أرشيف صحيفة البلاد

في محاضرة بمركز الملك فيصل للبحوث.. مفكر استراتيجي بريطاني يستعرض تطور أساليب وتقنيات الحرب

الرياض – البلاد

نظم مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية محاضرة بعنوان: “مستقبل الحروب: تاريخ”، قدمها العميد السابق للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية البريطانية، السير لورانس فريدمان، في حضور صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، وسط حضور عدد من الأكاديميين والدبلوماسيين والمهتمين.

وناقش السير لورانس فريدمان، وهو أحد أبرز المفكرين العسكريين والاستراتيجيين في بريطانيا، كتابه الجديد (مستقبل الحرب: تاريخ) ، من خلال طرح عدة أسئلة حول مستقبل الحروب، وطريقة تناولها في النقاشات السياسية، والتحليلات الاستراتيجية، ومنها: أين تكمن مخاطر الحروب الجديدة؟ ما الخطط التي قد يضعها المتحاربون في الحسبان؟ ما هي أفضل أشكال الدفاع؟ وكيف يمكن الحفاظ على السلام أو حل النزاع؟

وبدأ فريدمان محاضرته بتسليط الضوء على الكتابات السابقة عن الحرب ومستقبلها وكيف تمت معالجتها، وكيف يمكن أن تُحارب الحرب وما هي فرضياتها، وما هو الفرق الذي يمكن أن تأتي به الأسلحة الجديدة، وآثار الحرب المدمرة على الأرواح والممتلكات والحضارات، وفرضيات تحول الحروب إلى حروب نووية، مستعرضا التغيرات التي طرأت على أفكار وأساليب وتقنيات الحرب منذ الحربين العالميتين وصولا إلى السبعينات والثمانينات الميلادية. والنهج المغاير للخطط المتعلقة بالحرب الذي يطرحه من خلال كتابه الجديد، ويتضمن أفكاراً حول أسباب الحروب واستراتيجياتها، من خلال مناقشة استعدادات الحربين العالميتين، ودخول العصر النووي، ومعضلة الحروب الأهلية التي أصبحت محور النقاش عقب انتهاء الحرب الباردة، وصولًا إلى الاهتمامات الحالية بالحروب السيبرانية.

وقال فريدمان إن غالبية الحروب الكبيرة تنبع من نزاعات وحروب داخلية وعنف داخل البلدان قبل تحولها إلى حروب كبرى، مؤكدا على أن أهم ما في المستقبل هو جاهزية الدول الكبرى للتدخل، عند حدوث الصراعات، لحماية حدودها أو حلفائها الداخليين. وأن أحد الأسباب الرئيسيّة لعدم دفع الحروب من قبل الدول الكبرى، هو الخوف من التصعيد النووي، وقال أن الحروب صارت بصورة منتظمة أكثر فتكا والحروب المستقبلية ستكون أكثر كثافة.

ونوه فريدمان بأن الولايات المتحدة تبقى القوة الوحيدة القادرة على الوصول العسكري التقليدي لأي مكان بالعالم. وتساءل المحاضر إلى أي مدى ستلعب الولايات المتحدة في الصراعات المستقبلية، إضافة إلى التأثير الذي يمكن ان تصنعه دول مثل الصين وروسيا.

وتطرق العميد السابق للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية البريطانية إلى عنصر ومفهوم “الهجوم المفاجئ” أو “الضربة الأولى” في قاموس الحروب، والذي يعني الإمساك بزمام المبادرة، ودور هذا العنصر في حسم الحروب وإنهائها بسرعة، وترجيح كفتها لطرف ضد طرف آخر، وتجنب حالة الانتقام، وحرب الاستنزاف الطويلة والبطيئة، مشيرا إلى أن نتائج الهجوم المفاجئ غير مشجعة دائما، والأمثلة كثيرة أبرزها الحرب العراقية الإيرانية، وغزو العراق لدولة الكويت، والاحتلال الروسي لجزيرة القرم.

وأوضح فريدمان خلال محاضرته أنه ومنذ بداية التسعينات كان الاعتماد الأكبر على الخدمات الأساسية بالنسبة للشبكات الرقمية تحسبا لهجوم إلكتروني ضد البنية التحتية الأساسية المكشوفة مثل الطاقة والبنوك، وهذا من الناحية الفنية مختلف عن المهام العسكرية التقليدية، وقال إن الهجوم السيبراني والذي قد يمثل هجوما مفاجئا، لا يقود إلى احتلال الأراضي، لذا يتوقع من الخصم الرد، وليس الخطر من هجوم واحد، بل سلسلة من الأحداث مثل اختفاء الخطوط بين المجالين العسكري والمدني، وأكد أن الهجوم السيبراني لا يعني حربا كاملة، بل محدودة ولا تعني الانتصار أيضا.

يُذكر أن السير لورانس فريدمان عمل أستاذًا في قسم دراسات الحرب في كلية كينجز من 1982م – 2014م، وكان نائبًا لرئيس الكلية من عام 2003م – 2013م. تلقَّى تعليمه الأوّليّ في مدرسة ويتلي باي الابتدائية، والجامعي في جامعات: مانشستر، ويورك، وأكسفورد. وقبل انضمامه إلى كلية كينجز شغل منصب مدير إدارة البحوث في كلية ناتفيلد في جامعة أكسفورد، والمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS، والمعهد الملكي للشؤون الدولية. وعُيّن مؤرخًا رسميًّا لحملة جزر فوكلاند عام 1997م، وفي شهر يونيو عام 2009م أصبح عضوًا في التحقيق الرسمي المتعلق ببريطانيا وحرب العراق عام 2003م.

وتأتي هذه المحاضرة ضمن برنامج المركز الدوري المتمثل في تنظيم الندوات والمحاضرات وورش العمل، واستضافة الخبراء والمتخصصين لمناقشة مختلف القضايا الفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية المعاصرة.