عرض وتحليل/حمد حميد الرشيدي
يقع هذا الكتاب الصادر بطبعته الأولى عام 2009م عن (دار الفارابي) ببيروت, لمؤلفه الدكتور أحمد بن سعيد الحريري في 590 صفحة من القطع الكبير, وهو في الأصل عبارة عن دراسة علمية حاول صاحبها جاهدا أن يوفر للباحثين من خلالها اطارا مرجعيا عاما لتلبية احتياجاتهم العلمية المنهجية. انه كتاب تقوم دراسته – أساسا – على فكرة مفادها أن الأشخاص الذين يتعرضون لحالات من العنف والجريمة , مثل التحرش الجنسي والعنف الأسري والاغتصاب يعانون من بعض الاضطرابات النفسية المختلفة . وهذا بالطبع مثبت من خلال الدراسات العلمية والملاحظات العيادية بحيث يتم اكتشاف هذه الاضطرابات النفسية وأنواعها وتصميم برنامج علاجي نفسي لهؤلاء الضحايا على حد تعبير المؤلف وكما جاء في مقدمة الكتاب.
هذا وقد قام المؤلف بتقسيم مادة كتابه الذي بين أيدينا الآن الى خمسة فصول , كانت على النحو التالي:
-الفصل الأول: تناول فيه مقدمة البحث , ومشكلاته , وأهدافه وأهميتها ومصطلحاته العلمية.
– الفصل الثاني : وقد ركز الباحث من خلاله على الأطر النظرية لموضوع هذا البحث وذلك بإعطاء القارئ خلفية معرفية عن أهم المتغيرات ذات الصلة والمتمثلة في ضحايا العنف والجريمة, وتعاريفها وتصنيفاتها.
– الفصل الثالث : قام الباحث المؤلف خلال هذا الفصل باستعراض الدراسات السابقة في مجال هذا البحث أو تلك الدراسات المماثلة أو القريبة منه مقسما هذه الدراسات الى ثلاثة أنواع, ومتناولا كل نوع منها على حدة بالشرح والتحليل.
– الفصل الرابع : وفي هذا الفصل تناول الباحث فروض البحث والمنهج العلمي الذي استخدمه في دراسته والتصميم التجريبي, بالإضافة إلى تناوله لعينة البحث ومواصفاتها , وكيفية التحقق من تجانس أفراد العينة وأدوات البحث المستخدمة واجراءات اعدادها العلمية, بحيث أعطى الباحثين في نهاية هذا الفصل نفسه فكرة عملية عن كيفية اعداد المقاييس النفسية والبرامج العلاجية قبل اعتماد استخدامها.
– الفصل الخامس: وهو الفصل الأخير من الكتاب. ولعل هذا الفصل هو خلاصة الموضوع الذي أراد من خلاله الباحث المؤلف – في نهاية المطاف – أن يقارن بين النظرية والتطبيق في جميع ما جاء في كتابه وما ورد في فصوله السابقة اذ استعرض نتائج البحث التجريبي المتمثلة في التحقق من صحة الفروض, واختبار فعالية برنامج العلاج النفسي المقترح , وذلك لخفض درجة بعض الاضطرابات النفسية التالية للصدمة عند ضحايا العنف والجريمة.
وفي ختام الحديث عن هذا الكتاب أقول: انه يعد – في الحقيقة – كتابا هاما للغاية ومن الكتب القيمة جدا في مجالها , وخاصة بالنسبة لأولئك الباحثين والدارسين, والمختصين بعلم النفس الجنائي, والبحث في علوم الجريمة وأسبابها ونتائجها وآثارها. كما تعود قيمته وفائدته لأسباب عدة أهمها أن مؤلفه أحد المختصين في هذا المجال فهو يتحدث من واقع عمله وخبرته في مثل هذه المسائل لسنين طويلة, وقد قدم أطروحته في درجة (الدكتوراه) في (العلاج النفسي الجنائي) ولذلك جاء كتابه هذا مزيجا من النظرية والتطبيق والمقارنة فيما بينهما مستندا الى مرجعيات علمية كثيرة لا يستغني عنها أي باحث أو دارس وهذا مما أعطى بحثه هذا ثراء وغنى واسعا جمع فيما بين التخصص الأكاديمي والمهني والعلمي والعملي والنظري والتطبيقي في وقت واحد.