عرض وتحليل- حمد حميد الرشيدي
يقع هذا الكتاب الصادر، بطبعته الأولى، عن (دار مدارك) للنشر عام 2014م لمؤلفه معالي الدكتور ابراهيم بن محمد العواجي في حدود 200 صفحة من القطع العادي.
وهو خلاصة تجربة علمية وعملية استغرقت ما يزيد على نصف قرن من الزمان, قضاها المؤلف في هذا المجال الاقتصادي التنموي وادارته وتنفيذه على الصعيدين: العلمي الأكاديمي التنظيري والعملي الوظيفي التطبيقي, ابتداء من تخصصه في المرحلة الجامعية بـ (الاقتصاد والعلوم السياسية) بجامعة الملك سعود بالرياض, وحصوله على شهادة (البكالوريوس) في هذا المجال عام 1964م- كما ذكره المؤلف نفسه في “المقدمة”- ثم سفره – فيما بعد – الى الولايات المتحدة الامريكية , واشتراكه ببرنامج عن “ادارة المشاريع” بجامعة ” بتسبيرغ” وحصوله على درجة “الماجستير” عن رسالته المعنونة بـ “ادارة التنمية بالمملكة العربية السعودية “من الجامعة ذاتها , ومرورا بحصوله على درجة “الدكتوراه” من جامعة “فرجينيا” عام 1971م عن رسالته المعنونة بـ ” البيروقراطية والمجتمع السعودي” وانتهاء بعودته الى أرض الوطن ,بعد أن أنهى تعليمه الأكاديمي للعمل في القطاع الحكومي, وتنقله – كموظف في القطاع العام – بين عدة أجهزة من وزارات الدولة.
ويتطرق المؤلف في (التقديم) الذي تصدر صفحات كتابه هذا الى الهدف الذي يسعى لتحقيقه من خلال هذا الكتاب بقوله:” ليس الهدف من هذه الاضاءات عن الادارة العامة بالمملكة ودورها في عملية التنمية المتسارعة استعراض الأنظمة والهياكل الادارية والانجازات الكثيرة التي حققتها بمقياسها الزمني منذ توحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، يرحمه الله، وليس لإعداد مرجع أكاديمي عن الادارة بكل تفرعاتها والمفاهيم الادارية السائدة فهذا شأن الأكاديميين المختصين, لكن الهدف الرئيس النابع من ايماني بالدور الكبير للإدارة في تحقيق أهداف وسياسات التنمية التي تطمح لها القيادة العليا للبلاد هو تسليط الضوء على الجوانب السلبية لهذا الدور وأسبابه حسب رؤيتي التي تحتمل الخطأ والصواب” .المقدمة : ص11.
ويستأنف المؤلف حديثه في الموضع نفسه من” التقديم” موضحا العلاقة القائمة بين التنمية والادارة, وكأنه يشير للقارئ بالربط بين عنوان الكتاب ومحتواه, على نحو تشبيهي, يرصد تلك العلاقة التنظيمية المشتركة بين ( التنمية) و(الادارة) وآليتها ,حين وصف الأولى منهما أنها تسير على عربة الثانية. بقوله:” انني أدرك من خلال الممارسة أن عملية التنمية تسير على عربة الادارة وليس بالإمكان أن تتحقق رغم توفر العناصر الأخرى الأساسية كالثروة والارادة السياسية. لقد حرصت على ابراز هذا الدور من جهة وعوامل الضعف التي أعاقت انجاز هذا الدور أملا في أن تجد هذه الملاحظات طريقها لأصحاب القرار لمحاكمتها واخضاعها للفحص والتقويم وصولا الى تصحيح الوضع بما يمكنها أي ” الادارة” من أداء دورها المفقود في علاقتها بعمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية”. الكتاب: ص9+ص10.
ويضيف في موضع لاحق من الكتاب , متحدثا من واقع معرفته العلمية وتجربته العملية الشخصية , حول هذا الموضوع قائلا:”ان هدفي من استعراض هذه الموضوعات الواردة في المقدمة هو التمهيد لما سيتبعها من استعراض لقضايا الادارة والتنمية أملا بأن يكون في استيعابها ما يسهل معرفة الخلفية التي انطلق منها في تقييم ونقد النظام الاداري باعتباري جمعت بين الخلفية العلمية والممارسة العملية وملاحظاتي مستقاة من تجربتي”. الكتاب: ص20.
ومن أهم الموضوعات ذات العلاقة التي تناولها المؤلف في الكتاب وجاءت موزعة على صفحاته نذكر منها:التنمية وعربة الكرو- لمحة تاريخية عن الادارة العامة بالمملكة – الاصلاح الاداري بالمملكة – القيادات الادارية – مراكز القوى – الخطط الخمسية – الأنظمة والاجراءات – المركزية والبيروقراطية- التعليم والتدريب الفني – أجهزة الرقابة.
وفي ختام حديثي عن هذا الكتاب القيم, المتميز في مجاله ,تجدر الاشارة – مجددا – الى ما أورده المؤلف في الصفحة رقم 30 من المقصود بـ ( عربة الكرو) منوها عن بطء حركة هذه العربة المتمثلة بالإدارة الحكومية في الوقت ذاته الذي تتسارع خلاله حركة التنمية (في زمن السرعة والتحديات المصاحبة لعامل الوقت الذي يحتاج الى سرعات قياسية جديدة تتسابق نحو معدلات سرعة الضوء , وهو ما تعيشه الانسانية في هذا الزمن , لأن (الادارة الحكومية هي عجلة أو عربة التنمية التي بواسطتها تنفذ مشاريع التنمية) على حد تعبير المؤلف.