أرشيف صحيفة البلاد

في الندوة الثالثة المصاحبة لمعرض شاهد وشهيد بأبها .. الحميدي : الفيصل أدهش من حوله بشجاعته وحماسه وعزمه على تجاوز الصعاب

أبها : مرعي عسيري …
حضر رئيس مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية المشرف العام على معرض \" الفيصل ..شاهد وشهيد \" الأمير تركي الفيصل بن عبدالعزيز بقاعة الكريستال في فندق قصر أبها الندوة الثالثة المقامة على هامش المعرض الذي يختتم أعماله الأحد المقبل . وألقى الندوة تحت عنوان \" مظاهر النبوغ وملامح النجابة في شخصية الملك فيصل \" أستاذ التاريخ الإسلامي المشارك في جامعة الملك خالد الدكتور سعد الحميدي ، وأدارها المشرف على كرسي الملك خالد للبحوث العلمية بجامعة الملك خالد بابها الدكتور حسن الشوكاني .
وتناول الحميدي خلال الندوة التي حضرها عدد كبير من أساتذة التاريخ والمثقفين والمهتمين بسيرة الملك الراحل نشأة الملك فيصل منذ وفاة والدته طرفة بنت عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ بعد ولادته بخمسة أشهر ، حيث تكفلت جدته لأمه \" هيا المقبل \" برعايته وعوضته الكثير من حنان أمه التي فقدها وهو في سن صغيرة .
وأضاف المحاضر أن جد الملك فيصل لأمه الشيخ عبدالله بن عبداللطيف تولى تلقين الفيصل وهو في السادسة من عمره مبادئ العلم الشريف والدين الحنيف وعلمه الفقه والتشريع والتاريخ ، ودرسه سير الخلفاء الراشدين وتطور الممالك الإسلامية ، حيث بانت على الملك فيصل علائم النجابة والذكاء من حداثته ، وسار يسابق الزمن في نضجه العقلي ، واكبها قوة حدسه وتفكيره ، فيما لم يهمل في تربيته الجانب البطولي لحياة الصحراء من ركوب الخيل والرمي ، إذ امتطى ظهر مهر بدون سرج ، وغاص في أعماق بئر كبيرة ، ومشى حافي القدمين . ولفت المحاضر أن تربية الملك فيصل كانت مزجا من الثقافة الدينية والسياسية والاجتماعية ، كما كان يدهش من حوله بشجاعته وحماسة وقوته وعزمه على تجاوز الصعاب ، في حين أن رحلاته لم تكن لهوآ بقدر ماكانت جادة ، حيث أخذ الفيصل عن أبية حسن التصرف والصبر والكتمان وضبط النفس وعزة النفس . وأوضح المحاضر أن الملك عبدالعزيز توسم في ابنه الفيصل الكثير بعد أن لمس فيه العديد من المواصفات ، فأحب أن يتخذه عوناً له، ويعده أفضل إعداد لتسلم مقاليد الحكم في البلاد، فقرر اغتنام المناسبات والفرص بإرساله إلى البلدان الغربية ليطلع على أحوال الأوروبيين ، فيما قرر الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه بعد مبايعة أهل الحجاز تشكيل مجلس تأسيسي وأوكل لنجله الفيصل
تشكيل الحكومة ووضع دستور البلاد مع عدد من أهل الخبرة والرأي السديد . وأشار المحاضر أن الملك عبدالعزيز أصدر مرسوماً يقضي بأن يكون نجله الفيصل نائباً له في الحجاز وهو في سن لم يتجاوز العشرين من عمره، حيث ظهرت كفاءته وإبداعاته في إدارة البلاد ، ثم أسند إليه والده رئاسة مجلس الشورى الذي خصص لوضع المشاريع والأنظمة والنظر في طائفة غير قليلة من الأعمال الإدارية والمالية مما ألقى على عاتق الفيصل مسئولية جديدة ، وبهذا أصبح الأمير فيصل نائباً عاماً للملك في الحجاز ورئيساً لمجلس الشورى في عام 1345 ، ثم تولى منصباً جديداً للخارجية حينما صدر الأمر الملكي بتحويل مديرية الشؤون الخارجية إلى وزارة الخارجية .
وقال المحاضر أن الملك فيصل قام في عام 1351 بحملة دبلوماسية وصفت بالنجاح الكبير في رحلته الثالثة المشهورة إلى كل من إيطاليا، فرنسا، بريطانيا، هولندا، ألمانيا سويسرا، بولندا، روسيا، تركيا ، إيران ، العراق ، فالكويت ، وأنجز مهمته بنجاح
باهر وكسب فيها صداقة تلك الدول ، وكسب ود دولته التي وقع بنفسه مرسوماً سماها المملكة العربية السعودية نائباً عن عبدالعزيز الذي منحه الثقة وفجر فيه الإمكانيات والطاقات . وتناول الحميدي خلال الندوة إبراز الجوانب المتميزة لشخصية الملك فيصل من خلال نجابته ونبوغه وسر عبقريته ، وتتبع تلك الأحوال والمواصفات منذ بواكير الطفولة وبدايات التكوين الحقيقية لشخصيته ، إضافة إلى إبراز المواقف والوقائع الدالة على ذلك منذ تعلمه في السادسة من عمره و مرورا بمراحل نموه وحتى بلوغه مرحلة القوة .
و استند الحميدي في الندوة على العديد من المصادر والوثائق وأقوال الأشخاص الذين اتصلوا بالملك الراحل في تلك المراحل العمرية المبكرة .
وكشف المحاضر خلال الندوة سر العظمة والتميز في شخصية الملك فيصل رحمه الله ، ورصد لسيرة أحد عظماء التاريخ في الجوانب السياسية والعلمية والثقافية لتساعد الأجيال والمربين على الاستفادة منها في إعداد جيل قادر على الإبداع . وفي ختام الندوة كرم الأمير تركي الفيصل عددا من الجهات والأفراد المساهمين في إنجاح فعاليات المعرض وهم كلا من : جامعة الملك خالد ، نادي أبها الأدبي ، الدكتور سعد الحميدي ، الدكتور حسن الشوكاني ، الشعراء أحمد التيهاني ، حسين النجمي ، أحمد بيهان ، عبدالرحمن عسيري ، رئيس نادي أبها الأدبي أنور محمد آل خليل ، فيما تلقى الأمير تركي الفيصل هدية تذكارية من المواطن محمد مطر المالكي وتتمثل في صورة نادرة للملك الراحل خلال تخريج دفعة عسكرية بمدينة الظهران ، وأخرى من مواطن آخر عن وثائق نادرة للملك الراحل .
إلى ذلك أكد مشهور الحمياني \" أحد مسؤولي اللجنة المنظمة للمعرض \" أن المعرض بات يشهد في أسبوعه الأخير إقبالا كبيرا من الزوار القادمين له من داخل وخارج منطقة عسير ، وأضاف الحمياني أن المعرض سيبدأ فعالياته في مدينة جدة اعتبارا من شهر شوال المقبل ، في الوقت الذي يغلق أبوابه أمام الزوار في مدينة أبها مساء الأحد المقبل .
وتوقع الحمياني أن يستقطب المعرض في أسبوعه الأخير أكثر من 15 ألف زائر بعد أن استمر على مدى شهر كامل ، شاهد فيه الزوار ما احتواه من خطب وكلمات وصور وكتب ومقتنيات خاصة بالملك الراحل ، ورصدوا ماحققه الفيصل رحمه الله من إنجازات محلية وعربية وعالمية ، إلى جانب مشاهدة الخطب النادرة للملك فيصل، والتسجيلات الصوتية التي تعرض لأول مرة ، وترصد في طياتها مشاهد للراحل خلال لقائه مع المواطنين، وقربه من شعبه وتعرفه عن كثب على مشاكلهم وتلمسه احتياجاتهم ، فيما تواصل اللجنة المنظمة مهامها يوميا لشرح محتويات المعرض لكافة الزوار ، وتقديم العديد من المطويات والكتيبات التي تحكي مسيرة الملك فيصل .