أرشيف صحيفة البلاد

في بيت كبير العائلة: الجداويون يجتمعون على سفرة الإفطار ويتسامرون في ليل جدة

جدة- حماد العبدلي
تتواصل أيام وليالي شهر رمضان الكريم  بطابع  خاص في مدينة جدة، التي تبدو خلال هذه الأيام الفضيلة “غير”. وهناك الكثير من المظاهر الاجتماعية التي اعتاد عليها أهالي جدة عبر الأزمنة، ويتمثل ذلك في مظاهر قد تبدو بسيطة ولكنها أكثر خصوصية حيث يبدأ الأهالي بتكديس المواد الغذائية وشراء الأواني المنزلية استعداداً للولائم التي تحلو مع نفحات شهر الصوم. ومن أشهر العادات الجداوية التجمعات العائلية في بيت كبير العائلة وتناول طعام الإفطار أو السحور جماعة وهذه السمة سائدة في معظم مناطق ومدن المملكة. كما يقبل الناس في هذا الشهر على شراء اللحوم بأنواعها منها ما هو خاص بالشوربة أو السمبوسة، إضافة إلى الفول الذي يعد طبقا رئيسا في المائدة الرمضانية. كما تعد الصيادية من أشهر الأكلات الأساسية في وجبة السحور خاصة لأهالي جدة. أما السوبيا فهو المشروب المفضل والأساسي في شهر رمضان المبارك والمسيطر على أغلب الموائد الرمضانية في جدة  وهي من أشهر المشروبات التي ترتبط برمضان وتعود عليها أهل جدة منذ القدم، أما الدبيازة فهي نوع من الحلوى المعروفة لدى أهل جدة.
مدينة جدة لا تنام على مدار اليوم حيث إن الحركة في الشوارع لا تهدأ وإن خفت في بعض الأوقات، فمثلاً تكون الشوارع مزدحمة قبل المغرب فتجد الزحام على الفوالين وبائعي السوبيا والشريك والكعك. وتهدأ الحركة عند أذان المغرب وكأن هذه المدينة لا يوجد بها أحد وتعود الحركة إلى الشوارع عند قرب أذان العشاء، فتجد أغلب الناس يستعدون لصلاتي العشاء والتراويح. ومن العادات المحببة إلى النفس في هذا الشهر الكريم تبادل العوائل المأكولات فيما بينها والتي يتم طبخها في المنزل. ومن المظاهر في الشوارع كثرة بسطات البليلة في الحارات والأزقة والأسواق، وأيضا بسطات الترمس والبطاطا المقلية، ويبدأ فرش البسطات بعد الإفطار. وهناك أيضاً بسطات تشبه المطعم المصغر على أرصفة الشوارع لتقدم أطباق الكبدة الجملي أو الضأني، ومن يقوم بالبيع في هذ البسطات هم من أبناء المنطقة نفسها. وارتبط شهر رمضان بالكثير من المناسبات والعادات والتقاليد الجديدة التي ظهرت ولم يكن العرب يعرفونها من قبل مثل شخصية “المسحراتي”. ومن المعروف أن لكل حي مُسحرا رمضانيا أو أكثر حسب مساحة الحي وعدد سكانه. ويبدأ المسحر عمله قبل موعد الإمساك بساعتين تقريباً، حيث يحمل طبلته ويبدأ رحلته في إيقاظ سكان الحي والحارة للسحور، ويستخدم “المسحراتي” في عمله طبلة تعرف بـ “البازة”، إذ يمسكها بيده اليسرى، وبيده اليمنى سير من الجلد أو خشبة يُطبل وهو يردد بعض الجمل التراثية مثل “قم يا نائم وحد الدائم” و”السحور يا عباد الله”. ورغم اختفاء الكثير من الفنون المرتبطة بالمسحراتي سواء في القرية أو المدينة إلا أن حكاية المسحراتي لا تزال مرتبطة بالذاكرة.