مع المتظاهرين.

وعلى صعيد متصل، تواترت أنباء عن قرب عزل ولي سيف محافظ البنك المركزي الإيراني بسبب الأزمات الاقتصادية المتفاقمة بسوقي النقد الأجنبي، والذهب وغيرهما، وسط تدهور قيمة العملة المحلية أمام الدولار الأمريكي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *