مثل ناظر مدرسة يوجه التلاميذ المشاغبين بدأ مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا محادثات السلام في جنيف قبل أيام ..
بتنبيه الأطراف المتحاربة إلى أن تحسن التصرف وتتعامل مع بعضها البعض باحترام متبادل.
لكن وبعد خمسة أيام من انطلاق أحدث محاولة لإنهاء الصراع السوري لم يظهر تأثير يذكر للقواعد التي سعى دي ميستورا لتطبيقها.
وجاء في أول نقطة بورقة العمل التي وزعها الدبلوماسي البالغ من العمر 70 عاما بهدف عقد اجتماعات تتسم بالتحضر والسرية:
“ينبغي لكم احترام توجيهاتي فيما يتعلق بسرية الاجتماعات والوثائق والمحادثات والاتصالات.”
وتقول النقطة الثانية “عليكم احترام الآخرين الذين يحضرون هذه المناقشات. لا يحق لأحد التشكيك في شرعية الآخرين.”
لكن في افتتاح الاجتماعات يوم الخميس وهي أول لقاء مباشر بين الجانبين تحت مظلة الأمم المتحدة منذ عام 2014 كانت التوترات بين المشاركين واضحة.
وصل وفد الهيئة العليا للمفاوضات الكيان الرئيسي للمعارضة والتي تحظى بدعم سعودي متأخرا.
وقالت مصادر من المعارضة وأخرى دبلوماسية:
إنه كان هناك قدر من الاستياء بشأن المساواة بين الهيئة وفصائل أصغر في حضور الجلسة الافتتاحية.
ورتبت الأمم المتحدة جلوس وفود المعارضة إلى جوار بعضها البعض لكن على طاولات منفصلة لتواجه في الجهة المقابلة بشار الجعفري رئيس وفد الحكومة السورية.
وبعدما فرغ دي ميستورا من خطابه الذي دعا فيه إلى التعاون أحجم الحضور عن التصفيق.
ومضى الرجل يصافح جميع الأطراف بعد كلمته الافتتاحية .
ولكن وبينما أخذ يحيي ممثلي المعارضة كان ممثلو وفد الحكومة قد هموا بالخروج ولم يلتفت له أي منهم.
ومنذ ذلك الحين لجأ دي ميستورا إلى التنقل بين المعسكرات المتخاصمة في محادثات غير مباشرة.
كما فعل في الجولة السابقة التي جرت قبل عشرة أشهر ولم يحاول الجمع بين الأطراف في نفس القاعة مرة أخرى.
* نقص الثقة
أوضح الدبلوماسي المخضرم منذ بداية المحادثات أن نقص الثقة هو العائق الرئيسي أمام التقدم نحو السلام في سوريا.
التي أودت الحرب فيها بحياة مئات الآلاف وتسببت في تشريد الملايين منذ عام 2011.
وقلل دي ميستورا من التوقعات بتحقيق انفراجة كبيرة.
وحملت ورقة العمل المؤلفة من أربع صفحات هدفا آخر أكثر تواضعا لوضع أسس لجولات جديدة من المحادثات تتطرق إلى قضايا أعمق ومنها الحكم والدستور الجديد والانتخابات.
وتهيئة مناخ متحضر كان جزءا من الخطة.
وجاء في ورقة العمل “ينبغي الالتزام باللغة والسلوك اللائقين وتجنب أساليب الهجوم العدوانية والمهينة والتحريضية أو الهجوم الشخصي داخل الاجتماعات وخارجها.”
لكن التطورات الميدانية جعلت الالتزام بهذه التوجيهات أمرا صعبا.
واستهدف مهاجمون انتحاريون مجموعة من أفراد قوات الأمن في مدينة حمص يوم السبت.
وشنت الحكومة ضربات جوية على مناطق تسيطر عليها المعارضة.
دفع ذلك الجعفري لإعلان الموقف الذي تتبناه دمشق دائما وهو وصف كل جماعات المعارضة:
بأنها إرهابية والهجوم المبطن على دي ميستورا.
وقال الجعفري إن محاربة الإرهاب تعني التعامل مع من يرعون الإرهاب وليس دعوتهم للجلوس في الصف الأمامي بالجلسة الافتتاحية للمحادثات.
ونددت المعارضة بالهجوم لكنها اتهمت الحكومة بمحاولة استغلاله كذريعة لتعطيل المحادثات.
وعند سؤاله عن دعوة دي ميستورا للالتزام بالاحترام المتبادل قال مسؤول بالمعارضة لرويترز “نحن هنا من أجل احترام احتياجات الشعب السوري.”
وفي ظل الإشغال الكامل لغرف الفنادق اعتبارا من الأسبوع المقبل نظرا لانطلاق معرض جنيف للسيارات في التاسع من مارس آذار يتوقع الدبلوماسيون أن يصمد دي ميستورا حتى مطلع الأسبوع القادم على الأقل رغم المناخ غير الواعد.
وقال دبلوماسي غربي كبير “إنه يتحدث بأقل قدر ممكن لأنه تعلم أن يكون حريصا” ويريد تجنب المواقف التي لا داعي لها.
وتابع قائلا “إنه يسير على حبل مشدود لأن الكل يسعون لمهاجمته.”