جدة – ليلى باعطية
لا يزال اصطحاب السيدات لأبنائهن في المناسبات والاجتماعات النسائية، موضع جدلٍ ونزاع، قد يصل للخصام وقطع العلاقات بسبب الفوضى العارمة والإزعاج والتخريب التي يخلّفها الأطفال من وجودهم. لتتعدد تبريرات الأمهات تجاه اصطحاب أبنائهن ما بين، لا تستطيع تركهم بالمنزل لعدم وجود من يعتني بهم، وما بين اصطحابهم لكي يمضوا وقتاً ممتعاً ويلعبوا رامين خلف ظهورهم ظروف أهل المنزل وإحساسهم بالانزعاج والضيق، وعدم الاكتراث للتجهيزات والترتيبات المسبقة، التي عكفوا على القيام بها مسبقاً لاستقبال الضيوف، ومتجاهلات أن المناسبة لا تمتّ للأطفال بأي صلة.
استمعت (البلاد) إلى آراء عدد من السيدات لمعرفة وجهة نظرهن حول موضوع اصطحاب الأطفال للمناسبات والاجتماعات النسائية.
المنزل يصبح استراحة
أشارت منال عمر إلى أنها أصبحت تكره عمل عزائم في منزلها، وذلك بسبب الأشخاص الذين يقومون بإحضار أطفالهم معهم، واصفةً أن الوضع يصبح وكأن البيت عبارة عن استراحةً للعب، وذلك يحرمها من متعة الاستمتاع مع ضيوفها وإكرامهم والقيام بالواجب كما يجب لضيقها الشديد بسبب الإزعاج والأوساخ والأضرار التي يخلّفها أطفالهم في منزلها والذي يصاحبه برودٌ من قبل الأمهات وتجاهلٌ لما يفعلوه، مشيرةً أنها رغم ذلك هي من السيدات اللواتي لا تصطحب أبنائها معها في أي مناسبة ليس لها صلةٌ بالأطفال سوى الزيارات العائلية مع الحرص على عدم ترك أبنائها يعبثون في المنزل وتنشئتهم على اللعب والاستمتاع بأدب واحترام بدون ضرر.
أخطارٌ وأضرارٌ وقذارة
وكانت فاطمة محمد شديدة الانفعال تجاه هذا الموضوع، فقالت : هناك امرأة من قريباتنا نكره تواجدها بسبب كمية القذارة والأضرار الكبيرة التي يخلفها ابناؤها؛ سواء من رمي الأكل على الأرض والمفروشات واللعب بالمياه وسكبها ليصبح الوضع خطراً، بالإضافة إلى اللعب في الحمامات بالصوابين وغيرها من الأمور، وما يزيد الغضب أن والدتهم لا تمنعهم أو توجه أي عبارة ردع ليتوقفوا، وعندما تغادر يستهلك منا تنظيف البيت 3 أيام أنا وأخواتي بالكلوريكس والفلاش والمنظفات ليعود البيت نظيفا؛ بسبب القذارة التي خلفوها.
منهج الذوق وعدم الضرر
وتقول ليلى عبدالله : هناك الكثير ينتقدونني؛ كوني لا أصطحب أبنائي معي في المناسبات النسائية وحفلات الزفاف، فأنا على قناعة بأن منزل الضيوف ليس ملاهي، وأنا أعرف كيف أرفّه أبنائي عن طريق اصطحابهم للأماكن الترفيهية والفعاليات المفيدة؛ حتى يستهلكوا طاقتهم فيه، ومن قلّة الذوق أن أجعلهم يمارسوا طفولتهم في بيوت الناس، وأن أجعلهم يستمعوا إلى الحوارات النسائية، التي لا تتناسب مع أعمارهم.
وعندما لا يكون لديّ أحد لكي يمكث معهم أمتنع عن ذهابي وأعتذر إلى صاحبة الدعوة حتى لو أصرّت أن أحضرهم، لأن الأطفال بطبيعتهم يحبون الحركة فظلمٌ لطفولتهم أن أمنعهم طيلة ساعات الزيارة من التحرك وقلّة ذوق بأن أجعلهم يسرحوا ويمرحوا في بيوت الضيوف. وبسبب هذه القناعة امتنع الكثيرون عن زيارتي؛ كوني أمتنع عن الحضور بسبب عدم قدرتي للحضور وتلبية دعوتهم عندما أمرّ بظرفٍ مشابه، والأمر لم يؤثر في البتّة، فأنا أنتهج الذوق وعدم الضرر في كل تصرفاتي.
والأمر المضحك أنه اتضح لي مؤخراً أن هناك أشخاصا يتعمدون إحضار أبنائهم معهم في المناسبات رغم علمهم أن صاحبة الدعوة لا تحب وجود الأطفال، وقد تلمّح بذوق أنه من الأفضل عدم إحضارهم، لكن يتعمدون ذلك مع عدم منعهم أيضاً من التوقف عن الازعاج أو تسبيب الضرر في ارجاء المنزل، موضحةً أن هؤلاء السيدات لا يعلمن أنهن يسيئن إلى أنفسهن ويعطين انطباعاً للضيوف بأنهن فاقدات للسلطة تجاه أبنائهن وغير قادرات على تربيتهم تربيةً صحيحة.
سعادتي انقلبت تعاسة
وأشارت لنا تهاني عمر عن مدى سعادتها وهي تحضّر لعزيمة في منزلها لمناسبة مهمة، لكن ما لبثت هذه السعادة أن انقلبت تعاسة عندما وصلت عائلةً من المدعوين قاموا بإحضار أطفالهم معهم، ليصبح المنزل النظيف والأنيق مرتعاً للأطفال الذين منذ وصولهم لم يكفوا عن إحداث الفوضى ورمي الأطعمة على الأرض والمفروشات، لأبدأ أنا وبناتي والخادمة في محاولة تدارك الوضع ومتابعتهم للتنظيف من ورائهم، فكان ذلك كفيلاً أن يُصيبني بالضجر في ظل أن أمهاتهن يقضين وقتاً ممتعاً مع السيدات الأخريات في الصالون.
الأمهات يبررن .. وباشا ينفي
وتجاه الأمهات اللواتي يبررن اصطحاب الأطفال إلى المناسبات والتجمعات النسائية بداعي أن هذه الأماكن تُكسب الأبناء مهارات التواصل مع الآخرين والحوار والتعلم من الكبار، وأن ذلك يجعلهم أكثر نضجاً، في هذا الشأن توجهنا إلى المستشار الأسري الدكتور محمد باشا لنعرف مدى نفع هذا السلوك من ضرره، فقال : لا ننصح تواجد الأطفال في مثل هذه المناسبات والاجتماعات؛ كون الحوارات والمواضيع التي يتم نقاشها لا تتناسب مع أعمارهم وإدراكهم.
وفيما يخص تبريرات الأمهات اللواتي يصطحبن أبناءهن إلى هذه الجلسات وعن فائدتها فقد نفي باشا أن تعود عليهم بأي فائدة، على خلاف الجلسات العائلية واصطحابهم إلى الأماكن الثقافية الترفيهية التي تحوي برامج وفقرات خاصة للأطفال وتنمّي مهاراتهم.
إتيكيت اصطحاب الأطفال
الخبيرة والمدربة في فن الاتيكيت الأستاذة أميرة الصايغ، وضحت أن هناك قواعد مهمة في إتيكيت اصطحاب الأطفال في الزيارات، منها أنه يعدّ من الذوق والتهذيب سؤال صاحبة المنزل واستئذانها بإمكانية اصطحاب أطفال الضيفة، ويجب التحلّي بروح رياضية في حال كانت الاجابة بالنفي؛ كون ذاك حق من حقوق صاحبة المنزل، ويكون السؤال في حال لم يكن موضح في الدعوة (عدم اصطحاب الأطفال) .
الاعتذار محرج
وفيما يتعلق بالدعوة من قبل صاحبة المنزل إلى المدعوات، فعندما تكون المدعوة ليس لديها من يُمسك أطفالها تستطيع الاعتذار موضحةً السبب، ونجد أن هناك من صاحبات البيوت يحرجن من الاعتذار، لكن من الإتيكيت أن لا يشعر أحد بالإحراج، لذلك تستطيع صاحبة الدعوة أن ترد بكل أريحية وبعيد أن تضغط على نفسها بأنها كانت تتمنى حضور الضيفة لكنها مقدرة لظروفها، وان شاء الله، تستطيع الحضور في فرصةٍ أخرى، خاصةً إذا كانت المناسبة والجو العام لا يتناسب مع وجود أطفال بمنزلها.
أمّا في حال أجابت صاحبة المنزل بالإيجاب تجاه اصطحاب أبناء المدعوة معها إلى منزل الداعية، فهناك جزءان يجب مراعاتهما؛ جزء خاص بصاحبة المنزل، وجزء خاص بالضيفة. فيما يخص الضيفة فإنه يجب عليها أن تعطي ابناءها مسبقاً بعض التعليمات والسلوكيات مثل الاستئذان وكلمات التهذيب والشكر وعدم احداث الفوضى والازعاج واحترام المنزل، وأن تحضر معها أدوات للتسلية مع مراعاة أن تكون بسيطة ولا تسبب فوضى أو ازعاجا. وفيما يخص صاحبة البيت فجميل لو كانت مساحة المنزل تسمح بتخصيص جزء للأطفال وتجهيز ألعاب بسيطة مثل اللوجو أو كراريس للتلوين.
ومن الأفضل على صاحبة المنزل عند تقديم الطعام أن تجهز مساحة خاصة للأطفال وتحضّر كل ما يحتاجوه حتى لا يكون الوضع مربكا، وتعطي انطباعا للزائرة أن أطفالها أنه مرحّبٌ بهم.