دولية

في عملية راح ضحيتها أكثر من 39 شخصا .. اسطنبول (الموعودة بالإرهاب) … تستقبل العام كما ودعته

اسطنبول ـــ وكالات

في استقبال عام 2016 ووداعه، كانت الهجمات حاضرة في اسطنبول، أكبر مدينة تركية من حيث عدد السكان، كاشفة عن المخاطر التي يتعرض لها البلد المحاصر بمحيط إقليمي مضطرب.

فكما أن العام المنصرم شهد في نهايته اتفاقا لوقف القتال في جميع أنحاء سوريا، رعته موسكو وأنقرة، فإن العام ذاته شهد انخراطا تركيا أكبر في الحرب الدائرة في جارتها سوريا، دعما للمعارضة على حساب الأكراد، وتنظيم “داعش”، كما هو معلن.
وفي اليوم الأخير من 2016، قتل 39 شخصا، وأصيب نحو 69 آخرين في هجوم كبير، عندما فتح مسلح النار داخل ملهى ليلي شهير في اسطنبول، لتودع المدينة العام بأسوأ طريقة ممكنة، شبيهة بما حدث في بدايته.
ففي 12 يناير قتل 13 شخصا وأصيب نحو 15، في تفجير انتحاري بحي السلطان أحمد- المنطقة السياحية التي تعج دائما بالسياح وسط اسطنبول- ونسب الهجوم إلى تنظيم “داعش”. وفي 19 مارس كان شارع الاستقلال الشهير أيضا في اسطنبول، مسرحا لعملية أخرى، حيث فجر انتحاري تركي تأثر بـ”داعش” نفسه ليقتل 4 أشخاص، ويصيب العشرات أغلبهم من غير الأتراك.
وعاد سلاح السيارات المفخخة إلى اسطنبول مجددا في 7 يونيو، عندما قتل 12 شخصا معظمهم شرطيون، وأصيب أكثر من 50 آخرين، في تفجير استهدف حافلة للشرطة قرب مبنى جامعة اسطنبول، في حي بايزيد.

وبعد أيام أعلنت جماعة “صقور حرية كردستان” المنشقة عن حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، مسؤوليتها عن الهجوم.
أما أسوأ الهجمات التي شهدتها المدينة خلال عام 2016، فقد كان ذلك الذي استهدف مطار أتاتورك في 28 يونيو، في تطور نوعي لعمليات تنظيم “داعش”، كشف خللا أمنيا كبيرا في البلاد، وأثار استياء بين الأتراك.

وأدى التفجير إلى مقتل 45 شخصا على الأقل من 9 جنسيات بخلاف التركية، وإصابة أكثر من 230 آخرين، في أكبر حصيلة من الضحايا تشهدها اسطنبول خلال العام.
وفي وقت لاحق كشفت السلطات التركية عن تفاصيل دخول منفذي الهجوم، وهم روسي وأوزبكي وقرغيزي، إلى تركيا قادمين من مدينة الرقة، معقل “داعش” في سوريا، وفي حوزتهم سترات ناسفة ومتفجرات.
إلا أن الزخم الذي أحدثه هذا التفجير سرعان ما تلاشى، مع انشغال السلطات التركية بتداعيات إحباط محاولة انقلاب على نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي اتهم فتح الله غولن بالوقوف وراءه.

وفي 11 ديسمبر أطلت جماعة “صقور حرية كردستان” مجددا إلى اسطنبول، بهجوم مزدوج على ضاحية بشكتاش أدى إلى مقتل أكثر من 40 شخصا، وإصابة 166 على الأقل.

ولجأت الجماعة الكردية إلى تكنيك جديد في الهجوم الذي وقع قرب ملعب بشكتاش، حيث انفجرت سيارة مفخخة وبعد أقل من دقيقة هاجم انتحاري الجموع المذعورة من الانفجار.
فيما اعتبر الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن الهدف من هجوم إسطنبول، الذي خلف 39 قتيلا وعشرات الجرحى، هو “نشر الفوضى” في البلاد.
وقال أردوغان في بيان أصدرته الرئاسة: “يعملون من أجل تدمير المعنويات، ونشر الفوضى في البلاد، من خلال استهداف مدنيين بهجمات حاقدة كهذه”، وذلك في أول رد فعل له على الاعتداء.
وجاءت بيان الرئيس التركي بعدما أعلن وزير الداخلية ، سليمان سويلو، ارتفاع حصيلة الهجوم على الملهى الليلي في اسطنبول إلى 39 قتيلا من بينهم 16 أجنبيا، فيما لا يزال البحث جاريا عن منفذ الهجوم الذي تنكر في زي “بابا نويل”.
وأضاف سويلو: إن الاعتداء أوقع أيضا 69 جريحا، من بينهم 4 إصاباتهم خطيرة، وقال: “أعمال البحث عن الإرهابي لا تزال مستمرة، وآمل أن يتم القبض عليه سريعا”.

وأطلق المهاجم النار على ضابط شرطة ومدني، وهو يدخل الملهى الليلي قبل أن يفتح النار بشكل عشوائي في الداخل.

وقال حاكم اسطنبول، واصب شاهين: “إرهابي بسلاح بعيد المدى نفذ هذا الهجوم بوحشية وهمجية بإطلاق النار على الأبرياء الذي يحتفلون فحسب بالعام الجديد”.
وقالت محطة (سي.إن.إن ترك) التلفزيونية: إن حوالي 500 إلى 600 شخص كانوا داخل الملهى الليلي فيما يبدو عندما وقع الهجوم حوالي الساعة 1:15 صباحا (22:30 بتوقيت غرينتش)، وقفز بعض المحتفلين في المياه هربا من إطلاق النار، وقامت الشرطة بإنقاذهم.
وأظهرت لقطات تلفزيونية سيارات إسعاف وعربات للشرطة تقف خارج الملهى الليلي في حي أورتاكوي بأكبر المدن التركية، ويقع على الجانب الأوروبي لخليج البوسفور الذي يقسم إسطنبول.
وكشفت وزيرة تركية أن مواطنين عربا من بين ضحايا هجوم إسطنبول، ونقلت وكالة رويترز عن وزيرة الأسرة فاطمة بتول سايان كايا، قولها: إن ضحايا من السعودية والمغرب ولبنان وليبيا سقطوا في هجوم إسطنبول.

كما أكدت الخارجية الأردنية أن 3 من مواطنيها قتلوا، وأصيب 4 آخرون في الهجوم، من جهتها، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية: إن امرأة إسرائيلية من بين القتلى.

وبدأت شرطة اسطنبول أمس الأحد عملية بحث عن المسلح، وتحدث بعض الشهود عن وجود عدد من المهاجمين لكن السلطات لم تؤكد هذا الأمر.
وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو: إن هناك 15 أو 16 أجنبيا بين القتلى لكن تم التعرف على هوية 21 جثة فقط حتى الآن. وأضاف أن هناك 69 شخصا في المستشفى بينهم أربعة في حالة خطيرة.
وقال صويلو للصحفيين: “تجرى عملية بحث عن الإرهابي. بدأت الشرطة عمليات ونأمل في الإمساك بالمهاجم قريبا.”
ولقي الهجوم الإرهابي، إدانات دولية واسعة أكدت تضامنها مع تركيا في مكافحة الإرهاب.
ففي تغريدة نشرها على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، قال أمين عام حلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ: “2017، بداية مأساوية في إسطنبول. قلبي مع الشعب التركي وضحايا الهجوم الذي استهدف أناسًا يحتفلون بالعام الجديد”.
و أعربت الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، عن تضامنها مع أسر ضحايا الهجوم.
وقالت موغيريني: “سنواصل جهودنا للحيلولة دون وقوع مثل هذه الأحداث”، وذلك في تغريدة نشرتها على “تويتر”.

و قال مسؤول الهجرة والشؤون الداخلية والمواطنة في المفوضية الأوروبية، ديميتريس افراموبولوس: إنه شعر بـ”الفزع حيال الهجوم الذي استهدف الأبرياء في إسطنبول”.

وأعرب افراموبولوس في تغريدة نشرها بـ”تويتر”، عن تضامنه مع تركيا وأسر الضحايا الذي قضوا جراء الهجوم.
وفي بيان له، قال رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولتز: إن “الإرهابيين حولوا ليلة الاحتفالات إلى عنف وقتل ويأس”، معربًا عن تضامنه مع تركيا وإسطنبول.
أما مقررة لجنة العلاقات مع تركيا في الاتحاد الأوروبي، كاتي بيري، فأعربت عن حزنها الشديد حيال الحادث مؤكدة تضامنها مع تركيا.
وفي السياق ذاته قال وزير الخارجية النمساوي سيباستيان كورتس، في تغريدة عبر “تويتر”: “إسطنبول تستقبل العام الجديد بشكل مخيف”، معربًا عن تعازيه لأسر الضحايا.
من جانبه، قال وزير الخارجية البلجيكي ديدييه ريندرز: “بدأ العام الجديد في إسطنبول بالخوف. قلبي مع الضحايا وأسرهم والشعب التركي”.
و أعرب وزير خارجية فرنسا، جان مارك ايرولت‎، عن تضامنه مع تركيا “التي تعرضت لهجوم في هذه الليلة الرمزية”.
و أكد رئيس مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، نهاد عوض، تضامنه مع “المصابين وأسر الضحايا الذين قضوا على يد الإرهابيين في إسطنبول”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *